تقرير: سيطرة البنوك وغياب الشفافية يقلصان حجم سوق الأسهم السعودي

TT

صنف التقرير نصف السنوي لمجموعة البحوث الاقتصادية والاستثمارية، الصادر عن المركز الاستشاري للاستثمار والتمويل بالرياض، السعودية بالدولة الخليجية الوحيدة التي لا يوجد بها سوق رسمي للاسهم تشرف عليه سلطة تنظيمية مستقلة، مخالفة بذلك البنية التنظيمية لاسواق الدول الخليجية الخمس الاخرى والتي لديها اسواق اسهم مؤسسة تأسيسا جيدا ومنظما، فمازال سوق الاسهم السعودي ينظم من خلال ثلاث مؤسسات، فوزارة التجارة تختص بجانب السوق الاولية وتتولى وزارة المالية جانب السياسة العامة في حين تقوم مؤسسة النقد العربي السعودي بالرقابة المباشرة على سوق الاسهم في ما يتعلق بالادارة والتشغيل.

وبينما يمكن اعتبار هذا الخيار التنظيمي لسوق الاسهم مقبولا عند بداية هذه الآلية المؤسسية، الا ان هذه البنية الحالية في اطار الظروف الراهنة فقدت ملاءمتها، حيث تشهد اسواق الاسهم تطورات مضاعفة وتشهد الخارطة الاقتصادية ايضا تغيرا تاما.

وتشير الدراسة الى ان سوق الاسهم السعودي يسير في اتجاه معاكس لاسواق الاسهم الناشئة، التي يزداد عدد المساهمين بها على مدى فترة زمنية معينة استجابة لنمو السوق، بخلاف السوق السعودي، حيث ينخفض عدد المساهمين بشكل ملحوظ مما ساهم الى حد كبير في تركز الاسهم بشكل ملحوظ في ايدي عدد قليل من المستثمرين وقلل من فرص توفير اسهم حرة للتداول .

وعلى الرغم من ان المشاركة الاجنبية سوف توفر على الامد الطويل العمق والاتساع المطلوبين بشدة لسوق الاسهم السعودي، فمازالت السعودية هي الدولة الوحيدة في الشرق الاوسط التي منعت تماما الاستثمار من قبل المستثمرين الاجانب واقفلت سوق الاسهم تماما في وجه استثمارات المحفظة الاجنبية، بخلاف دول مجلس التعاون الخليجي، مما جعل سوق الاسهم السعودي يفتقر الى درجة كبيرة من العمق.

ومع احتمالية فتح سوق الاسهم السعودي للمستثمرين الاجانب فان الافتقار الى الشفافية وضعف معايير الافصاح سيظلان بلا شك حجر عثرة في طريق الاستثمار الاجنبي، حيث ان معايير الافصاح لدى الشركات المسجلة في سوق الاسهم ضعيفة جدا وتفتقر البيانات المعلنة الى التفاصيل المطلوبة للمحلل الباحث لتحليل الارقام والخروج بنتائج ذات مغزى. كما ان ضعف معايير الافصاح مكن بعض الاشخاص المطلعون على بواطن الامور، وفق مسمى التقرير، من القيام بعمليات تلاعب باسعار بعض الاسهم لمصالح شخصيِة.

ووصف التقرير سوق الاسهم السعودي بانه مازال سوقا ناميا بالنظر الى العدد القليل للشركات المدرجة فيه مقارنة بالعدد الاجمالي للشركات المساهمة المسجلة لدى وزارة التجارة، ورغم كونه في الوقت الراهن اكبر سوق اسهم في المنطقة برسملة تبلغ حوالي 273 بليون ريال سعودي. ويستند التقرير في هذا التصنيف الى عدد الشركات المضافة الى هذا السوق خلال العقد المنصرم التي لم تتعد 13 شركة فقط، وان راس المال الذي تم جمعه عن طريق هذه الاصدارات الاولية بلغت نسبة 8.94 في المائة فقط من اجمالي راس مال الاسهم للشركات المسجلة في السوق ، كما بلغت نسبة المساهمة في رسملة السوق الحالية 2.54 في المائة فقط. كما يرجع ظاهرة احجام الشركات عن التحول الى شركات مساهمة وادراج اسهمها في سوق الاسهم الى قصور في الموارد البشرية المؤهلة بوزارة التجارة، علاوة على العامل النفسي المسيطر على وزارة التجارة بشعورها بالمسؤولية عن نجاح أو فشل محاولات الشركات التي تسعى للتحول الى شركات مساهمة والتسجيل في سوق الاسهم السعودي . وهذا العامل النفسي يدفع وزارة التجارة الى الميل نحو تحويل جميع طلبات انشاء الشركات المساهمة الى شركات مساهمة مغلقة، مما صرف العديد من شركات القطاع الخاص من التقدم بطلباتها للتحول الى شركات مساهمة وادراج اسمائها في سوق الاسهم السعودي، وحرم هذا السوق من بعض مؤسسات الاعمال الكبيرة خاصة في قطاعي الصناعة والخدمات.