اليابانيون يعزفون عن شراء الذهب رغم الأزمات السياسية العالمية

TT

طوكيو ـ رويترز: ما تعيشه شبه القارة الهندية من احتمال اندلاع حرب نووية، واستمرار التفجيرات الانتحارية في الشرق الاوسط، والمخاوف من هجمات بقنابل قذرة في مانهاتن.. في مثل هذه الاحوال من الطبيعي ان يشعر المرء بالتوتر. واذا كان مستثمرا قلقا فلا بد ان يتجه لشراء الذهب. لكن اللافت للنظر ان المستثمرين اليابانيين المعروفين بحرصهم الشديد على تجنب المخاطرة برأس المال لم ينضموا الى موجة الشراء الاخيرة للذهب.

وربما كل ما ذكر من اسباب ادت الى ارتفاع المعدن الاصفر فوق 330 دولارا للاوقية (الاونصة) الاسبوع الماضي مسجلا اعلى مستوى منذ اكتوبر (تشرين الاول) عام 1999 مع تهافت المستثمرين في شتى انحاء العالم على شراء الاصول التي يعتبرونها ملاذا آمنا.

ويفسر المحللون هذا على انه حالة قصر نظر فيما يتصل بالجغرافيا السياسية.

يقول ايتسو توشيما المدير الاقليمي لمجلس الذهب العالمي «بالنسبة لمعظم المستثمرين اليابانيين فان ما يحدث في الشرق الاوسط مسألة نائية وبعيدة عنهم. فهم لا يتحركون الا بدافع تهديدات تلوح امام اعينهم مباشرة مثل شبح ضياع ودائعهم المصرفية». وتأكيدا لذلك يمكن العودة بالذاكرة الى ما حدث في فبراير (شباط) عندما ساهم القلق بشأن حالة اقتصاد اليابان والنظام المصرفي المحلي في دفع الذهب للارتفاع فوق مستوى 300 دولار للاوقية لاول مرة في عامين.

وتحت تأثير الذعر من قرب انتهاء ضمان الحكومة للودائع المصرفية اقبل صغار المستثمرين على شراء 47.5 طن من الذهب في الربع الاول من عام 2002 وهو ما يوازي تقريبا اربعة امثال المشتريات في نفس الفترة من العام الماضي.

لكن عمليات شراء الذهب اليابانية انحسرت منذ ذلك الحين رغم استمرار التوترات العالمية.

وارتفع سعر الذهب المقوم بالدولار 22 في المائة منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر (ايلول) على الولايات المتحدة تعززه المخاوف من الارهاب والتوترات في الشرق الاوسط والقلق من احتمال نشوب حرب بين القوتين النوويتين المتنافستين الهند وباكستان.

وبلغ سعر الذهب في المعاملات الفورية في طوكيو امس نحو 319 دولارا للاوقية.

وقال اكيو شيباتا كبير الاقتصاديين في معهد ابحاث ماروبيني انه في حين تمثل التطورات الجغرافية السياسية خلفية غير مباشرة في قرارات المستثمرين اليابانيين فانها نادرا ما تكون سببا مباشرا في دفع اليابانيين لشراء الذهب.

وتشير بيانات وزارة المالية الى ان واردات الذهب اليابانية هبطت 57.2 في المائة في ابريل (نيسان) مقارنة مع الشهر السابق لتصل الى 5.56 طن.

يقول شيباتا «اذا نظرت الى الرسوم البيانية ستجد ان مسار الذهب تغير بعد الحادي عشر من سبتمبر. وكل ما يهم الناس هو المحافظة على قيمة اصولهم». لكن المحللين يقولون ان الصلة بين المخاطر والاموال ليست واضحة دائما.

ويقول توشيما من مجلس الذهب العالمي «اعتقد ان المستثمرين اليابانيين يجدون صعوبة في ادراك تأثير الارهاب على محافظهم الاستثمارية. فبالنسبة لهم الارهاب شيء مرعب يحدث في الولايات المتحدة ولكن ما داموا يعيشون في طوكيو او اوساكا ويتفرجون على مباريات كرة القدم ويذهبون يوميا لاعمالهم فانهم لا يشعرون بصفة خاصة بتهديد الارهاب». وقد ادت عدة كوارث طبيعية الى تهافت اليابانيين على شراء الذهب. ففي عام 1995 قفزت المبيعات الى 139.1 طن بعد ان ضرب زلزال مدينة كوبي في غرب اليابان وشنت جماعة متطرفة هجوما بغاز الاعصاب السام في محطة لقطارات الانفاق في طوكيو.

وفي هذه الحالات كانت الازمات في عقر دار اليابانيين.

يقول احد كبار المتعاملين في المعادن النفيسة في شركة سمسرة يابانية «اليابانيون يميلون الى تجاهل الاحوال العالمية. انهم اناس لا يلقون بالا للصراع بين الباكستانيين والهنود. كما انهم لم يسمعوا مطلقا عن القنابل القذرة».