الحريري يبحث مع المؤسسات المصرفية والاستثمارية في لندن خطوات الإصلاح الاقتصادي في لبنان

TT

اعلن رفيق الحريري رئيس الوزراء اللبناني خلال حوار مع عدد من رجال المال والاعمال في «حي المال» في لندن امس حيث يزورها حاليا، ان مجلس الوزراء اللبناني سيلاقي مؤتمر «باريس ـ 2» بالاسراع في اقرار موازنة الدولة لسنة 2003 خلال يوليو (تموز) المقبل مخفضة بنسبة 10 في المائة عن موازنة السنة الجارية، وأكد بشدة ان لبنان ليس الارجنتين التي يكون مثلها وذلك في رد على سؤال وجهه اليه احد الحاضرين.

وعرض الحريري لممثلي المؤسسات المصرفية والاستثمارية في حي المال اللندني «السيتي» الخطوات التي اتخذتها الحكومة اللبنانية للاصلاح المالي واطلاق عجلة الدورة الاقتصادية في لبنان، شارحا «التحديات التي نواجهها عوضا عن الجوانب الايجابية للوضع في البلاد». وقال: «لدينا مديونية عامة يتحدث عنها الجميع ونواجه عجزا في الموازنة ايضا. وامامنا كثير من التحديات لخصخصة عدد من القطاعات وبرنامج لتخطي كل هذه المشاكل. لقد وجهت بعض الانتقادات لبرنامجنا، لكن احدا لم يقدم بديلا عن البرنامج الذي اطلقناه. ان الوضع الحالي هو وجود المديونية وخدمتها مرتفعة جدا، واذا نجحنا في خفض هذه المديونية وخدمتها سيكون عندها وضعنا جيدا. وفي الواقع يمكن ان يكون عندها وضعنا ممتازا. ان برنامجنا صعب لكنه ليس مستحيل التطبيق. نريد ان نخصص مرافق عدة وخصوصا الاتصالات والكهرباء والمياه والصرف الصحي، ونعتقد انه عبر خصخصة هذه المرافق يمكن الحصول على بعض الاموال لخفض المديونية العامة، وهي في الواقع مبالغ كبيرة، كما يمكننا ايضا تحسين الخدمات التي يمكن للقطاع الخاص ان يقدمها في مجال المياه والكهرباء والاتصالات، مما سيلعب دورا مهما في تأمين نمو الاقتصاد. اذن هناك هدفان: الاول خفض المديونية العامة، والثاني هو تفعيل القطاع الخاص للعب دور مهم في نمو اقتصاد البلاد».

واضاف الحريري: «في موازنة عام 2002 لدينا فائض في الموازنة الاولية ونحن نتوقع فائضا اكبر في موازنة 2003. وفي الاجتماع الاخير لمجلس الوزراء في حضور رئيس الجمهورية توافقنا على تخفيض مصاريفنا بنسبة عشرة في المائة. وهذا قرار اتخذه مجلس الوزراء بالاجماع ورئيس الجمهورية يدعم هذا التوجه. ونحن نعتقد انه يمكننا ان نصدر الموازنة في الاشهر المقبلة، بين شهري يوليو (تموز) واغسطس (آب) وعلى الارجح في يوليو. اذن، سينهي مجلس الوزراء الموازنة ابكر بكثير من المعتاد لاننا نريد ان نظهر ارادة قوية جدا ونريد ان نطلق رسالة قوية بأننا نخفض انفاقنا ونزيد ايرادنا. وهذا جزء من الاجراءات التي نتخذها لخفض عجز الموازنة. واعتقد انه يمكننا عبر الاجراءات التي نتخذها وعبر الخطوات والخصخصة التي نعتقد انها خلال السنتين الحالية والمقبلة وربما جزء من عام 2004 يمكنها ان تحقق هدفنا في خفض المديونية العامة وزيادة ايرادنا وخفض انفاقنا، بشكل نصل الى وضع مريح اكثر».

وأكد الحريري «ان كل هذه الخطوات هامة، لكنني اعتقد انها ليست كافية لبلوغ الهدف الذي ننشده جميعا وهو خفض خدمة المديونية ونسبة الفائدة، حيث نسدد حاليا نسبة عالية جدا. لقد ابلغنا المجتمع الدولي برمته ـ البنك الدولي وصندوق النقد الدولي واصدقاءنا في العالم والاتحاد الاوروبي وبعض اعضائه وبخاصة فرنسا واليوم سوف التقي رئيس الوزراء البريطاني توني بلير، ودول الخليج وخاصة السعودية واصدقاء آخرين في العالم ـ قلنا لهم اننا نقوم بكل ما بوسعنا لبلوغ الاستقرار في البلاد الذي يعكس الاستقرار في المنطقة.

لكن لا يمكننا ان نقوم بذلك بمفردنا، ونحتاج الى مساعدة المجتمع الدولي. ونعتقد بقوة ان الخطوات التي نتخذها ستسمح لنا بالحصول على هذه المساعدة وان المجتمع الدولي سيقف الى جانبنا، وهذا سيظهر خلال السنة الحالية. ونحن نستعد لاجتماع «باريس ـ 2» وسوف التقي بالقيادة الفرنسية بعد ان انتهت الآن من الانتخابات، ونحن على اتصال لتحديد موعد بعد تشكيل الحكومة الجديدة لكي اتوجه للقاء القيادة الفرنسية، وعندها سنبحث التوقيت المناسب لعقد اجتماع باريس ـ 2».

وقال: «نحن نملك الارادة السياسية، وقد نواجه بعض المشاكل لكننا نؤمن بقوة ان بامكاننا تخطيها. لا نتوقع ان تجري الامور بكل سهولة، ولا بد من ان نواجه بعض المشاكل السياسية لكني لا اعتقد ان هذه المشاكل السياسية ستصل الى طرق مسدود. بل على العكس، لقد ثبت ان النظام يعمل كما يجب ونظام البلاد قوي وعلى الرغم من بعض المشاكل السياسية، يمكننا حل المشاكل وبلوغ اهدافنا وتطبيق برنامجنا».

ثم دار حوار بين الحريري والحاضرين فسئل عن مقارنة البعض بين الوضع في لبنان وما حصل في الارجنتين، فأجاب: «نحن لسنا الارجنتين. لبنان ليس الارجنتين على الاطلاق. في الارجنتين ليس هناك من نمو في الاقتصاد بل على العكس ان النمو سلبي. ومن جهة اخرى، ان الاموال والودائع في المصارف هي اقل بكثير من اجمالي الناتج المحلي.

في وضعنا، لدينا اكثر من الضعف، الودائع في المصارف تساوي مقدار مرتين الى ثلاث مرات اجمالي الناتج المحلي».