دراسة: 82 في المائة من البنوك الخليجية ستطلق خدماتها المالية الإلكترونية خلال عامين

TT

أظهرت دراسة ميدانية حديثة حول مستقبل الخدمات المالية في دول مجلس التعاون الخليجي أن 82 في المائة من البنوك سيطلقون خدماتهم المالية الإلكترونية خلال عامين. وشملت الدراسة التي أجرتها شركة «أكسنتشر» أخيرا العديد من المديرين التنفيذيين في 52 شركة خدمات مالية عاملة في الخليج، وتم إجراء الأبحاث الميدانية في إبريل (نيسان) الماضي وأتمتها في يونيو (حزيران)، وقد تم تعريف مفهوم الخدمات المالية الإلكترونية بأنه أسلوب توفير الخدمات المالية مباشرة إلى العملاء بواسطة الإنترنت.

وأظهرت الدراسة أنه برغم مواقف البنوك المتحفظة تجاه نمو الخدمات المالية الإلكترونية لدى منافسيهم وأقرانهم، إلا أن معظمهم قد بدأ يولي اهتماما كبيرا بتطوير خدماتهم المالية المباشرة عبر الإنترنت. وأشارت الدراسة إلى الفجوة المتسعة بين ما يتوقع كل بنك أن يفعله هو ومنافسوه، إذ توقع 82 في المائة من المشاركين بأن بنوكهم ومؤسساتهم المالية ستبدأ بإطلاق خدماتها المالية المباشرة خلال عامين، ومن جهة أخرى توقع هؤلاء المشاركون بأن ربع منافسيهم فقط سوف يستطيع تقديم خدمات مالية مباشرة عبر الإنترنت بحلول عام .2004 وقال ماهر قدورة، الشريك والمدير الإداري لشركة «أكسنتشر» في الشرق الأوسط ان طبيعة الصناعة البنكية تفرض عليها الحذر عند تبني تقنيات جديدة أو اتباع أساليب حديثة في أداء الأعمال، خصوصا إذا كانت هذه التقنيات والأساليب لم يثبت نجاحها في الحياة العملية بعد، ولكنّ البحث يرسم صورة مغايرة لقطاع بنكي لا يخشى التجديد ويقف على مشارف تحول جيد، مبيناً ان هذا القطاع سوف يترك وراءه الأساليب التقليدية لتقديم الخدمات المالية ويندفع بقوة نحو الخدمات المعتمدة على الإنترنت.

وأضاف: إن هذا الحماس الظاهر الذي يغلب على المؤسسات التي تفكر في تبني الخدمات المالية المباشرة، وكذلك المؤسسات التي طبقتها فعلا، يؤكد أن الجميع يعتبر هذا الأمر لا يحتمل التأخير بأي صورة من الصور، موضحاً أن بنوك دول الخليج العربي أدركت مبكرا، أنها إذا أرادت أن تنجح في الاقتصاد العالمي الجديد، يجب عليها أن تنتهز الفرصة الآن وتستفيد من إمكانيات التكنولوجيا الحديثة في أسرع وقت ممكن.

وأوضح قدورة خلال مؤتمر صحافي عقده أمس في الرياض أن الدراسة بينت أن من أهم العوامل التي تدفع البنوك المحلية إلى مسابقة منافسيهم التقليديين في هذا المجال هو ازدياد حدة المنافسة مع البنوك الأجنبية، فمع ارتفاع درجات الأمان لمعاملات الإنترنت وتوسع انتشارها، ومع ازدياد قدرة العملاء على الاتصال بالإنترنت من أي مكان وزمان، فإن أهمية الوجود الفعلي للبنك أو فرعه أو ممثله المحلي سوف تتضاءل، وتتراجع مكانتها بين العوامل التي يضعها العميل في اعتباره عند اختياره بنكا.

وقال قدورة إن الدراسة وجدت أن معدلات المحافظة على العملاء هي من أهم العوامل التي تضعها المؤسسات المالية في حسبانها عند وضع خطط إطلاق الخدمات المالية الإلكترونية، مشيراً إلى أن بنوك الخليج قد بدأت بتبني سياسة صارمة في تركيزها على العملاء، إذ وضع 72 في المائة من المشاركين مفهوم «خدمة العملاء» على قمة الإضافات النوعية التي سترافق الخدمات المالية الإلكترونية في هذه الفترة التي يقال ان ولاء عملاء البنوك قد بدأ بالانخفاض، خصوصا في أوساط الشباب في المنطقة، ويصبح تحسين نوعية الخدمات ذا أهمية قصوى بينما يبدو أن أهمية تقليص النفقات وجني الأرباح قد بدآ بالتضاؤل شيئا فشيئا، حيث اختارهما المشاركون بنسبة 18في المائة و10 في المائة على التوالي على قمة الأولويات.

وكشف قدورة عن التحدي الذي ستواجهه بنوك الخليج في اقناع عملائهم بالتحول إلى الأسلوب الجديد في أداء الأعمال البنكية، مشيراً الى أنه لا يزال انتشار الإنترنت في منطقة الخليج العربي ضعيفا، فهو يتراوح بين 3 و12في المائة حسب الدولة، لافتاً ان نجاح مشاريع الخدمات المالية الإلكترونية مرهون بمقدار التميز الذي تستطيع البنوك أن تغري به عملاءها لإجراء تعاملاتهم مباشرة عبر الإنترنت في نفس الوقت الذي يحافظون فيه على أعلى مستويات الأمان ليوطدوا ثقة العميل في قناة التعامل الجديدة.

وبين قدورة، أن 25 في المائة من البنوك التي أجريت عليها الدراسة تعتقد أن أكبر عقبة أمام نجاح المبادرة سوف تكون بطء تقبل العملاء للخدمات المالية الإلكترونية، أما ثاني أكبر عقبة فهي مشكلة داخلية في ان الإدارة العليا في البنوك لا تملك رؤية إلكترونية مستقبلية، بينما يرى 21 في المائة من المشاركين أن هذه هي العقبة الرئيسية.

وقال قدورة ان التقرير يتوقع مستقبل مشرق للخدمات المالية الإلكترونية، حيث سيرتفع عدد المتعاملين خلال الخمس سنوات المقبلة من 3.6 في المائة مع نهاية العام الماضي ليصبح 33 في المائة من العملاء على الأقل يجرون بعض تعاملاتهم عبر الإنترنت، مضيفاً: أن قائمة التحديات طويلة ومهمة وهي تشمل إقناع العملاء بالتحول إلى عالم الإنترنت، وتطوير التقنيات الضرورية والأنظمة الملائمة، وضمان أن يحصل العملاء على خدمات أفضل عبر الإنترنت لا العكس. وتوصلت الدراسة الى أن المشاركين يعتقدون أن 7 في المائة من بنوك دول الخليج ستوفر خدمات مالية مباشرة بصورة جدية وأن النسبة سترتفع إلى 24.1 في المائة بحلول عام 2004 ثم تصبح 51.3 في المائة مع نهاية عام .2006 أما عندما طلب منهم الكشف عن حالة الخدمات المالية الإلكترونية في مؤسساتهم، فلقد أقر 27 في المائة من المشاركين بأن لديهم الآن خدمات مالية مباشرة بصورة جدية.