مصادر: ضخ الأموال في «طيران الخليج» لم يبدد القلق على مستقبل الشركة

مشاكل الشركة المزمنة ترتب عليها ديونا متراكمة زادت على 800 مليون دولار وألغت 392 وظيفة وعمان ربطت موافقتها على البقاء بتوفر إمكانيات الإصلاح

TT

اعطت القرارات التي اصدرتها الجمعية العمومية لشركة طيران الخليج في اجتماعها الطارئ بأبوظبي الليلة قبل الماضية رسالتين متناقضتين، فهي من جانب اعطت الشركة حقنة مسكنة لأزمتها المزمنة من خلال ضخ اموال جديدة لدعم ميزانية الشركة يصل مجموعها الى 300 مليون درهم اماراتي (81 مليون دولار)، وهي من جانب آخر فشلت في تبديد اجواء القلق والمخاوف على مصير الشركة من خلال الاعلان عن انسحاب قطر منها.

ومع ان مجلس ادارة الشركة الجديد الذي يضم بعد انسحاب قطر ممثلي أبوظبي والبحرين وسلطنة عمان اعتبر الدعم المالي الذي قررت الدول الثلاث تقديمه للشركة بمثابة طوق نجاة لها، الا ان هذا الدعم يقل كثيراً عن المبالغ المقترحة لمعالجة الازمة المالية والمديونيات المتراكمة والتي يصل مجموعها الى حوالي مليار درهم اماراتي، ويعكس تواضع المبالغ التي قررت الدول الثلاث ضخها في ميزانية الشركة حالة من الشك في امكانية معالجة كافة جوانب المشاكل المالية والتشغيلية للشركة.

وكان هذا واضحاً في تصريحات رئيس مجلس ادارة الشركة الشيخ حمدان بن مبارك بعد الاجتماع، والذي ربط زيادة رأس مال الشركة بفترة زمنية محددة بثلاثة اشهر يقوم خلالها الرئيس التنفيذي الجديد للشركة جيمس هوجن الذي تم تعيينه قبل اسبوعين بوضع برنامج تنفيذي لاعادة هيكلة الشركة في ضوء النقاط التي حددتها الشركة الاستشارية الاميركية التي كان طيران الخليج قد كلفها بدراسة مختلف جوانب المشكلات المالية والتشغيلية للشركة.

واعتبرت مصادر صناعة الطيران ان الاموال التي قرر الشركاء الثلاثة ضخها في ميزانية الشركة هي بهدف مواجهة الاحتياجات العاجلة للشركة مثل دفع قيمة المستحقات والمديونيات ومصروفات التشغيل على ان يترك موضوع الاموال اللازمة للاصلاح الهيكلي لمرحلة تالية تكون فيها الشركة قد وضعت برنامجاً زمنياً لتنفيذ توصيات الشركة الاميركية الاستشارية.

وحسب صيغة المعالجة المتدرجة التي قررها مجلس ادارة الشركة الجديد، فان الخيارات امام مستقبل الشركة لا تزال مفتوحة، بما في ذلك العودة الى مربع الازمة الاول اذا تبين ان كلفة الاصلاح النهائية اكبر بكثير مما كان متوقعاً او ان النتائج المتوخاة من دفع تلك الكلفة غير مضمونة.

وتجدر الاشارة الى ان التقديرات الاولية لاصلاح الشركة تشير الى وجود حاجة لزيادة رأس المال الى اكثر من 600 مليون دولار.

لكن مصادر قريبة من الاجتماع الطارئ الذي عقد في ابوظبي شككت في امكانية توفير هذا المبلغ خاصة في ضوء انسحاب قطر وانتقال عبء اي زيادة اخرى للشركاء الثلاثة الباقيين وفي ضوء تحفظات عمانية دفعتها الى ربط موافقتها على البقاء في الشركة بتوفر امكانيات حقيقية للاصلاح.

ويبدو ان الشركاء الثلاثة مصرون الآن على نقل مفهوم الشركة من كونها عنواناً للتعاون السياسي والترابط الجغرافي للدول المالكة الى مفهوم تجاري صرف، وهذا هو ما يفسر تعيين رئيس تنفيذي اجنبي للشركة وعدم اخضاع هذا المنصب لتدخلات واعتبارات سياسية من الدول المالكة.

وينسحب ذلك على الادارات الرئيسية في الشركة بحيث لا تعود الحصة اساساً في توزيع الوظائف العليا على ابناء الدول المالكة وهو امر فرض اعباء مالية كبيرة على ميزانية الشركة.

وتقول مصادر في صناعة الخليج ان سلطنة عمان التي تملك ناقلة وطنية خاصة هي الطيران العماني، تملك نفس مبررات قطر للانسحاب من الشركة.

وقد انسحبت قطر لانها كانت ترى ان من مصلحتها تدعيم ناقلتها الوطنية الخطوط القطرية بدلاً من ضخ اموال لانقاذ شركة طيران الخليج من ازمة لم تنجح الادارات المتعاقبة للشركة من الخروج منها.

وتقول مصادر اماراتية ان الوضع النهائي للشركة سيحسم من خلال شراكة اماراتية ـ بحرينية، وان استمرار سلطنة عمان المشروط بنجاح برنامج الاصلاح سيؤدي في نهاية المطاف الى وصول الدول الثلاث الى نقطة الاستحقاق الحاسمة وهو اعادة النظر في ملكية الشركة وما إذا كانت ستظل ملكية حكومات ام يتم اعادة الهيكلة بحيث تتحول الى شركة تجارية بكل ما في الكلمة من معنى بما في ذلك ادخال القطاع الخاص سواء في الدول المالكة او غيرها كمستثمرين في الشركة.

وتقول مصادر اماراتية ان ابوظبي مهتمة ببقاء الشركة نظراً لموقعها في الاقتصاد البحريني والانعكاسات الاجتماعية المحتملة لأي قرار بتصفيتها.

وأوضحت ان بعض الدول المالكة للشركة معنية بأخذ الأبعاد السياسية والاجتماعية بعين الاعتبار، لكن مالكين آخرين يعتبرون ان أي زيادة في رأس مال الشركة لن يؤدي الى حل نهائي لمشاكل الشركة المزمنة والتي رتبت عليها ديوناً متراكمة زادت على 800 مليون دولار.

وكانت الدول الأربع المالكة لطيران الخليج قد ضخت في مايو (ايار) 2001 نحو 160 مليون دولار لمواجهة أزمة الشركة المالية التي تفاقمت منذ اعتداءات 11 سبتمبر (ايلول) في الولايات المتحدة، وفي فبراير (شباط) قامت الشركة التي تشغل خمسة آلاف شخص بالغاء 392 وظيفة.

ويتوقع ان يؤدي انسحاب قطر من الشركة الى تقليص جديد في عدد الموظفين خاصة ان الكوادر القطرية في الشركة قد تفضل الانتقال للخطوط القطرية.

كما يتوقع ان يؤدي انسحاب قطر الى تقليص عدد رحلات طيران الخليج لقطر او تلك التي تنطلق من قطر، حيث ان معظم هذه الرحلات كانت مبرمجة لاعتبارات تتعلق بمساهمة قطر بالشركة.

=