لبنان يتجه نحو تخصيص الاتصالات خلال أشهر والكهرباء والماء والنقل في مرحلة لاحقة

الأمين العام للمجلس الأعلى للتخصيص: «باريس ـ 2» لن يعقد قبل التخصيص والتأخير استنزاف مستمر للخزينة

TT

كشف الامين العام للمجلس الاعلى للتخصيص في لبنان الدكتور غازي يوسف، ان التنقيب عن الغاز في المياه اللبنانية «واعد جداً» ومن المتوقع ان يكون بكميات تجارية وسيتضح ذلك خلال شهرين لأن الدراسات التي اجريت في المياه الدولية اظهرت وجود الطيات نفسها التي وجدت في المياه المصرية واكتشف الغاز فيها. واكد ان الدراسات القانونية بالنسبة الى العقود في المنطقة وكمية التلزيم والتخطيط وتقاسم الكميات المستخرجة كلها جاهزة، وقال ان الحكومة اللبنانية تتعاون في هذا الشأن مع خبير عمل لدى الحكومة البريطانية وكان مسؤولاً عن التنقيب في بحر الشمال.

وبعد ان لفت يوسف الى تطور قطاع الاستثمار في لبنان وخصوصاً بعد احداث 11 سبتمبر (ايلول) الماضي والاقبال العربي عليه، اشار الى الاهمية التي تعطيها الحكومة اللبنانية لمشاريع التخصيص، محذراً من ان هذه المشاريع اذا لم تنفذ فان مؤتمر «باريس ـ 2» الهادف الى مساعدة لبنان على تخفيض خدمة ديونه العامة البالغة 28 مليار دولار وبالتالي تخفيض العجز في موازنته قد لا ينعقد، مما سيؤدي في رأيه الى استمرار النزيف في الخزينة اللبنانية الذي هو ضغط يومي على الاقتصاد اللبناني.

وفي هذا الحوار مع «الشرق الاوسط» يلقي الدكتور غازي يوسف الضوء على قضايا التخصيص ومجمل الاوضاع الاقتصادية في لبنان مستشرفاً مستقبلها في ظل الاستعداد لعقد مؤتمر اصدقاء لبنان المعروف بمؤتمر «باريس ـ 2». وهنا وقائع الحوار:

* ما الذي انجز في التحضيرات الجارية للتخصيص في لبنان وما هو القطاع الذي سيتم تخصيصه سريعاً في ظل الاستعداد لمؤتمر «باريس ـ 2»؟

ـ ان التخصيص هي ركن اساسي من اركان الرؤية الاقتصادية للحكومة الحالية للخروج من الازمة الراهنة. كما ان برنامج التخصيص هو شرط من الشروط المهمة لانعقاد مؤتمر «باريس ـ2» بمعنى انه من دون تخصيص او خطوات ملموسة في هذا الاطار لا يمكن الدخول في «باريس ـ2»، فهذه هي اذاً العقدة المسهلة والعقدة المانعة لكثير من الاجراءات الاقتصادية الضرورية. اذاً التخصيص ضرورية ونحن في الحكومة الحالية قطعنا وعداً على انفسنا امام الندوات العالمية بأننا في طريق افتتاح الاسواق اللبنانية وتسهيل تدفق رأس المال العربي والاجنبي واللبناني من الخارج الى لبنان للمشاركة في اعادة الاصول التي تملكها الدولة للقطاع الخاص ولهذا فان مساهمة القطاع الخاص بالنسبة الينا هي ضرورية جداً، وبناء عليه بدأت الحكومة الحالية بتحضير القوانين اللازمة وصدر في عام 2000 ما يلزم الحكومة بتشريع او سن قوانين وارسالها الى مجلس النواب وهي تتعلق بتخصيص القطاعات التي تنوي خصخصتها وعلى هذا الاساس يصدر عن مجلس النواب براءة ذمة عن طريق ابرام هذه القوانين للسماح للحكومة بالشروع في عملية التخصيص. نحن بدأنا في تحضير القوانين وحضّرنا قانونين مهمين جداً هما قانون الاتصالات وقانون الكهرباء وارسلا الى مجلس النواب وننتظر ان يقر في 16 يوليو (تموز) الجاري قانون الاتصالات لأن قطاع الاتصالات هو الاقرب الى التخصيص وتأمين المداخيل المهمة للحكومة اللبنانية بما يمكنها من البدء بمعالجة مشكلة الدين العام وهذا القانون تعول عليه جداً. اما قانون الكهرباء فان اللجان النيابية المختصة تدرسه ونحن على استعداد للاجابة عن اي سؤال لديها حوله، خصوصاً ان قطاع الكهرباء بلغ مرحلة مهمة جداً من التحضيرات التي يقوم بها مستشارون لخصخصته.

اما في ما يتعلق بقطاع الاتصالات فهو ينقسم الى شقين الاول يتعلق بالهاتف الجوال (الجوال) والثاني يتعلق بالهاتف الثابت ويقوم المجلس الاعلى للتخصيص باعداد الدراسات بالتعاون مع وزارة الاتصالات كونها رائدة هذا القطاع، خصوصاً ان مجلس الوزراء كلف وزير الاتصالات تحضير الملفات المتعلقة ببيع رخصتي تشغيل الهاتف الجوال وقد حضّر الوزير بالتعاون مع مستشاره المالي الذي هو مصرف HSBC البريطاني ومستشاره القانوني فالنتاين ومؤسسة KPMG كل الملفات لاطلاق المزايدة والمناقصة العالميتين في اقرب وقت. حصل بعض التأخير بسبب بعض الشروط التي وضعها مصرف HSBC من اجل تأمين اكبر قدر ممكن من الشروط المسهلة والتي من الممكن ان تساهم في نجاح المزايدة، وتم وضع شروط مسبقة منها ان يكون القانون جاهزاً لبيع الرخصتين، خصوصاً ان قانون الاتصالات قطاع عام يضع المستثمر الراغب في شراء رخصة او رخصتين ضمن اطار التصور العام للدولة ازاء هذا القطاع، وكان هناك بعض التطمينات التي طالب بها المصرف بالنسبة الى التسلم والتسليم، خصوصاً ان الشركات الحالية عليها تحويل الاصول الى الوزارة او الى من تعينه الوزارة، وطريقة دفع التعويضات للشركات من جراء الانهاء المبكر للعقد وبعض الامور العالقة في ما يتعلق بتهديد احدى الشركتين باللجوء الى التحكيم والمحاكم لانها اعتبرت ان انهاء العقد كان تعسفياً ولا يحق للدولة به، وقد تمت حل بعض الامور وهناك امور اخرى في طريقها الى الحل، اقر بها آجلاً اقرار القانون العام في 16 يوليو الجاري، واتفاق تحويل الاصول بلغ مراحله النهائية بين الوزارة وشركتي ليبانسيل وسيليس وارسل الوزير رسالة ابلاغ للشركتين لتسليم القطاع في 31/8/2002 واذا جاءت شروط التسلم والتسليم مطابقة لتوقعات الوزارة والشركتين فلا يوجد مشكل في هذا الاطار والشركتان وافقتا على الموعد المحدد ولكن نأمل الا تكون هذه الموافقة مشروطة بدعاوى جديدة، والوزارة تستطيع تسلم القطاع برضى الشركتين او بغير رضاهما، فاذا تسلمت برضاهما لا توجد مشكلة، اما اذا تسلمت بعدم رضاهما فمعنى ذلك ان هناك مشاكل قضائية.

* ما هو الانطباع السائد حتى الآن حول مستقبل العلاقة بين وزارة الاتصالات والشركتين؟

ـ الانطباع هو ان من الممكن التوصل الى حل رضائي مع احدى الشركتين، واذا توصلنا الى هذا الحل فسيكون من مصلحة الشركة الثانية التوصل الى الحل نفسه، واذا تمت عملية التسلم والتسليم هذه في موعدها فأعتقد اننا سنكون في حاجة الى ثلاثة اشهر لاتمام عملية المزايدة وربما سيكون لدينا مشغلون جدد للهاتف الجوال في اكتوبر (تشرين الأول) او قبل نهاية السنة. ومع اطلاق هذه الحملة نكون قد اظهرنا جدية في التعاطي مع هذا الملف كما ان القانون سيسمح لنا بتأسيس شركة جديدة للاتصالات هي «ليبان تلكوم» وهي من ضمن القانون الذي يفرض علينا بعد اقراره بسنتين ان نبيع 40% من هذه الشركة لمستثمر عالمي استراتيجي، وهذه الشركة تملك الهاتف الثابت ولها الحق في رخصة خدمات الهاتف الجوال، ولكن هذه الرخصة نسميها الشبكة الافتراضية اي انها شبكة ليس لديها البنى التحتية ولكنها تستعمل البنى التحتية للشركتين الأخريين، وهذا القانون يسمح لنا بأن نكمل في طريق التخصيص.

وهناك ايضاً امكانية للنمو في هذا القطاع، فاذا كان هذا القطاع يعود لشركة خاصة. فبدلاً من ان تحتفظ الشركة بـ 300 مليون دولار والدولة بـ 200 مليون دولار للتشغيل فهناك ارباح صافية تبلغ 500 مليون دولار، اذاً هذا القطاع يساوي مليار دولار سنوياً. فاذا حسبنا قيمته على 10 سنوات يمكن ان تأخذ هذا القطاع بـ 7 مليارات دولار، فاذا قمت بتسنيد الـ 7 مليارات دولار هذه وحسمتها بـ 9% فاذا كان مشرّكاً وبعته القسم الجوال والقسم الثابت وخصخصته فهذا القطاع اذاً سندته على 10 سنوات يساوي دخله فقط نحو 6 مليارات دولار. اما اذا تكلمنا عن الصافي فهو 600 مليون دولار للجوال نحو 400 مليون دولار، و200 مليون دولار من الهاتف الثابت، وبعنا هذا القطاع بـ 700 مليون دولار على ما معدله 8 او 12% فاذاً يساوي 7 او 6 مليارات دولار.

وهذا يشمل كل الخدمات بما فيها الاتصالات الخارجية وهي تتضمن قيمة مهمة، والبعض يشكك بالقيم. لقد أجريت دراسة بسيطة لمداخيل الدولة من قطاع الاتصالات للسنوات الثلاث الاخيرة وأخذت رقم العائدات من الهاتف الثابت وبلغ بمعدل وسطي 430 مليون دولار سنوياً وزارة الاتصالات تقتطع منه كلفة للتشغيل والتصليحات ورواتب الموظفين وتحول الدخل الصافي الى الخزينة. كما ان عائدات مشغلي الهاتف الجوال بلغت ما معدله 620 مليون دولار في السنة وقد تم تحويل 320 مليون دولار للخزينة وبقية المبلغ للشركات، اذن هذا القطاع معدله السنوي مليار او مليار ومائة مليون دولار على مدى السنوات الثلاث الماضية.

* لماذا يوجد فارق بين تقديرات صندوق النقد الدولي والحكومة اللبنانية لعائدات التخصيص في لبنان؟

ـ الصندوق يقول انه ينظر الى ما يحصل في العالم، الاسعار تهبط. والشركات التي تتعاطى الاتصالات هبطت اسعار اسهمها في البورصات العالمية، والبورصات نفسها كانت عرضة للكثير من التكهنات بأرباح مستقبلية مما رفع الاسعار جداً ولكنها عادت وهبطت. مثال على ذلك شركة فرانس تيليكوم التي هي اكبر شركة اتصالات في العالم، فقبل سنتين كانت تقيم عالمياً بـ 200 مليار يورو، وقبل اسبوعين اصبحت قيمتها 14 مليار يورو، ويوم الخميس الماضي وصلت الى 17 مليار يورو. ولكن هل هذا يعكس قيمة الشركة اذا قالت البورصة ذلك؟ انها قيمة الاسهم ولكن الشركة تشغيلياً وغيره لديها قدرات اكبر من ذلك بكثير.

* لماذا يقال ان نظام الاتصالات GSM المعمول به في لبنان اصبح قديماً وان المطلوب تخصيص قطاع الهاتف الجوال سريعاً لانه مستقبلاً لا يحقق الاسعار التي تريدها الدولة، في حين ايراداته كبيرة ومحققة ويعمل بنجاح في ضوء عدد المشتركين الكبير؟

ـ ان النظام المتبع عندنا هو «جي.اس.ام» و«جي.بي.آر.آس»، وهو قطاع متطور جداً. وفي الرخصة التي وضعناها يحق للمشغل استخدام كل التطور الذي يمكن ان يطرأ على هذا القطاع. اما النظام الذي يتم الحديث عنه فهو نظام افتراضي لم يتحقق حتى الآن وتم بناء كثير من الآمال عليه مما دفع الى رفع الاسعار. وكان هناك ترقب من ان يؤدي هذا النظام الى رقم خيالي في الارباح ولكن حتى الآن لم تتم تجربته، حيث تم بيع هذا النظام الجديد بأسعار بخسة جداً.

* صندوق النقد الدولي يضع في حساباته ان انجاز التخصيص يجب ان تحسم منه العائدات السنوية المحققة حالياً بينما الحكومة تعتبر المبلغ الكلي والتقديرات لا تأخذ في الاعتبار العائدات المحققة سنوياً في احتساب مردود التخصيص. كيف ترون هذه المعادلة؟

ـ لقد طرحنا في القانون ان بيع رخصتي الهاتف الجوال يتم اما لعشرين سنة او تباع الرخصة ناقص عائدات. فاذا بعتها وأبقيت لنفسك عائدات 40%، واذا اخذنا نسبة الـ 6 سنتات وما تتقاضاه الدولة من ترابط ومن ضرائب غير مباشرة اضافة الى الحقوق على الاتصالات الدولية فانها تبلغ 36%. ولهذا طرحنا خيار ان تباع الرخصتان مع الابقاء على 40% من عائدات القطاع الى الدولة من اجل الحفاظ على العائدات السنوية مضافاً اليها قيمة الرخصة المتبقية قيمة الـ 60%، وهكذا نكون اقتربنا من الصندوق تماماً ونكون على اتفاق معه وربما هكذا افضل وتكون قد راعيت مستقبل العائدات التي ستزيد، وهذا يخولك القيام بالتسنيد، فاذا كان قطاع الاتصالات يدخل الى الخزينة 320 مليون دولار هذه السنة وفي السنة المقبلة 350 او 400 مليون دولار فاذا حصلنا على هذا المبلغ على مدى عشر سنوات يصبح لدينا نحو 4 مليارات دولار.

* اذا كانت لدينا هذه الثقة فلماذا لا نحصل على ضمانة من مصرف HSBC على عائدات محققة خصوصاً انه هو من درس ملفات تخصيص الهاتف الجوال؟

ـ العائدات المحققة يبنى عليها الاتفاق، فعملية التسنيد مبنية على عائدات قديمة وعلى ارتقاب عائدات مستقبلية، اذا كان لدي 350 مليون دولار. مصرف HSBC كمستشار مالي ومصرفي وخبير في القطاع بين فرضية على 10 سنوات حيث يكون هناك نمو بنسبة معينة، فاذاً العائدات التي لديك يجب ان ترتقب على 10 سنوات بنسبة معينة وتأتي المصارف العالمية وتدرس القطاع وهو مستند الى دراسة الـHSBC، وبدلاً من اخذ الضمانة يأخذون الـ PROVISION على المخاطر المتعلقة بهذا القطاع وليس على المخاطر المتعلقة بالبلد وهو يأخذها على عائدات مستقلة تماماً فهو اذاً يأخذ الـ400 دولار ويقول اسند 70% منها وبهذا أعتبر نفسي مغطى.

* هل هناك كلام جدي في هذا الموضوع، خصوصاً ان التصنيف السيادي للبنان يضع عائدات الدولة في مرتبة غير جيدة؟

ـ حسنة التسنيد هي انها تحفظ القيمة المالية المحققة للحكومة اللبنانية وتخرجها من دائرة المخاطر السيادية اللبنانية وتضعها ضمن المخاطر السيادية للقطاع الخاص.

* يعني انه يتم فصل هذه العائدات عن الموازنة؟

ـ هنا عندنا مشكلة ونحن ننظر فيها على ان فصل هذا الحساب سيتم بطريقة تعطي فيها ضمانة لمن يريد تمويل هذه العائدات وانها مفصولة عن السيادة اللبنانية، مثال على ذلك عندنا عائدات سنوية من ادارة الريجي (ادارة حصر التبغ والتنباك) بقيمة 150 مليون دولار بشكل ضرائب مستوفاة من مستوردي السجائر، فالشركات تدفع للخزينة 150 مليون دولار هي ضريبة، وتقول الدولة ان هذا المبلغ اريد ان اسنّده وعندما تدخل هذا المبلغ الى الخزينة يخضع للمخاطر اللبنانية، فهل هناك طريقة اخرى لفصله واخراجه؟ استطيع في المستقبل ايجاد طريقة معينة او معادلة معينة عبر الطلب الى هذه الشركات التي تدفع هذه الضريبة ان تضعها في حساب آخر من شركة عالمية تحت بند ضرائب مستوفاة للحكومة اللبنانية موجودة باسم الحكومة اللبنانية، ولكن في مصرف خارج لبنان لتسند نظرياً هذه هي الطريقة والوعي لدى السياسيين ان شاء يكون موجوداً وتكون المناقشة معهم بناءة بما يمكننا من الوصول الى حلول لا تكون جديدة على عالم الاعمال، والآمال بالنسبة الينا نقول هذا «هجنة» وتخيف ولكنها في الحقيقة ليست امراً جديداً فهي معتمدة في العالم كله.

* يقول رئيس مجلس الوزراء رفيق الحريري ان مؤتمر «باريس ـ2» سيقدم للبنان قروضاً توازي ما سيتحقق من ايرادات في التخصيص وسيستخدم هذا المبلغ لسداد قسم من اصل الدين العام، فما هو مرتقب من التخصيص؟

ـ ان قطاع الاتصالات وخصوصاً قطاع الجوال اذا نظرنا اليه لجهة البيع التام او الجزئي زائداً عائدات الدولة، او ادارة وتشغيل مع آلية التسنيد، فاننا نتكلم عن ملياري دولار تقريباً. واضافة الى هذا هناك في السنة المقبلة تخصيص القسم الثاني من قطاع الاتصالات وبيع 40% منه، فهذا معناه ملياران او مليار ونصف مليار دولار، واضافة الى هذا هناك تخصيص قطاع الكهرباء. والاوضاع الآن في موسسة كهرباء لبنان تتحسن بفعل جباية افضل وضبط للنفقات وهذا يحقق نحو مليار دولار. اذن هذه القطاعات الثلاثة وحدها تحقق 5 مليارات دولار اضف اليها اننا نعمل حالياً على مشروع قانون لتخصيص مياه الشرب والمياه المبتذلة والدراسات جارية لهذه الغاية ونعمل على هذا الامر جدياً منذ 3 اشهر ونطلب نحو السنة و3 اشهر لننهي هذا الملف، هذا القطاع لم يقيّم حتى الآن بقيمة عند البيع ولكن حسب الدراسات الاولية يمكن ان يتحقق اموالاً طائلة تقارب الاموال المتوقعة من قطاع الاتصالات. وايضاً هناك قطاع جديد هو قطاع الغاز خصوصاً ان مجلس الوزراء اقر الاسبوع الماضي عقداً مع شركة عالمية لاقامة مسح زلزالي في المياه الاقليمية اللبنانية لاستكمال الملف بعد المسح التام الذي حصل في المياه الدولية خارج مسافة الـ 12 ميلاً والدراسة الجيولوجية اصبحت جاهزة، ونحن ننتظر نتيجة الدراسة للمياه الاقليمية اللبنانية وهي تتطلب 3 او 4 اسابيع لانجازها وسنطّلع من الجيولوجيين على تقييم حول مخزون الغاز الموجود في المياه اللبنانية لجهة حجمه وقيمته وسعره، وهذا يمكن ان يحقق مداخيل جديدة للدولة اللبنانية خصوصاً ان هناك ترقبات حسية جيدة جداً وهذه الدراسة لم تشمل اليابسة، ولكن بفضل الدراسة للمياه يستطيعون الاستدلال عما اذا كان هناك من مخزون للغاز في البر. وخلال شهرين تكون لدينا فكرة واضحة حول هذا الامر. الدراسات القانونية بالنسبة للعقود في المنطقة وكيفية التلزيم والتخطيط وتقاسم الكميات المستخرجة كلها جاهزة وهناك خبير كان يعمل لدى الحكومة البريطانية وكان مسؤولاً عن التنقيب في بحر الشمال، وهو يعمل معنا الآن لمساعدتنا في عملية التفاوض مع الشركات وهذا الملف جاهز وبموجب الدراسات الاولية فان مشروع الغاز واعد جداً. والخطوط الاستدلالية التي اطلعنا عليها هي نفسها التي يسمونها الطيّات غير الاعتيادية التي تم التنقيب على اساسها في المياه الاقليمية المصرية تبين انها هي نفسها الموجودة في مياهنا وتوازي الخطوط نفسها الموجودة خارج مسافة الـ 12 ميلاً. فالخطوط غير العادية التي وجدت في مصر، وجاءت الشركات البريطانية وشركة BP تحديداً ونقبت في 16 موقعاً فأصابت في كل هذه المواقع وظهر فيها كميات كبيرة من الغاز، واذا أكملت على الخط داخل لبنان فمعنى ذلك ان لدينا كميات تجارية.

* قيل كثيراً ان في لبنان نفطاً، فهل هناك توجه للتنقيب عن النفط وهل هناك دراسات لدى الدولة في هذا الصدد؟

ـ التنقيب عن الغاز هو نفسه تنقيب عن النفط، فاذا اكتشف نفط يكون ذلك افضل من الغاز لأن النفط تجد له من يشتريه في اي وقت وحتى قبل ان تستخرجه، أما الغاز فيحتاج الى عقود والى اسواق.

* ماذا هناك من قطاعات اخرى يمكن اللجوء الى تخصيصها في اطار مشاريع التخصيص المقررة؟

ـ اضافة الى القطاعات السابقة هناك قطاع المواصلات وتوجد دراسة اولية اعدتها شركة فرنسية حول امكانية تخصيص مرفأي بيروت وطرابلس ومن ثم المرافئ الاخرى فقدمت لنا فرضية ونحن في انتظار فرضية اخرى لنختار بينها. وهناك امكانية جدية لضمان قانون يحضره وزير النقل نجيب ميقاتي لتخصيص المرافىء اضافة الى مرفق مطار بيروت الدولي وننتظر اعادة النظر في قانون الهيئة العليا للطيران المدني لنرى ما اذا كنا نستطيع تخصيص المطار، وستنشأ مطارات اخرى. وتبقى قطاعات اخرى اقل اهمية ولكن عندنا الخبرة في خصخصتها كقطاع النقل العام، فهناك نقل عام تابع للدولة ونقل عام مخصص، النقل العام التابع للدولة يعاني من الخسائر والنقل العام التابع للقطاع الخاص يحقق الارباح وهناك تجارب اخرى تشغيلية كـ«ليبان بوست» وهي تجربة تبرهن ان القطاعات الصغيرة، وان كانت خاسرة، توفر للدولة خدمة افضل وتطوراً وارباحاً بعد خصخصتها. وهناك ادارة الريجي التي يمكن تخصيصها، ووزير المال فؤاد السنيورة يدرس امكانية تخصيص هذا القطاع.

* هل المطروح عملية تخصيص كلية لهذه القطاعات ام جزئية؟

ـ قد تكون عملية تخصيص جزئية او كلية، ونحن نفضل وجود خيارات مفتوحة وهناك قطاعات ليست تابعة للمجلس الاعلى للتخصيص وهي موجودة في القطاع الخاص اصلاً ومنها شركة «الميدل ايست ايرلاينز» وبنك «انترا» و«كازينو لبنان» وهي مؤسسات تملك الدولة حصصاً، فيها وكذلك هناك تلفزيون لبنان وغيره.

* لماذا لا يزال هناك خوف في اوساط اللبنانيين من كلمة التخصيص؟

ـ لا بد من النظر الى السيئات والايجابيات. في الوضع الحالي نحن لا نقول ان التخصيص كلها حسنات وان القطاعات المطروحة للتخصيص كانت اكثريتها في القطاع الخاص وعادت الى القطاع العام، وكان دور القطاع العام فيها الحفاظ على حق المستهلك وبأسعار معقولة من دون عذاب ومشاكل، ولكن ما نراه ان النتيجة هي العكس تماماً وهناك قطاع الكهرباء المتردي والخسائر. اذاً الدولة مقصرة في واجبها لجهة حماية المستهلك ومصالحه وهناك الخوف من ان تعود للقطاع الخاص الذي يهتم بمصالحه الشخصية ومصالح المستثمرين ولكن توجد ديناميكية اكبر وتوجد سلع او خدمات افضل وتطور اكبر ولكن من يحمي المستهلك من هذه الناحية. القوانين المرسلة الى مجلس النواب التي تتعلق بتخصيص كل القطاعات تلحظ انشاء هيئة رقابية ناظمة لمصلحة المستهلك وهي هيئة شبه مستقلة عن الدولة، لان الدولة عندما كانت تدير هذه القطاعات سيستها، ونحن مررنا بتجربة في مؤسسة الكهرباء حيث لم نستطع تغيير مدير عام على مدى سنتين ولم نستطع تغيير مجلس الادارة ورأينا ما كان حاصلاً على مدى سنوات وكم ادخل من موظفين لم يكن لوجودهم ضرورة في هذا القطاع، وهناك مثال آخر وهو «كازينو لبنان» الذي يجب ان يكون مرفقاً ذا ارباح كبيرة والسبب تدخل السياسة فيه.

* لماذا لا يتحول مجلس التخصيص الى هيئة رقابة وطنية طالما انه يمسك بكامل ملف التخصيص لكل القطاعات بدلاً من انشاء مؤسسات لهذه الغاية؟

ـ المجلس الاعلى للتخصيص مجال عمله لم ينته، لا يزال امامه 4 او 5 سنوات من العمل لكنه لا يستطيع القيام بالرقابة لأن مركزه هو مركز سياسي معين كي لا يلام مستقبلاً ونتهم بتسييس الرقابة. مصرف لبنان يدير القطاع المصرفي لكنه لا يراقب وانما توجهه هيئة رقابية مستقلة.

* ولكن بطريقة ما فان مصرف لبنان يراقب القطاع المصرفي من خلال مجلسه المركزي وصلاحيات حاكمه؟

ـ هيئة الرقابة مرتبطة بالوزير في كل وزارة، فهو يقترح تسميتها، ولكن قراراتها تكون مستقلة وربما توضع هذه الهيئة مستقبلاً ضمن هيئة رقابية وطنية موحدة على غرار ما هو قائم في بريطانيا. ويوجد في اميركا مثال آخر حيث اجهزة وهيئات الرقابة مستقلة بعضها عن بعض. وقطاع الكهرباء والماء ربما يكون لهما هيئة موحدة للرقابة اما الاتصالات فهيئة خاصة وهكذا...

* ما هي المجالات الاستثمارية المتاحة للمستثمرين الخارجيين والعرب خصوصاً في لبنان؟

ـ مجالات الاستثمار عن طريق التخصيص في لبنان متاحة اكثر للاخوان العرب من غيرهم. اولا العربي يجد الاستثمارات في لبنان افضل مما كانت عليه في السابق، وثانياً يوجد اطمئنان اكثر للوضع خصوصاً بعد احداث 11 سبتبمر (ايلول) والانهيار الحاصل في الاسواق المالية العالمية، وثالثاً اصبحت لدى المستثمر العربي خبرة وهو يرى امثلة حية على الاستثمارات في لبنان ومردوديتها العالية، ورابعاً اصبحت لديه، خبرة في التشغيل حتى في الاستثمارات في وطنه نفسه ونحن نرى نوعاً من التوجه الى انشاء تجمع مستثمر ومشغل ويتبين ان الاكفأ فيها هو العربي لان المشغل لديه وهو بنى خبرته ولديه القدرة المالية. فاذا وضعنا القدرة المالية الى جانب القدرة التقنية والتشغيل فانه يجد ان لبنان يفسح له المجال للدخول الى التخصيص.

* اضافة الى حق التملك؟

ـ في قوانين حق التملك لغير اللبنانيين حتى في قانون التخصيص هناك وضوح وصراحة لجهة امكانية تملك الشركات بكاملها من غير لبنانيين وارباحها تخضع للضريبة مثلها مثل اي شركة لبنانية وهي 15%.

* هل كان الاستثمار العربي على مدى السنوات العشر الماضية مجدياً ومربحاً في لبنان؟

ـ العرب باتت لديهم فكرة اوضح عن الاستثمارات في لبنان بوجود ضمانات. وعبر السنوات لم يحصل اي وضع يد من قبل الحكومة او من قبل اي معتد في لبنان على استثمارات عربية او اجنبية. هذا الامر لم يحصل، فهناك حماية تامة للاستثمارات وتوجد حركة للتملك وحرية لتحريك رأس المال من دون عوائق او تصريح او اي مشكلة. كما ان الآفاق الجديدة التامة تعطي المجالات للاستثمارات غير التقليدية التي كانت موجودة سابقاً هناك، اضافة الى المصارف والعقارات والاسهم، استثمارات انتاجية تحقق مدخولاً سنوياً متكرراً يعد بأرباح ضمن نظام ضرائب متدنية بالمقارنة مع اي بلد آخر بنسبة الارباح. اذن المستثمر العربي وهو الاقرب الينا من اي مستثمر آخر، سيجد في لبنان، ما يتيح له هذه الاستثمارات المجدية والتي لديها ضمانات ولا توجهها اي مخاطر مطلقاً.

* هل لنا ان نعرف حجم الاستثمارات التي تحققت في لبنان بعد احداث 11 سبتمبر؟ ـ توجد ارقام متضاربة، والهجمة على لبنان كانت في قطاعات الخدمات، ولكن لم نلمس بعد هجمة في القطاع الاقتصادي الانتاجي. هناك المشاريع المختلفة لمستثمرين لبنانيين وعرب في مجالات الانتاج والصناعة التي اصبحت تتزايد شيئاً فشيئاً.

* في حال لم تحصل التطورات المرتقبة والتخصيص، وبالتالي لم ينعقد «باريس ـ 2»، كيف سيكون الوجه الآخر لأزمة الاقتصاد اللبناني، وهل هناك خيارات اخرى للمعالجة؟

ـ الشرط الاساسي هو ان نكون جديين في التعاطي مع ملف التخصيص وان نكون قد قطعنا شوطاً في التنفيذ. ومن دون هذا لا اعتقد انه سيتم عقد مؤتمر «باريس ـ 2» ومن الضروري ان نعرف هذا، فاذا لم يعقد «باريس ـ 2» فكل شهر يمر يكلفنا نزيفاً مستمراً في الخزينة اللبنانية، وهذا النزيف هو ضغط على الاقتصاد اللبناني. اذا لم يحصل ذلك فإن الكارثة ستستمر، وما نعيشه الآن هو ضغط يومي مستمر على الاقتصاد اللبناني، وهذا الضغط نتصدى له بكل الوسائل المتاحة لدينا من تطمينات ومن عمل دؤوب يومي لدحض الشائعات وان نبرهن على وجود انجازات نحققها لكي نخرج من المأزق، والا فاذا استمررنا في المسار الذي نحن عليه وظللنا نقول لا نريد تخصيصاً ولا نريد تغيير قوانين ولا نريد تخفيض العجز لدينا ولا اعادة النظر بمجمل القطاع العام، نكون قد اخطأنا كثيراً. لا نستطيع القول ان التخصيص وحده هو الذي سيوصلنا الى بر السلام وانما هو جزء من المعالجة وليس كل المعالجة.

=