أميركا 106 مليارات دولار عجزاً في الموازنة لعام 2002

TT

واشنطن ـ ا.ف.ب: لم تعد الموازنات الحكومية الاميركية التي حققت فوائض مالية منذ عام 1998 على ما كانت عليه خلال تلك الاعوام التي تلت ذلك التاريخ، بل اصبحت تتجه الى الغرق اكثر فأكثر في العجز بسبب التأثيرات المتراكمة للانكماش وتخفيضات الضرائب واعتداءات الحادي عشر من سبتمبر (ايلول) الماضي.

وكان البيت الابيض قد اعلن الاربعاء الماضي ان الادارة الفدرالية ستعلن عجزا بقيمة 106 مليارات دولار في موازنة عام 2002، و80 مليارا في عام 2003، بدلا من فائض بلغت قيمته 127 مليار دولار في عام 2001.

وتكشف هذه الارقام عن انقلاب شامل في سلامة الوضع المالي الفدرالي، فقد كانت ادارة الرئيس جورج بوش تتوقع، قبل عام بالتحديد، تسجيل فائض في موازنة عام 2002 بقيمة 231 مليار دولار واستمرار تحقيق فوائض ضخمة في السنوات العشر المقبلة بما يتيح امتصاص الدين العام.

واكد مدير الموازنة في البيت الابيض ميتشل دانييلز ايضا ان الموازنة الفدرالية ستبقى مدينة حتى عام 2004 على الاقل، اي طوال فترة رئاسة جورج بوش.

وكانت العودة الى الفوائض في الموازنة شكلت احد ابرز المكتسبات الاقتصادية للرئيس الديمقراطي السابق بيل كلينتون.

وعودة الوقوع في العجز الذي يبقى مع ذلك محدوداً بالمقارنة مع اجمالي الناتج الداخلي (حوالي 1 في المائة) تفسر خصوصا بالانكماش الذي يصيب الاقتصاد الاميركي منذ مارس (آذار) الماضي. ويؤدي انخفاض النشاط الاقتصادي الى الحد من العائدات الضريبية بشكل كبير.

واعتبر المحللون ان استئناف النمو سيبقى ضعيفا حتى نهاية هذه السنة على الاقل ولو ان الخروج من الانكماش متوقع في وقت قريب.

وتمثل زيادة النفقات المرتبطة بالحرب على الارهاب والتي تقررت في اعقاب اعتداءات 11 سبتمبر او تلك التي ستتقرر لاحقا، عاملا كبيرا آخر يقف وراء تدهور حالة الموازنات الحكومية.

واعلن بوش الاربعاء الماضي اكبر زيادة في الموازنة العسكرية في غضون عقدين. ووفقا لهذا الاعلان، سترتفع موازنة دفاع 48 مليار دولار في عام 2003، اي بزيادة 15 في المائة مقارنة بعام 2002.

واعلن بوش الخميس ايضا انه سيقترح مضاعفة الموازنة المخصصة للأمن الداخلي ورفعها من 5،19 مليار دولار الى 7،37 مليار دولار في مشروع موازنة عام 2003 الذي سيقدم رسميا في الرابع من فبراير (شباط) المقبل.

وتضاف الى الانكماش وارتفاع النفقات الامنية، على حد ما يقوله الديمقراطيون، عواقب البرنامج الواسع لخفض الضرائب 1350 مليار دولار على مدى 11 عاما ، الذي قررته الادارة الجمهورية العام الماضي.

واكد الديمقراطي كنت كونراد، رئيس لجنة الموزانة في مجلس الشيوخ «حتى ولو لعب الانكماش والحرب على الارهاب دورا في تدني الفوائض المالية على المدى القصير، الا ان التخفيضات الضخمة للضرائب التي حصل عليها الرئيس بوش في الربيع الماضي هي السبب الاساسي للتدهور التام لموازنتنا».

ويرفض البيت الابيض هذا الطرح رفضا تاما ويقول ان تخفيض الضرائب سينعش النمو الاقتصادي ويزيد بذلك من عائدات الموازنة.

وبعيدا عن هذا الجدل، فان عودة العجز الى الموازنات قد تكلف الاميركيين غاليا لانها قد تؤدي الى عصر النفقات الاجتماعية ودفع الدولة التي تحتاج الى المال، الى الاستعانة بصناديق الضمان الاجتماعي (اموال المتقاعدين) لتمويل نفقاتها.

وقد حذر البيت الابيض من ان مشروع موازنة عام 2003 سيكون قاسيا جدا خارج اطار زيادة الانفاق على الامن.

والعاقبة الاخيرة هي ان العجز قد يتسبب برفع معدلات الفوائد على المدى الطويل وهو ما قد يكون مضرا باستئناف تحسن النمو الاقتصادي.