مصر: انتشار ظاهرة بيع الذهب القديم بعد ارتفاع أسعاره نحو30 في المائة

ارتفاع سعر الدولار في الداخل وتراجع حركة البيع والشراء يزيدان الأعباء المالية لصناعة الذهب

TT

انتقلت عدوى الركود بالأسواق المصرية إلى مجال شراء الذهب ولم تفلح مواسم الأعياد والحفلات في التأثير على حركة البيع والشراء حيث توقفت عمليات تصنيع الذهب بعد زيادة الأعباء المالية بحوالي 30 في المائة من جراء التغييرات الاقتصادية المتلاحقة التي تشهدها الأسواق المصرية. وأكد التجار أن محلاتهم أصبحت مفتوحة لاستقبال الزبائن الذين يرغبون في بيع ممتلكاتهم من الذهب أكثر من شراء الجديد منها خاصة بعد وصول سعر الغرام الواحد إلى 40 جنيها (8.63 دولار)، وحذر العديد من الخبراء والتجار من أن صناعة الذهب ستواجه التوقف التام خلال أشهر معدودة وأنها الآن تحتاج إلى وقفة حازمة وطرح حلول جادة حتى تستطيع تلك الصناعة اللحاق بطوق النجاة.

ويؤكد رفيق عباس، سكرتير عام شعبة المشغولات الذهبية باتحاد الصناعات المصرية، ان ارتفاع سعر الدولار في الداخل أثر بشدة على سعر الذهب الخام المستورد ورفع أسعار المشغولات الذهبية بمقدار 8 جنيهات على الأقل في الغرام الواحد في الوقت الذي يعاني منه السوق من ركود شديد. وأضاف عباس ان الاعتماد الأساسي في الفترة الحالية سيكون على إعادة تصنيع وتدوير المشغولات الذهبية المتداولة بالأسواق حيث يعتمد عليها التجار والمصنعون بنسبة 80 في المائة في عملية التجارة الداخلية، موضحا ان المشغولات المستوردة من دبي والسعودية والهند وإيطاليا ارتفعت أسعارها بالفعل في سوق المجوهرات بنسبة 15 في المائة علي الأقل، وأن ذلك سيساعد في انتشار عمليات تهريب الذهب التي فرضت نفسها بسبب قلة المعروض من الذهب الخام المسموح باستيراده.

ويؤكد شريف السرجاني رئيس رابطة تجار الذهب على أن معظم المحلات ترفض شراء الذهب من الناس بدعوى عدم وجود سيولة حيث ان «غرام الذهب عيار 21 الذي كان يباع بسعر 30.35 جنيه في يناير (كانون الثاني) الماضي وصل أمس إلى 41 جنيها أي ارتفع بنسبة 30 في المائة خلال اقل من شهر ونصف الشهر، وقفز سعر الغرام عيار 18 من 26 جنيها في يناير (كانون الثاني) إلى 37 جنيها ، موضحا ان هذا الارتفاع الكبير لم يحدث منذ بداية التسعينيات وأنه لا يرجع كله لارتفاع أسعار الذهب الخام عالميا، «فالارتفاع العالمي لا يتعدى 11.6 في المائة منذ سبتمبر (ايلول) الماضي وحتى الآن أما باقي النسبة في الارتفاع فهو يرجع لظروف السوق المصري المتمثلة في ارتفاع سعر الدولار». وأشار السرجاني إلى أن امتناع بعض التجار عن الشراء هو اتجاه غير حكيم لان التاجر لا يخسر إذا اشترى «فمهما دفع يمكنه ان يبيع ما اشتراه إلى تاجر الجملة المجاور بسعر اكبر لا يقل عن جنيه في الغرام الواحد ويربح ربحا معقولا دون ان يبذل جهداً كبيراً».

ويقول صلاح عبد الهادي، أحد تجار الذهب ان السوق يعاني حاليا من ارتفاع الأسعار وبعض الزبائن تؤجل عمليات الشراء لحين استقرار الأسعار وهذا أدى إلى الاندفاع لبيع الذهب القديم، مضيفا انه رغم قلة الإقبال إلا ان بعض الزبائن تفضل حاليا المشغولات الذهبية المحلية على المستوردة «حيث ان المستورد اصبح سعره مرتفعاً بشكل كبير بعد تحميله الجمارك والرسوم التي تجعله اعلى سعرا مقارنة بالمشغولات المحلية». واكد ان سوق الذهب المحلي يعاني أيضا من كثرة الحملات الرقابية التي تقوم بها وزارة التموين ومباحث الأموال العامة التي تضر كثيرا بالذهب كصناعة، موضحا ان ظاهرة انتشار الأختام المزورة لدمغ الذهب ليس للتاجر أي دخل فيها والمفروض الرجوع إلى ورش صناعة الذهب في حالة اكتشاف مشغولات مدموغة بأختام مزورة. وأضاف عبد الهادي انه يجب التوضيح الكامل للمستهلك الفرق بين تزوير الأختام وغش الذهب «حيث ان تزوير الأختام لا يعتبر غشا للمجوهرات والدليل على ذلك انه في حالة قيام المستهلك ببيع أي ذهب مختوم بأختام مزورة لا يمتنع التاجر عن شرائها لأن قيمة الذهب محفوظة طبقا للعيار».

وفي محاولة لإنقاذ الذهب المصري من حالة الكساد التي يعانيها أجمع معظم الصناع والتجار على ضرورة تحديث صناعة الذهب كخطوة أولى وخاصة أن 90 في المائة من ورش صناعة المشغولات الذهبية في مصر تستخدم أساليب بدائية في جميع مراحل تصنيع وشغل الذهب بداية من سبك وجلخ وحك الذهب إلى الصورة النهائية للمنتج. وأضاف الخبراء أن السبب الرئيسي لحالة الركود التي تواجه الأسواق هو ارتفاع سعر الصرف وزيادة الضرائب المفروضة على تجارة الذهب ، الأمر الذي أدى إلى انسحاب المشغولات المصرية من الأسواق الخارجية بل وتراجع نصيبها بالأسواق المحلية ذاتها. واقترح الخبراء ضرورة فتح أسواق جديدة للمشغولات الذهبية المصرية، إضافة إلى الاشتراك بالمعارض الخارجية مع تجفيف منابع الذهب المستورد لإنقاذ أصحاب الورش والمصانع المصرية من حالة الكساد التي تتسبب في خسائر يومية بآلاف الجنيهات.