البنوك الأردنية قدمت مليار دولار لتمويل نشاط الإنشاءات في البلاد العام الماضي

فائض في الشقق المعروضة في العاصمة عمان لا يقلق المستثمرين والمساحات المرخصة للبناء في توسع

TT

يشهد سوق العقار في الاردن فائضا في الشقق والاراضي المعروضة للبيع وبخاصة خلال فصل الشتاء الذي تتراجع خلاله حركة البيع والشراء اضافة الى حقيقة ان المغتربين الاردنيين في الخليج، خاصة الذين يعودون الى الاردن خلال عطلة الصيف، يعتبرون المحرك الاساسي لسوق العقار وبخاصة في العاصمة عمان التي تشهد انشط حركة عقارية في الاردن. وخلال العام الماضي فان المساحات المرخصة لغايات البناء في الاردن بلغت نحو 4669 مترا مربعا حتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) بزيادة مقدارها 12 في المائة عن عام 2000 الذي كان عاما جيدا بالنسبة للسوق العقاري في الاردن وفقا لبيانات نقابة المهندسين الاردنيين التي تمنح تصاريح البناء. كذلك فان التسهيلات الائتمانية التي قدمتها البنوك التجارية لقطاع الانشاءات بلغت حسب مصادر البنك المركزي الارني حتى نهاية نوفمبر مبلغ 837 مليون دينار (مليار دولار) مقارنة مع مبلغ 744 مليون دينار تسهيلات قدمتها البنوك لقطاع الانشاءات خلال عام 2000 كاملا. وتنبهت العديد من المصارف والبنوك الاردنية الى الآثار السلبية التي قد تنجم عن استمرار الركود وربط اداء سوق العقار بموسم الصيف فباتت تقدم قروضا طويلة الاجل وبشروط اسهل مما كانت تقدمه في السابق لتساعد ذوي الدخل المحدود والمتوسط على امتلاك شقة او بيت صغير على ان يقوم المالك بدفع ما بين 20 الى 25 في المائة من قيمة العقار الذي يرغب بشرائه ويقوم البنك بدفع بقية المبلغ استنادا الى تخمين البنك على ان يتم رهن العقار الى البنك الدائن حتى يتم استرداد بقية المبلغ. وقد لاقت برامج اقراض السكن طويلة الاجل هذه استحسان المستهلكين الذين اقبلوا على الاقتراض لا سيما ان آجال القروض كانت الى ما قبل سنوات لا تتجاوز 7 ـ 10 سنوات باتت الآن تصل الى نحو 20 سنة.

ورغم العرض الكبير الذي يمكن ملاحظته في المدن الكبير مثل العاصمة عمان او اربد التي تعد ثاني اكبر سوق عقاري في الاردن فان حركة العمران تتواصل وبقوة من قبل الشركات العقارية التي تقوم ببناء وبيع الشقق او البيوت الى الراغبين بالتملك وفق آجال طويلة. وتراهن الشركات على ان الطلب سيعود الى دورة الصعود حسبما يقوله المهندس نضال مشعل من مكتب «الحازمية» العقاري. ويشدد مشعل، الذي تحدث الى «الشرق الأوسط» على ان اسعار الاراضي في المدن الرئيسية لم تشهد ارتفاعات كبيرة خلال السنوات الخمس الماضية باسثناء بعض المناطق المحددة في الاحياء الراقية من العاصمة عمان، ويعود السبب في ذلك الى حركة التوسع الافقي في حركة الاعمار التي زادت من المساحات المعروضة وبالتالي لم تشكل الزيادة في الطلب على الاراضي المخصصة للأغراض السكنية ضغطا على الاسعار، يضاف الى ذلك حقيقة ان هناك العديد من المساحات الصالحة للبناء والتي كان الكثير من المضاربين يؤجلون بيعها بهدف تحقيق ارباح، استنادا الى وتيرة صعود الارتفاع في اسعار الاراضي التي كان شهدها الاردن في اعقاب ازمة الخليج التي اسفرت عنها عودة نحو ربع مليون مواطن معظمهم اضطر لشراء عقار او بيت للاقامة فيه.

ولا يبدي المهندس محمد ياغي مدير وصاحب شركة «ياغي» العقارية تخوفه من عدم بيع الشقق المعروضة في احد احياء عمان الغربية، ويقول لـ«الشرق الأوسط» ان الكثير من المشترين يفضلون اللجوء الى لعبة الانتظار لاستغلال حالة ان السوق تعاني من زيادة في المعروض، وهذا بدوره يجب ان يساهم بخفض الاسعار. ورغم ان هذا فيه جانبا من الصحة لجهة ان بعض المقاولين وتحت ضغط الحاجة الى السيولة يمكن ان يبيعوا بأسعار اقل، فان هذا لا يشكل سلوكا في السوق حيث ان هناك كلفاً معينة لتشييد المتر الواحد وهامش ربح لا يمكن لجميع الشركات العقارية التنازل عنه اذا ما ارادت الاستمرار في عملياتها في السوق، الا ان ياغي يؤكد ان الاسعار خلال الاشهر القليلة الماضية شهدت تراخيا نسبيا لاجتذاب المترددين وهذا ايضا له بعض المضامين السلبية حيث ان المشترين يتوقعون المزيد من التراجع وهذا يمكن ان يفاقم ازمة السوق العقارية التي تعتمد الى حد كبير على سرعة دوران رأس المال.

بدوره فان المصرفي عزمي عويضة المتخصص في الشؤون العقارية يؤكد ان السياسات النقدية التي اتبعها البنك المركزي في السنوات الاخيرة ساهمت في انعاش حركة السوق العقاري. ويشير عويضة الى انه وقبل ثلاث سنوات فان مصرفين هما: بنك الاسكان للاستثمار والتمويل والبنك العقاري هما الوحيدان اللذان كانا يقدمان قروضا عقارية متوسطة الاجل، إلا ان ادخال برنامج دعم ذوي الدخل المحدود من قبل البنك المركزي والذي استند على ايداع البنك المركزي لوديعة بقيمة 50 مليون دينار (70 مليون دولار) يخصص عائدها لدعم قروض ذوي الدخل المحدود، ويصدر البنك المركزي شهادات لمن يمكن تصنيفهم من هذه الفئة حيث يساهم البنك بنحو 5 نقاط من اصل سعر الفائدة الذي يبلغ حاليا بالمتوسط على القروض العقارية طويلة الاجل حوالي 11 في المائة. ويؤكد عويضة ان سهولة الاستثمار والحصول على التمويل من جهات مختلفة ايضا سهل الدخول الى السوق العقاري من قبل صغار المستثمرين الذين يقبلون بهامش ربح اقل من الذي اعتادت على جنيه الشركات الكبيرة وهذا ساهم بانعاش المنافسة الايجابية في السوق وزاد من المعروض. يشار الى ان اسعار الشقق في الاردن في المدن الكبيرة مثل عمان وإربد تتراوح ما بين 10 و50 الف دينار حيث تعتمد هذه الاسعار على موقع الشقة او المنزل وعلى نوعية التشطيبات في الشقق المعنية وغيرها من العوامل. ولا تتوفر احصاءات رسمية او غيرها عن عدد الشقق الفارغة والمعروضة للبيع في السوق حيث تبدي العديد من الاطراف تحفظها على اعلان تلك الارقام التي تبقى في معظم الاحوال تقديرية.

=