رافقتكم السلامة

نواف التميمي

TT

عندما تتجول في لندن، تلفت انتباهك اشياء كثيرة، أولها السياح القادمون من كل اصقاع العالم من جاكرتا شرقا الى اوسلو شمالا ثم كيب تاون جنوبا وهافانا غربا. اليونانيون والقبارصة والاسبان والطليان وحتى اليابانيون والكوريون يأتون للتجول في ساحات وحدائق «بيكاديللي» و«ليستر سكوير» و«كوفنت جاردن» وطبعا «اكسفورد ستريت»، يأخذون الصور التذكارية عند أبواب «باكنغهام بالاس» و«كينسنغتون بلاس» و«الهايد بارك» و«ويندسور كاسيل». تراهم افواجا وفرادى يطوفون حول «بيغ بن» ومبنى «الهاوس اوف كومون» (البرلمان). يسيرون وعيونهم في خرائط سياحية ترشدهم الى الاماكن المميزة في لندن وحولها وسبل الوصول اليها باستخدام وسائل النقل المختلفة وخاصة «الاندر غراوند». وعلى ضفاف نهر التايمز يصطف السياح القادمون من خلف البحار، بانتظار دورهم لاستقلال «الفيري» أو الباص النهري للاستمتاع بمشهد نهري للندن، وبعضهم يفضل مشهدا عاما للمدينة فينتظر لساعات من أجل ركوب عجلة «لندن آي». شيء آخر يلفت الانتباه هنا، عندما يصل كل هؤلاء الى لندن فانهم يجدون بلدانهم وقد سبقتهم الى شوارع لندن ووقفت بانتظارهم في محطات قطار الانفاق. في كل ركن من زوايا العاصمة البريطانية، وعلى جنبات كل باص وتاكسي في شوارع مدينة الضباب تنتشر الاعلانات التي تروج لمدن العالم وللمواقع السياحية الشهيرة في باريس وميونيخ وموريشيوس والكاريبي وغيرها. آلاف الملصقات التي تروج للشواطئ والمعالم السياحية العالمية على جدران محطات «الاندر غراوند» وجوانب الباصات وتغلف سيارات التاكسي اللندنية. مكاتب السياحة العالمية لا تجد مانعا من الترويج لبلدانها وسط لندن، بل أنها ترى في ذلك أرقى حالات التنافس لتبادل السياح، وحتى شركات السياحة البريطانية التي تعمل من أجل جذب السياح الاجانب الى لندن تروج في الوقت نفسه لمدن العالم في قلب لندن، وتشجع الانجليز بعروض مغرية للاستجمام وأخذ حمام «شمس طبيعي» على شواطئ لارنكا وأثينا وأنقرة وجزر السيشل. أمر ثالث يلفت الانتباه هنا، فانك لا تجد الا بعض الملصقات الخجولة التي تروج للمنتجعات والمواقع السياحية العربية، والاستثناء هنا يخص المجهود المتميز الذي يسجل لدبي التي استطاعت أن تجتاح أعرق مدن العالم وتحفظ لنفسها موقعا متميزا على خارطة السياحة العالمية. وهناك أيضا المجهود الذي تحاوله شركات السياحة المصرية من خلال نشر ملصقات ترويجية للاهرامات وتحمل رسائل عن الحضارة والعراقة وحسن الضيافة المصرية. «موسم تونس في لندن» الذي كان في ابريل (نيسان) الماضي كان أيضا مجهودا مميزا للترويج لما تحفل به تونس من شواطئ ومنتجعات وخدمات سياحية تنافس مثيلاتها في الجنوب الاوروبي. الذخائر السياحية التي تحفل بها بلادنا تحتاج الى من يخرجها من مكانها وزمانها، يحملها بعيدا ويتجول بها في شوارع لندن وباريس وروما وطوكيو، نريد أن نرى شواطئ أغادير على اللوحات الالكترونية في «البيكاديللي»، ونتمنى أن تصل البتراء والعقبة والبحر الميت الى ساحات برشلونة، وأن تصل «الروشة» و«مغارة جعيتا» وجبال صنين الى فيينا، وأن تخضر غابات الأوراس على قمم جنيف، وأن يجري نهر بردى على ضفاف التيمز، ويرتفع الجبل الأخضر قبالة برج ايفل. وهل هناك أكثر تحدياً من بيع الماء في حارات السقائين.