السياحة العربية بعد 11 سبتمبر

نواف التميمي

TT

يجمع الكثيرون، ولو همسا، أن رب ضارة نافعة، فاذا كان الكثير من القطاعات الاقتصادية في العالم قد تضررت بفعل الاحداث التي أصابت مدينتي واشنطن ونيويورك يوم الحادي عشر من سبتمبر (ايلول) الماضي، فان قطاع السياحة العربي والمرافق الدائرة في فلكه قد استفادت، أو يمكن أن تستفيد من نتائج هذه الأحداث.

يقول البعض ان المسافرين الأجانب باتوا يفضلون السفر على متن الخطوط الجوية العربية للاحتماء بها وتفادي احتمال وقوع أي عمل «ارهابي» بأيدي عربية. البعض الاخر قال إن السياح العرب سوف يتجهون هذا الصيف الى مدن مثل الاسكندرية وبيروت ودمشق والدار البيضاء... بدلا من لندن ونيويورك وباريس لتفادي العنصرية وتعقيدات تأشيرات السفر واجراءات التفتيش والاستجواب في المطارات الغربية.

ليس هناك ما يؤكد أو ينفي «الادعاء» الأول، غير أن استطلاعا للرأي أجرته صحيفة «الخليج» الاماراتية أكد أن هناك حركة سياحية عربية بينية نشطة، وتوقع 84 في المائة ممن شملهم الاستطلاع ان تنتعش السياحة العربية البينية هذا الصيف اذا ما تم استغلالها بعناية فائقة وتقديم العروض التشجيعية للسياح والزائرين. بالمقابل فان72 في المائة ممن شملهم الاستطلاع لا يفضلون السفر الى الولايات المتحدة نتيجة المضايقات التي يواجهونها. وبالمحصلة يقر 80 في المائة ان أحداث الحادي عشر من سبتمبر لعبت دورا كبيرا في تغيير وجهة نظرهم في اتخاذ القرار الخاص بتحديد الوجهة التي سيسافرون اليها هذا العام. قد نتفق مع التحليلات النظرية أو نختلف معها، لكن استطلاعات الرأي تبقى مؤشرا هاما يعتد به رغم هوامش الخطأ التي تشوب بعضها. والواضح من نتائج الاستطلاع الذي أجرته صحيفة الخليج على عينة من مواطني الامارات العربية أن «الفرصة الذهبية» لقطاع السياحة العربية قد حلت، وبات من المطلوب الاعداد للاستفادة منها على أكمل وجه وتوظيفها لتطوير صناعة السياحة العربية وتحويلها الى مورد رئيسي تبنى عليه صناعات اخرى تساهم كلها في دعم موارد الحكومات وانعاش القطاع الخاص والمساهمة في حل الكثير من المشاكل الاقتصادية وأهمها البطالة في صفوف الشباب.

ولكي يلتقط القائمون على هذا القطاع اللحظة ويستثمرونها فان عليهم العمل لتأسيس «ثقافة سياحة» تعني الفرد والمؤسسة والدولة، فالتنمية السياحية لا تقتصر على اقامة المعارض والندوات والجولات السياحية ودعوة الوفود الاعلامية واستئجار مؤسسات الدعاية والترويج، كما أنها لا تكون بتشييد المنتجعات الفاخرة وفنادق النجوم المتصاعدة وحسب.

ولكي تلتقط الدول العربية ذات الامكانيات السياحية، وخاصة تلك التي ستكون مقصد السياح العرب والأجانب هذا الصيف، الفرصة فان عليها اعادة النظر مبكرا في كل ما ينفر السائح بدءاً من اجراءات الحصول على التأشيرة وانتهاء باجراءات المغادرة مرورا بكل ما بين المحطتين من مراقبة على نظافة وسلامة المرافق السياحية، ومحاربة «الفهلوة» التي تنشر شباكها على الشواطئ وفي الحدائق والفنادق لاصطياد السائح «الغشيم».

[email protected]