تطبيق النظام الصحي التعاوني في السعودية يرفع حجم التأمين الطبي إلى 21 مليار ريال

العضو المنتدب للتعاونية للتأمين يطالب في حديث مع «الشرق الأوسط» بضرورة فرض رقابة على شركات التأمين

TT

أكد موسى عبد الكريم الربيعان العضو المنتدب للشركة التعاونية للتأمين أن النظام الجديد لقطاع التأمين سيؤدي إلى خروج الكثير من الشركات الصغيرة واندماج بعضها خاصة ذات الرأسمال المتقارب لتكوين كيانات قادرة على الوفاء بشروط النظام الجديد.

وطالب في حديث شامل مع «الشرق الأوسط»، مؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي) بضرورة حماية حقوق المؤمنين بتعيين أجهزة رقابية على أعمال شركات التأمين، واعادة استثمار أموال التأمين في السوق المحلي لخلق أوعية استثمارية كبيرة.

وشدد على ضرورة إصدار تشريعات لنظام التأمين في السوق لإفساح المجال لتسجيل شركات أخرى دون حصرها على شركة واحدة لخلق أجواء تنافسية في مجالي الخدمة والسعر.

ونوه الربيعان إلى أهمية إخضاع شركات توظيف الأموال والاستثمار الاجنبية والتي تقدم أيضاً خدمات التأمين، للنظم التي تحكم أنشطة المستثمرين في المملكة ومراقبة أعمالها، لأن مثل هذه الشركات عملها الأساسي كشركات أموال واستثمار، «وليست لدينا في التعاونية سلطة للتدخل وإيقاف نشاطاها في خدمات التأمين لأننا لا نملك حق مراقبة شركات التأمين في السوق».

وتوقع أن يصل حجم اشتراكات سوق التأمين السعودي إلى 25 مليار ريال (6.6 مليار دولار) عند تطبيق نظام الضمان الصحي التعاون الإلزامي ونظام التأمين الإلزامي على المركبات الاجنبية ورخص السائقين.

وقال ان حجم السوق بلغ 2.9 مليار ريال (773 مليون دولار) في عام 1999، وهذا الرقم مرشح للزيادة نظراً لارتفاع اشتراكات التعاونية للتأمين إلى ما يزيد عن مليار ريال (266.6 مليون دولار) عام .2000 واشار الربيعان إلى أن التطبيق الكامل لنظام الضمان الصحي التعاوني على السعوديين والمقيمين سيرفع حجم اشتراكات التأمين الطبي إلى 21 مليون ريال (5.6 مليون دولار) في حين أن حجم السوق في عام 2001 يقدر بحوالي مليار ريال تبلغ حصة التعاونية للتأمين منها ما نسبته 30 في المائة من السوق.

وفي ما يلي نص الحديث:

* كيف تقيمون سوق التأمين داخلياً في ظل صدور التنظيم الجديد؟ وما هي تأثيراته نحو تطوير صناعة التأمين السعودية؟

ـ صدرت في الآونة الأخيرة تنظيمات حكومية جديدة في قطاع التأمين، وهي نظام التأمين الإلزامي على المركبات الأجنبية وعلى رخص السائقين، ونظام الضمان الصحي التعاوني للمقيمين، وهذه التنظيمات تقتضي في الواقع إصدار تشريعات لنظام التأمين بالمملكة بحيث يمكن تسجيل شركات تأمين أخرى غير التعاونية للتأمين لتقديم الخدمات المطلوبة دون حصرها على شركة واحدة، وخلق أجواء تنافسية في مجالي الخدمة والسعر.

وبحكم كون شركات التأمين شركات أموال في الأساس، فإن خطوة أخرى مهمة يجب اتخاذها وهي الرقابة على أعمال شركات التأمين بهدف حماية حقوق المؤمنين.

كما ان إصدار تشريعات ولوائح تنظيمية وتعيين أجهزة إشرافية ورقابية بالمملكة، أسوة ببقية الدول، ضرورة تقتضيها عملية تطوير صناعة التأمين. فهناك مزايا كثيرة نتوخاها من تنظيم نشاط التأمين منها على سبيل المثال تنويع وتطوير خدمات التأمين وتوزيع المخاطر، والاحتفاظ بأموال التأمين وإعادة استثمارها بالسوق المحلي وبالتالي خلق أوعية استثمارية كبيرة، وجعل قرار تسديد التعويض داخل المملكة. ولا يجب أن نغفل أيضاً تأثير ذلك على زيادة السعودة وخلق فرص العمل بفتح مجالات عمل كثيرة في التأمين والأنشطة المرتبطة به.

التنظيم يعني استثمارات داخلية وممارسات قانونية، بالاضافة إلى انسيابية الأعمال والإجراءات والشفافية في ظل وجود محكمين وجهات رقابية معترف بها.

* ما هو حجم حصة الشركات الوطنية في سوق التأمين السعودية في ظل المنافسة الشديدة من شركات التأمين الأجنبية العاملة في هذا السوق؟

ـ في سوق التأمين السعودي يعمل ما يقارب مائة شركة ووكالة ومكتب وساطة، بعضها مملوك لشركات أجنبية والبعض الآخر عبارة عن مشروعات برأسمال مشترك، لكن معظمها مملوك لمساهمين سعوديين، إلا أنهم بالكامل ـ باستثناء التعاونية للتأمين ـ مسجلون خارج السعودية.

وتشير الاحصائيات المتاحة لدينا إلى أن حجم اشتراكات سوق التأمين السعودي بلغ 3 مليارات ريال تقريباً في عام 1999، وهو رقم مرشحة للزيادة نظرا لارتفاع اشتراكات التعاونية للتأمين إلى ما يزيد عن مليار ريال عام 2001 حيث تشكل وحدها حوالي 33 في المائة من إجمالي اشتراكات السوق.

* تقوم شركات أجنبية بتوظيف واستثمار أموال المواطنين والمقيمين إضافة إلى تقديم خدمات التأمين، وقد قامت الجهات المختصة في الآونة الأخيرة بمحاربة تلك الشركات.. ما هو دوركم كشركة وطنية مرخصة لمحاربة مثل هذا النشاط وبخاصة مجال التأمين؟

- هذه النوعية من الشركات تعمل بشكل أساسي كشركات أموال واستثمار، والمفترض أنها تخضع للنظم واللوائح التي تحكم أنشطة المستثمرين في المملكة وتراقب أعمالها. أما في ما يتعلق بنشاط هذه الشركات في مجال التأمين، فأود التأكيد على أن التعاونية للتأمين، كونها شركة وطنية كبيرة، لا يعطيها حق مراقبة شركات التأمين في السوق وليست لديها سلطة التدخل في أعمالها، لكن من الملاحظ أن مؤسسة النقد العربي السعودي تشدد دائما على ان تتم جميع الأوعية الاستثمارية عن طريق البنوك.

* النظام الجديد يشترط حداً أدنى لرأسمال شركات التأمين يبلغ 100 مليون ريال.. هل برأيكم أن مثل هذا المبلغ يعد كافياً للحد من دخول شركات غير جادة في عملياتها؟ وهل تتوقعون أن يصاحب تطبيق النظام الجديد عمليات دمج لكبرى الشركات العاملة في السوق السعودي؟

ـ في اعتقادي أن 100 مليون ريال كحد أدنى لرأسمال شركات التأمين كافية على الأقل في المرحلة الانتقالية التي أتوقع أن يشهدها سوق التأمين عقب صدور النظام الجديد. فإذا علمنا أن رأسمال الكثير من شركات التأمين لا يتجاوز 10 ملايين ريال وبعض الشركات لا يتعدى رأسمالها مليون ريال فقط ، فهذا يعني أن فرض 100 مليون ريال كحد أدني سوف يؤدي على الأقل إلى بقاء الممارسين المؤهلين فقط بحيث يعملون على أرضية واحدة ووفق آلية تنافسية متكافئة، وتستطيع كل شركة في هذه الحالة أن ترفع رأسمالها واحتياطياتها وفق التزاماتها تجاه عملائها في ما يعرف بتدعيم ملاءتها المالية.

وإضافة إلى خروج الكثير من الشركات من السوق، فإن تطبيق الحد الجديد لرأس المال سيؤدي أيضاً وكما أتوقع إلى اندماج بعض شركات التأمين ذات رؤوس الأموال المتقاربة لتكوين كيانات تستطيع أن تستوفي الشروط التي يضعها النظام الجديد، وتكون لديها القدرة على البقاء والتطوير والمنافسة.

* بعد تطبيق التأمين الصحي الإلزامي.. كم تتوقعون حجم هذا الفرع، وهل سيقتصر على الشركات الوطنية فقط؟

ـ سيمر تطبيق نظام الضمان الصحي التعاوني الإلزامي بمرحلتين، الأولى ستقتصر على المقيمين الأجانب فقط والذين يقدر عددهم بحوالي 6 ملايين مقيم، ، ويتوقع أن تبلغ قيمة الاشتراكات عند تطبيق المرحلة الأولى 5 مليارات ريال. وستشهد المرحلة الثانية التي ستبدأ في عام 2005، اتساع النظام ليشمل المواطنين السعوديين أيضاً والذين يقدر عددهم في ذلك الوقت بحوالي 17 مليون نسمة، فالاشتراكات المحصلة بقيمة اليوم ستبلغ 14 مليار ريال، (3.7 مليار دولار)، وهذا يعني أن التطبيق الكامل لنظام الضمان الصحي التعاوني على السعوديين والمقيمين سيرفع حجم اشتراكات التأمين الطبي في المملكة إلى 21 مليار ريال، علماً بأن حجم سوق التأمين الطبي في المملكة يقدر عام 2001 بحوالي مليار ريال، تبلغ حصة التعاونية للتأمين منها ما نسبته 30 في المائة من السوق.

أما ما يتعلق بشركات التأمين المسموح لها بالمشاركة في تفعيل النظام، فالمادة الثامنة عشرة من نظام الضمان الصحي التعاوني الصادر بقرار مجلس الوزراء رقم (71) وتاريخ 27/4/1420هـ، تنص على أن تطبيق النظام يتم عن طريق شركات تأمين تعاونية سعودية مؤهلة تعمل بأسلوب التأمين التعاوني على غرار ما تقوم به التعاونية للتأمين. وبالتالي يفهم من هذه المادة أن تطبيق النظام سيقتصر على الشركات الوطنية فقط على الأقل في المرحلة الأولى.

* كم تبلغ مساهمة القطاع التأميني في الاقتصاد السعودي؟

ـ للأسف مساهمة قطاع التأمين السعودي في الاقتصاد الوطني حالياً محدودة للغاية، فالدراسات التي أجريت على سوق التأمين عام 1999 أشارت الى أن حجم السوق يبلغ 2.9 مليار ريال سعودي بما يعادل 0.6 في المائة فقط من إجمالي الدخل القومي، بينما تتراوح هذه النسبة بين 8 و12 في المائة في دول صناعية متطورة. ويرجع ذلك إلى أن الإنفاق الفردي السنوي على التأمين في المملكة يبلغ 150 ريالا فقط، في حين أنه لو وصل إلى نفس معدل الإنفاق في دولة البحرين مثلاً (الأقرب إلى دخل الفرد السعودي) لتضاعف حجم السوق إلى 5 أضعاف.

وفي حالة تطبيق نظام الضمان الصحي التعاوني الإلزامي وكذلك نظام التأمين الإلزامي على المركبات الأجنبية ورخص السائقين في المملكة، نتوقع أن يصل حجم اشتراكات سوق التأمين السعودي الى 25 مليار ريال ومن ثم يزيد إسهام قطاع التأمين في الاقتصاد السعودي بما يعادل 4 في المائة من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي على أقل تقدير.

* المحافظ التأمينية العربية لا تزال ضعيفة قياساً لعدد الشعوب العربية، اين تحدد مكامن الضعف في هذا المجال؟

ـ في تصوري أن أكبر إشكالية تواجه أسواق التأمين العربية تتركز في الأنظمة الرقابية وتشريعات أنشطة التأمين، ففي دول أخرى حيث مرونة الأنظمة والتشريعات تراعي ظروف السوق، نجد تطورا كبيرا لنشاط التأمين ومشاركة فعالة من جميع القطاعات، مما يجعله اليوم في دول متطورة دعامة أساسية لاقتصاديات تلك الدول.

النظام الرقابي والتشريعي محور رئيسي لتقوية نشاط التأمين أو إضعافه. هذه الأنظمة لها تأثير كبير على الممارسات التأمينية في ما يتعلق بخلق أجواء التنافس الصحية في السوق في الخدمات وتنوع المنتجات والتسعير وتوزيع المخاطر، وفي تطبيق أنظمة ضريبية فعالة لتشجيع الأفراد على الادخار لمدد طويلة وفتح المجال أكثر للقطاعات التجارية المتخصصة للعمل في أسواق مفتوحة دون أن تقوم المؤسسات العامة التابعة للدولة بالاستئثار بتقديم منتجات التأمين.

قوانين وأنظمة التأمين العربية أثرت سلبا على نشاط هذا القطاع المهم، ويمكن لنا أن نرى النتائج ملموسة، حيث أن متوسط نصيب الفرد العربي من الإنفاق السنوي على التأمين يقدر بـ21.6 دولار فقط عام 1999، وعلى هذا الأساس فإن نشاط التأمين العربي لا يشكل سوى 1 في المائة فقط من الناتج المحلي الإجمالي لجميع الدول العربية في حين أن هذه النسبة تتراوح ما بين 8 ـ 15 في المائة في الدول المتقدمة.

* ما هي الفروع التي تلقى إقبالاً أكثر من غيرها عربياً وسعودياً؟

ـ المحافظ العربية والسعودية مليئة بأنواع كثيرة من التأمين، وموزعة بين التأمين على الحياة، والتأمينات العامة (الممتلكات، أو المسؤوليات)، وتحظى التأمينات العامة بالنصيب الأكبر بنسبة 83.5 في المائة من إجمالي اشتراكات التأمين العربية بينما تصل نسبة تأمينات الحياة إلى 16.5 في المائة فقط. وبتحليل تطور اشتراكات التأمين في محافظ التأمين السعودية يأتي التأمين الطبي في المقدمة بنسبة 28 في المائة من إجمالي السوق، يليه تأمين السيارات بنسبة 24 في المائة ثم تأمينات الحريق والممتلكات بنسبة 13في المائة، وتليها بنسب متفاوتة تأمينات البحري، والهندسي، والحوادث المتنوعة، والطيران، والطاقة.

* هل هناك تأثير من تقديم البنوك الوطنية لخدمات التأمين على نشاط الشركات الوطنية؟

ـ في التعاونية للتأمين كنا سباقين للتعاون مع البنوك السعودية لتسويق منتجاتنا التأمينية، كالبنك العربي الوطني، والبنك السعودي الأمريكي، والبنك السعودي البريطاني، وذلك قبل وقت طويل من إصدار مؤسسة النقد تنظيماتها الخاصة بتقديم خدمات التأمين الادخاري عن طريق البنوك، وكنا في الواقع مؤمنين بأنه يمكن لقنوات البيع المتعددة للبنوك المحلية أن تكون أداة تسويق مناسبة لخدمات التأمين.

تقوم البنوك اليوم ببيع عقود التأمين الادخاري والحوادث والتأمينات الأخرى، وهناك تحالفات استراتيجية بين شركات التأمين والمصارف، ويأتي هذا التطور كنتيجة طبيعية للاتجاه السائد نحو تجميع الخدمات المالية (مصرفية ـ تأمينية ـ استثمارية) في مكان واحد، ونرى أنه مفيد للسوق عموما.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ شرح صورة موسى عبد الكريم الربيعان (صورة خاصة بـ«الشرق الأوسط»)