لبنان يحضر قوانين جديدة لاجتذاب المصارف الإسلامية

أعمال المؤتمر الدولي الثاني للمصارف والمؤسسات المالية الإسلامية في بيروت تتناول الأطر التنظيمية وأصول توريق صناديق الاستثمار الإسلامية

TT

اكد وزير المال اللبناني فؤاد السنيورة ان مجلس النواب اللبناني سيقر قبل منتصف العام الجاري مشروعي قانونين حول التوريق وصناديق الاستثمار الجماعي، الاول جرى احالته من قبل الحكومة والثاني سيحال قريباً، مما يسهل ويدعم توسع العمليات المصرفية الاسلامية في لبنان، بانتظار الانتهاء من اعداد قانون شامل لعمل المصارف الاسلامية.

وقال السنيورة الذي مثل رئيس الحكومة رفيق الحريري في افتتاح اعمال المؤتمر الدولي الثاني لأعمال الصيرفة والتمويل الاسلامي الذي بدأ اعماله في بيروت امس ويستمر لمدة يومين وتنظمه المجموعة الدولية المتحدة للاعمال بالتعاون مع هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الاسلامية، «ان الصيرفة الاسلامية تنتشر حالياً في حوالي 40 دولة متوزعة على القارات الخمس وأصبحت واقعاً لا جدال فيه متخطية دائرة البحث والتساؤل، لا سيما ان حجم هذه السوق قد وصل الى عتبة 250 مليار دولار اميركي، مما يعكس الاهمية المتنامية للصيرفة الاسلامية، كونها نمطاً جديداً من انماط الاعمال المصرفية، وهي بخلاف ما يعتقده البعض، ليست محصورة في المجموعات او البلدان الاسلامية، بل هي منفتحة للعمل مع مختلف المجموعات العاملة في الاسواق الاقليمية والدولية بغض النظر عن انتماءات هذه المجموعات الدينية او الطائفية او المذهبية او العرقية».

وقال السنيورة: «من جهتنا في لبنان، فإن الحكومة تعمل منذ مدة على التداول في اقرار قانون لعمل المصارف الاسلامية. فالمصارف الاسلامية هي مصارف الاستثمار المتوسط والطويل الامد بامتياز، وهي أحد اهم المصادر المتنامية لهذا النمط من التمويل الذي تحتاجه المشاريع الاستثمارية الانتاجية. وفي نفس الاطار فقد اعدت الحكومة مؤخراً مشروعي قانونين للتوريق وصناديق الاستثمار الجماعي، وقد أحالت الاول للمجلس النيابي وسيحال الآخر عما قريب. ومن المتوقع ان ينكب المجلس النيابي على دراستهما والنظر في اقرارهما مع نهاية النصف الاول من هذا العام».

ودعا السنيورة ختاماً لانشاء معهد خاص لدراسات الصيرفة الاسلامية، على ان يوصي المؤتمر بأن يكون مقره في لبنان للاستفادة من مركزه التفاضلي في الاطار التعليمي والعلمي والمعرفي، ولما في ذلك من دعم وتسريع تطور الصيرفة الاسلامية وانتشارها في المنطقة العربية والاسلامية والعالم.

وتحدث رئيس مجلس الامناء في هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات الاسلامية الشيخ ابراهيم بن خليفة آل خليفة نيابة عن منظمي المؤتمر، فأكد ان الصناعة المصرفية الاسلامية حافظت على مستوى نموها الذي زاد عن 10 في المائة سنوياً منذ السبعينات. ولكي تحافظ هذه الصناعة على التطور والنجاح الذي حققته يجب عليها ان تواجه تحديات مهمة ومحددة، ومن اكبر هذه التحديات هو الافتقار الى اسواق اولية وثانوية للأدوات المالية الاسلامية ذات الكفاءة. ويرجع هذا في الاساس الى المتاجرة في الموجودات المالية التي تحرمها الشريعة، وقد ادى عدم القدرة على استثمار الاموال القصيرة الاجل او الايفاء بمتطلبات السيولة في المدى القصير عن طريق الاسواق الثانوية الى خلق تحد كبير للمؤسسات المالية والاسلامية التي اجبرت نتيجة لذلك على الاحتفاظ بمعدل عال من موجوداتها بشكل نقد يدر عائداً منخفضاً في احسن الاحوال او لا شيء.

وقال خليفة: «ان مجموع الموجودات المورقة في الاسواق الدولية التي اتخذت اشكالا متعددة مثل العقارات المرهونة وبطاقات الائتمان سجلت مبلغا مذهلا يصل الى 2 تريليون دولار. مما يعني ان التوريق اصبح امرا اساسيا في عملية استمرار تطور الاسواق المالية التقليدية. ومع التسليم بالحجم الكبير للعمليات الذي يمكن ان تطوره عملية التوريق واستخدامها كأداة للهندسة المالية فإن المؤسسات المالية الاسلامية لا تستطيع تجاهل ما تنطوي عليه هذه العملية من منافع اذا ما ارادت هذه المؤسسات ان تنافس بفعالية مثيلاتها التقليدية».

واضاف: «ان تكريس هذا المؤتمر لموضوع التوريق جاء في الوقت الملائم، من خلال المناقشات التي ستدور في تطوير الشرعية، والمحاسبية، والرقابية لتسهيل عملية التوريق. وسيخاطب المؤتمر القضايا المتعلقة بالتوريق وأسواق رأس المال لجهة اختيار الموجودات ودعم السيولة وادراج الاصدارات المالية والاطار القانوني المحاسبي اضافة الى قضايا اخرى تتطلب اعتبارات خاصة تتعلق بالحد من الضرائب من الدخل الذي تحققه المنشآت ذات الاغراض الخاصة، والتقليل من المتطلبات الرقابية المتعلقة بالتسجيل والامور الرقابية الاخرى، والتأكد من الالتزام بالمتطلبات المصرفية والرقابية الاخرى المتعلقة بتوريق الموجودات».

وتحدث في الافتتاح ايضاً نائب رئيس البنك الاسلامي للتنمية مظفر الحاج مظفر فاعتبر ان المصارف الاسلامية تواجه من التحديات بقدر ما تواجه من الفرص في مجال التوريق. فتوريق الاصول بما يتفق مع احكام الشريعة، يحتاج الى اعمال الافكار الخلاقة، والجهود المخلصة لاستنباط اشكال التوريق التي تحقق تمويل الانتاج السلعي والخدمي بكفاءة ويسر، بدون تعريض الاسواق المالية الى كثرة الاضطراب وشدته، الناجمين عن المتاجرة في الديون والمبالغة في استخدام المشتقات المالية، كما ان عملية التوريق في حد ذاتها، لها متطلبات مؤسسية، تقوم بوظائف الاشراف والمراقبة، والتصنيف، وتقدم الخدمات المالية للمصدرين. وبالرغم من كل تلك التحديات، فان ثمار التوريق الاسلامي قد بدأت تهل بشائرها. حيث قامت مؤسسة نقد البحرين باصدار صكوك اجارة وسلم، تساندها اصول مؤسسة انتاج الالومنيوم، ومن اللافت للنظر ان الاكتتاب فيها تعدى الحدود الموضوعة، وان الاقبال عليها من المصارف التقليدية كان كبيراً. وهناك جهود مشتركة بين مؤسسات ماليزية واندونيسية، لاصدار صكوك تصل قيمتها الى مائتي مليون دولار تساندها مزارع نخيل الزيت، كما ان العمل جار في بروناي لاصدار صكوك تقارب قيمتها مائة واربعين مليون دولار تساندها اصول شبكة تصدير الغاز الى كوريا واليابان. وتستكمل الاستعدادات لاصدار صكوك في الامارات العربية المتحدة بقيمة قد تصل الى ثلاثمائة مليون دولار مقابل اصول عقارية تضم مجمعات سكنية، ومراكز تسويق. يضاف الى ذلك، مساع في مصر لاصدار صكوك تساندها منشآت تعليمية، ومساع على المستويات الحكومية والخاصة في ايران والسودان، حيث ان هناك انجازات تحققت في مجال استخدام الاوراق المالية الاسلامية لتمويل بعض عناصر النفقات الحكومية لتقليل الحاجة الى احداث عجز في الميزانية.

والقى النائب الاول لحاكم مصرف لبنان الدكتور ناصر السعيدي كلمة، فأكد انه ليس بإمكان المصارف الاسلامية استعمال الادوات والتقنيات المتاحة للتحوط من المخاطر كالخيارات والعمليات الآجلة، ولا يوجد فيما بينها سوق داخلي فاعل ولا تتعامل بالادوات المالية الحكومية المعروفة، وامامها صعوبة في الحصول على تسهيلات من المصرف المركزي كمقرض اخير، ولذلك فان نجاحها مرهون بتأمين السيولة في الاسواق المالية الاسلامية وتأمين الشفافية واعتماد معايير للادارة السليمة للمؤسسات المالية الاسلامية اكثر تشدداً من تلك المصارف الاسلامية الى ذات نظام الرقابة التي تخضع اليه المصارف التقليدية وانشاء وديع مركزي وضرورة تحديد نسبتي السيولة والملاءة لكل مصرف اسلامي على حدة وضرورة وضع معايير تقنية موحدة لمختلف العمليات والادوات المالية الاسلامية وضرورة وجود هيكل تنظيمي واضح ومحدد، واعتماد العملات الدولية والمحلية في التداول في الاسواق.

وقال السعيدي: «لقد وعى مصرف لبنان منذ مدة أهمية تأسيس العمل المالي الاسلامي على قواعد قانونية واضحة ومتجانسة مع المعايير الدولية، فأعد مشروع قانون يرعى العمليات الائتمانية يوفق بين المفهوم التقليدي لادارة الذمم والمفهوم الشرعي في ممارسة شتى العمليات الاسلامية من خارج الميزانية، وقد حصل هذا المشروع على موافقة السلطتين التنفيذية والتشريعية عام 1996، ويدرس مجلس النواب حالياً مشروع قانون آخر اعده مصرف لبنان يتعلق بالتسنيد ينظم عمليات تحويل الاصول المتأتية من عمليات مالية الى سندات او صكوك تجذب المستثمرين الى الاسواق المالية التقليدية والاسلامية على السواء».

كما تحدث في حفل الافتتاح ايضاً عنبر النشاشيبي باسم المجموعة المنظمة والدكتور رفعت عبد الكريم امين عام هيئة المحاسبة، ويعقد المؤتمر 6 جلسات عمل متتالية تتناول موضوعات الاسواق المالية والاطر التنظيمية وبنية واصول توريق وادارة صناديق الاستثمار الاسلامية، على ان تصدر التوصيات غدا الخميس.