هل تؤدي النفقات الحكومية البريطانية السخية إلى تحسين الخدمات أم رفع الضرائب؟

TT

«حل عيد الميلاد باكراً في غير موسمه والشوكولاته الساخنة دارت على الجميع، والكل رابحون». هكذا وصف بن ماكينتير في صحيفة «التايمز» البريطانية تقديم وزير المالية البريطاني غوردن براون خطته الجديدة لانفاق اكثر من 90 مليار جنيه استرليني (141.6 مليار دولار) في ما اسماه مراجعة متكاملة للنفقات الحكومية. وكان ماكينتير يلمح في وصفه الى وزراء الحكومة البريطانية الذين تزاحموا للجلوس وراء براون اثناء تقديمه لخطته في مجلس العموم، كلٌ ينتظر «هديته» التي اتت في شكل تمويل جديد سيضخ في الوزارات العديدة لتفعيل ادائها.

وقد اكد براون في خطته الجديدة على الاسس التي اطلقها رئيس الوزراء العمالي توني بلير مراراً وهي«التعليم، التعليم، التعليم»، حيث وعدت استيل موريس وزيرة التربية بالحصول على 15 مليار جنيه اضافية لتحسين مستوى التعليم، بينما وصلت حصة قطاع الصحة المترهل الى 19.3 مليار جنيه.

لكن وعود براون الإنفاقية ووجهت بموجة تحذير من قبل اقتصاديين من اثرها في ظل التقلبات التي تعانيها الاسواق المالية. وذكرت صحيفة «الفايننشال تايمز» ان اقتصاديين حذروا من امكانية لجوء الحكومة لفرض ضرائب جديدة والاقتراض لتغطية الوعود الجديدة في ظل تقلبات الاسواق المالية، مشيرين الى ان هذه الاسواق تساهم بشكل رئيسي في المالية العامة من خلال الضريبة المقتطعة على عمليات بيع الاسهم (ضريبة الاختام)، وضريبة الدخل على الرواتب والحوافز، بالاضافة الى ضريبة الشركات.

وبالرغم من تخوف اسواق المال من عدم تحقيق الاقتصاد البريطاني لنسبة النمو التي توقعها براون، وهي ما بين 2 و2.5 في المائة، خلال العام الحالي، فإن وزير المالية رفض الادعاءات القائلة باحتمال ارتفاع الضرائب لتغطية خطة الانفاق السخية التي وعد بها، حسبما ذكرت صحيفة «الاندبندنت». كما اكد براون في حديث لإذاعة «بي.بي.سي» امس ان خطته الانفاقية التي تمتد على فترة 3 سنوات بنيت على افتراضيات مالية حذرة ولن تكون عبئا.

لكن صحيفة «ديلي ميل» اعتبرت ان ردود وزارة المالية لم تشر الى استبعاد كلي لامكانية زيادة الضرائب في حال فشل الاقتصاد البريطاني في تحقيق النمو الذي وعد به الوزير براون.

وتساءل اناتول كاليتسكي من صحيفة «التايمز» عن اسباب الضجة حول ما اسماه «بيان غوردن براون» او «المانيغستو للرؤية العمالية الجديدة لبريطانيا» لأن «تسمية مراجعة متكاملة للنفقات تعتبر متواضعة جداً بالمقارنة بما قدم من رؤية للقضايا التي ستشغل السياسة البريطانية في العقد المقبل».

وقال كاليتسكي «هل ستؤذي هذه النفقات توسع الاقتصاد البريطاني او تضر بالمالية العامة؟»، ليجيب بنفسه «بالطبع لا»، مؤكداً ان توقيت نمو الانفاق الحكومي افضل بكثير منه لو حصل في الاشهر الماضية. واشار الى ان هذا الانفاق سيعزز الطلب في الاقتصاد البريطاني في وقت يبدو فيه الاقتصاد العالمي في وضع ضبابي نتيجة الفضائح المالية في الولايات المتحدة والتهديد بالحرب في الشرق الاوسط بالاضافة الى «سوء الادارة المزمن في منطقة اليورو من قبل البنك المركزي الاوروبي». لكن كاليتسكي اكد انه في حال فشلت هذه النفقات الجديدة في رفع مستوى الخدمات الى المستوى الموجود في اوروبا فان الشعب سيكون اقل تقبلاً لأي ضرائب جديدة مقارنة بالسابق.