تقرير الأونكتاد: نمو الاقتصاد العالمي يتباطأ بشكل حاد ونسبة نمو صادرات البلدان النامية تتراجع الى 1 في المائة في 2001

TT

سجل نمو الاقتصاد العالمي تباطؤاً حاداً في عام 2001 نتيجة ضعف الأداء في جميع المناطق الاقتصادية الرئيسية الثلاث في العالم المتقدم فيما كانت الآثار غير المباشرة على البلدان النامية أقوى بكثير مما كانت عليه في فترات الهبوط السابقة في التسعينات.

وعلى الرغم من ان عدة اقتصادات ناشئة في منطقتي شرق آسيا وأميركا اللاتينية دخلت في حالة كساد الا ان الصين والهند هما البلدان الوحيدان اللذان ظلا بمنأى عن الضغوط الناجمة عن اتجاه الهبوط في الأسواق العالمية.

جاء ذلك في التقرير السنوي الجديد لمؤتمر الامم المتحدة للتجارة والتنمية «أونكتاد» الذي صدر اول من امس وإستعرضه السفير منير زهران مندوب مصر الدائم في مقر الامم المتحدة سابقا بجنيف في مؤتمر صحافي بالمركز الاعلامي للامم المتحدة بالقاهرة.

وأشار التقرير الى أن معدل النمو في أفريقيا ظل عند مستوى العام الماضي حيث بلغ معدل النمو في البلدان النامية ككل 2.1 المائة فقط.

وأشار التقرير الى أن اقتصاد الولايات المتحدة دخل في حالة ركود وتأثرت منطقة اليورو الاوروبية حيث تراجعت الصادرات وانخفضت أرباح فروع الشركات العاملة في الولايات المتحدة وكانت الاستجابة النقدية والمالية الحذرة من بين العوامل التي أسهمت في حدوث انخفاض في معدل النمو في منطقة اليورو في عام 2001 ليصل إلى نحو 1،5 في المائة.

أما معدل البطالة الذي ظل ينخفض على مدى ثلاث سنوات فقد استقر عند مستوى عال نسبيا فقد بلغ 5،8 في المائة.

وأوضح تقرير الاونكتاد أن من بين الاقتصادات الكبيرة في الاتحاد الأوروبي سجلت المملكة المتحدة وحدها تجربة أكثر إيجابية بفضل الطلب الاستهلاكي القوى. أما الانتعاش الذي كان قد بدأ في اليابان في عام 1999 فقد تبدد في النصف الثاني من عام 2000 وما برح الاقتصاد يعاني من حالة ركود منذ الربع الثاني من عام 2001 حيث انخفضت الصادرات والاستثمار الخاص بمعدلات كبيرة.

وعلى الرغم من عودة البنك المركزي الياباني إلى تطبيق سياسة سعر فائدة «صفر» في مارس 2001 الا أن العديد من الشركات قد أبلغت عن تكبدها لخسائر غير مسبوقة وتزايد معدل إفلاس الشركات وارتفع معدل البطالة إلى 5.5 في المائة.

وأشار تقرير مؤتمر الامم المتحدة للتجارة والتنمية «أونكتاد» الى أن التجارة الدولية قد لعبت دورا رئيسيا في نقل حالة التباطؤ في العالم الصناعي إلى البلدان النامية، فأحجام صادرات هذه البلدان قد نمت بنسبة تقل عن 1 في المائة في عام 2001 بعد أن كانت قد سجلت معدل نمو قدره 4،1 في المائة في عام .2000 وقد تأثرت بذلك جميع المناطق النامية الرئيسية، وتأثرت منطقة شرق وجنوب آسيا بشدة حيث سارت فيها الصادرات بمعدل سريع خاصة في عام 2000 نتيجة إلى الطلب القوي على المنتجات الإلكترونية في الولايات المتحدة.

وأشار التقرير الى أن بعض المناطق قد شهدت تفاقما في حدة تباطؤ النمو في أحجام الصادرات من جراء هبوط الأسعار خاصة في أميركا اللاتينية التي عانت من انخفاضات كبيرة في أسعار صادراتها من السلع الأساسية.

كما أن الانخفاض الحاد في أسعار البترول الذي كان قد بلغ ذروته في أواخر عام 2000 قد أدى أيضاً إلى تقلص إيرادات مصدري النفط، وعلى النقيض من ذلك سجلت أسعار بعض السلع الأساسية التي تصدرها البلدان الأفريقية أداءً جيداً في عام .2001 كما أشار التقرير الى أن التدفقات الرأسمالية إلى البلدان النامية في عام 2001 ظلت عند المستويات المنخفضة السائدة منذ الأزمة المالية الآسيوية عام .1997 وقد منيت هذه التدفقات بنكسة حادة في أعقاب أحداث 11سبتمبر، إلا أن حالة الشك التي ما زالت تكتنف هذه الأسواق بعد سلسلة من الأزمات المالية قد تزايدت حدة من جراء تزايد سرعة التأثر باتجاه الهبوط في البلدان الصناعية. فبالنظر إلى أن النمو في البلدان النامية قد أصبح اليوم مرتبطا ارتباطا مباشرا وإلى حد أبعد بالنمو في الولايات المتحدة، على النقيض مما كان عليه الحال في أوائل التسعينات، فإن هذه البلدان لا توفر سوى قدر أقل من إمكانيات التنويع للمستثمرين الذين يلتمسون معدلات عوائد أكثر مراعاة للمخاطر.

وأوضح تقرير الاونكتاد أن مبالغ سداد القروض للمصارف الأجنبية قد تجاوزت في شرق آسيا مستويات القروض الجديدة في أماكن أخرى بهامش كبير ولا تزال القروض المحولة إلى سندات تتدفق إلى البلدان النامية بوتيرة أبطأ.

وقد سجل الاستثمار الأجنبي المباشر أداءً أفضل، فتدفقات هذا النوع من الاستثمار إلى أميركا اللاتينية قد جعلت من هذه المنطقة أكبر متلق للتدفقات الرأسمالية.

واستبعد التقرير أن تستمر مرونة الاستثمار الأجنبي المباشر في عام 2002 الا انه من المحتمل أن تواصل الصين وحدها وهي التي شهدت زيادة في صافي التدفقات الرأسمالية الوافدة في عام 2001 اجتذاب هذه التدفقات بل وعلى نطاق أوسع بعد أن انضمت إلى منظمة التجارة العالمية.

وأضاف التقرير أن أسعار الصرف في البلدان النامية قد سجلت استقراراً نسبياً. أما الاستثناءان الرئيسيان فهما الأرجنتين وتركيا اللتان اضطرتا إلى تعويم عملتيهما مما أدى إلى حدوث قدر كبير من الاضطراب المالي.

ففي الأرجنتين، جاء التخلي عن ربط العملة بالدولار في سياق أزمة اقتصادية أوسع نطاقاً بكثير، إلا أن عدوى هذه الأزمة لم تنتشر على نطاق واسع إلى أسواق ناشئة أخرى.

فمنذ بداية عام 2001 حدث المزيد من التحول فيما بين البلدان النامية نحو اعتماد أنظمة أسعار صرف معومة.. وعلى الرغم من الاستجابات المنسقة من قبل أهم البنوك المركزية في العالم في أعقاب أحداث 11سبتمبر فإن السياسة العامة في الولايات المتحدة وحدها قد ركزت باستمرار على الحد من تأثير التباطؤ على العمالة والدخل الحقيقي.

وقد أدى ميثاق الاستقرار والنمو في منطقة اليورو إلى السعي لبلوغ مستويات مستهدفة للعجز دون إيلاء ما يكفي من الاعتبار للمراكز الدورية لمختلف البلدان.

وأوضح التقرير أنه وفي حين أن ضعف اليورو قد ساعد في المحافظة على الطلب الأجنبي فإن السياسة النقدية في منطقة اليورو كانت أيضاً سياسة تقييدية من منظور عالمي. ففي اليابان يبدو أن الآمال معقودة على ضعف الين من أجل تحقيق انتعاش من خلال التصدير. إلا أن الانتعاش يتطلب أيضاً زيادة في الإنفاق الاستهلاكي وهي زيادة من غير المحتمل أن تكون السياسة النقدية وحدها قادرة على تحقيقها.

وأوضح تقرير الأونكتاد ان الكثير من الأوضاع الاقتصادية تظل تعتمد على قوة الانتعاش في الولايات المتحدة. فعلى الرغم من ارتفاع مستوى البطالة وتباطؤ نمو الأجور الفعلي الا ان الإنفاق الاستهلاكي أدى إلى الحد من الانخفاض في الناتج. وبالنظر إلى أن المدخرات الخاصة فانها لا تزال متدنية جداً، ولتحقيق الانتعاش المستمر يتعين على الأسر العودة إلى ما اعتادت عليه من مستويات الإنفاق.

وكشف تقرير الأونكتاد أنه ونتيجة للسياسات النشطة الرامية إلى حفز الطلب المحلي استطاعت معظم الاقتصادات الآسيوية العودة إلى معدل نمو إيجابي في الربع الأخير من عام .2001 كما استطاعت بعض اقتصادات أميركا اللاتينية والاقتصادات التي تمر بمرحلة انتقالية تعزيز هذا الاتجاه العام في وقت سابق من السنة. إلا أنه من غير المحتمل أن يعود النمو في العام الحالي الى معدله.

وذكر تقرير الاونكتاد ان الاحصاءات التي تدل على حدوث توسع كبير في صادرات البلدان النامية من المنتجات كثيفة الاستخدام للتكنولوجيا فهي احصاءات مضللة، اذ يبدو ان البلدان النامية تصدر هذه المنتجات بالفعل ولكن حقيقة الأمر هي ان هذه البلدان غالبا ما تشارك في مراحل التجميع المتدنية المهارات ضمن سلاسل الانتاج الدولية التي تنظمها الشركات عبر الوطنية.