الحكومة اللبنانية تستعجل إلغاء الحماية للمستوردات لتعزيز المنافسة وتطبيق معايير التجارة الدولية

TT

تحول الانشغال اللبناني من موضوع الضريبة على القيمة المضافة والفوضى العارمة التي رافقت تطبيق قانونها اعتباراً من مطلع فبراير (شباط) الجاري، الى قضية الغاء الوكالات الحصرية ومعالجة استيراد الدواء اللتين وضعهما رفيق الحريري رئيس مجلس الوزراء على رأس اهتمامات الحكومة، مؤكداً المضي بهما الى النهاية على رغم موجة الاعتراضات الواسعة التي بدأ بتحريكها المتضررون من كبار التجار ورجال الاعمال.

ويؤكد امين عام المجلس الاعلى للخصخصة والمستشار الاقتصادي للرئيس الحريري الدكتور غازي يوسف، ان تحرك الحكومة لمعالجة هذه الملفات يتسم بالجدية التامة دون اغفال اهمية الحوار المباشر مع اصحاب الوكالات والتجار للوقوف على آرائهم وهواجسهم، وهذا ما سيتم انجازه خلال الايام القليلة الفاصلة عن موعد مجلس الوزراء يوم الخميس المقبل بعدما تقرر وضع القضية على جدول الاعمال.

وقال يوسف لـ«الشرق الأوسط» ان الحكومة لا تتوجه لإلغاء الوكالات بالمعنى الحرفي او المتداول، وان الوصف المطابق لتوجهها هو «الغاء الحماية» التي توفرها حالياً لعدد محدود من الاشخاص والشركات الذين يستوردون معظم انواع السلع الى السوق اللبناني، «وهذا الالغاء يعني انه سيصبح بامكان اطراف ثالثة استيراد السلع ذاتها سواء عبر الشركة المصدرة او عبر وكلاء آخرين، اما الحماية التي توفرها الشركات المصدرة لوكلائها فإن امر الغائها او الابقاء عليها يعود اليها والى طبيعة العلاقة التي تحبذ قيامها مع الوكيل».

واكد يوسف «ان لبنان ملزم باعتماد المعايير والمواصفات الدولية لتحرير التجارة والخدمات وفتح الاسواق، سيما بعد توقيع اتفاق الشراكة مع اوروبا ومباشرة تنفيذ اقامة منطقة التجارة العربية منذ سنوات والاتجاه للانضمام الى اتفاقية الـGATS وجميع هذه الاتفاقات تلزم لبنان باعادة النظر بمجمل التشريعات والقوانين التجارية المعتمدة والتي تخالف مبدأ تحرير التجارة وفتح الاسواق».

وتعتبر الحكومة ان المنافسة مفقودة بوجود الوكالات الحصرية مما يؤدي الى نشوء احتكارات، ويجب ان لا تكون الدولة ملزمة بتأمين الحماية عن طريق منع اطراف ثالثة من استيراد السلع المشمولة بالحصرية لانها تساهم بذلك في حماية مخالفات قانونية وتجارية. اما الضرر الناشىء عن هذا التوجه فإنه لا يصيب الا بعض التجار الذين يعتمدون تركيبة اسعار مضخمة تحمل هوامش ارباح مرتفعة، تسمح لاطراف ثالثة باختراق السوق، اما الوكلاء الذين يلتزمون القواعد التجارية الموضوعية فانهم يتمتعون بمزايا تنافسية خاصة عبر علاقتهم بالشركة المصدرة وحجم مبيعاتهم وهم ليسوا بحاجة للحماية التي توفرها الدولة حالياً.

وترفض الحكومة منطق بعض اصحاب الوكالات الذين يعتبرون ان الحصرية تضمن سلامة المستهلك، لان المنافسة لا تعني مطلقاً ترك السوق على غاربه، حيث ان مسؤوليات الرقابة على الجودة والنوعية من مهام مصلحة حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد، فيما ستفرض السوق تلقائياً الاسعار الافضل للمستهلك عبر المنافسة والمزايا العائدة للسلعة بحد ذاتها بما في ذلك الصيانة وخدمة ما بعد البيع والخدمات الاضافية، وهي خدمات تتحكم فعلياً في نمط الاستهلاك وتوجهه. ويملك الوكلاء والتجار خبرة واسعة في ادارته لامتلاك مزايا تنافسية بدل الاعتماد على حماية الدولة التي لا يمكن ان تستمر الى ما لا نهاية.

وفي هذا الاطار قال وزير العمل علي قانصو: «ان الضريبة على القيمة المضافة تعاطى معها اللبنانيون بالكثير من الانزعاج وهذا امر طبيعي لانه حينما نفرض ضرائب جديدة في ظل هذه الضائقة الاقتصادية ـ الاجتماعية التي يعيشها اللبنانيون، فطبيعي جداً الا يتم تقبل هذه الضريبة بارتياح، ناهيك عن ان تطبيق هذه الضريبة لم يأخذ المدى اللازم اذ صدرت المراسيم التطبيقية عشية البدء بتطبيق هذه الضريبة. لذلك كانت هناك ثغرات لا يمكن لأحد ان ينكرها. ولقد احدثت ضيقاً وتذمراً لدى اللبنانيين بمعظمهم. وما اكدته الحكومة هو ان هذه الضريبة لم تقدم على فرضها الا لتحسين المالية العامة للدولة والجميع يعرف حالة هذه المالية العامة التي لا يمكن ان تصلح الا من خلال تأمين مداخيل جديدة. اما الثغرات التي حصلت فبدأت تضيق شيئاً فشيئاً من خلال خطة وضعتها وزارة المالية والاقتصاد، تقضي بالقيام بحملة اعلامية توضح للمواطنين ما هي السلع التي تطالها الضريبة، وما هي السلع المعفاة منها».