دراسة : الشرق الأوسط سيعاني شحة المياه وحوض الأردن يحتاج لـ 15 مليار متر مكعب سنويا

TT

لندن ـ رويترز: يبدو ان التنافس الضاري على موارد المياه، واحتمالات تفجر حروب بسبب المياه ستكون على رأس جدول أعمال مؤتمر الامم المتحدة للتنمية المستدامة الذي سيبدأ أعماله في جوهانسبرج يوم 26 اغسطس (اب) الجاري.

وبالرغم من ان النمو السكاني زاد من الطلب على المياه للحد الذي يفوق بكثير حجم المعروض من المياه والذي يتقلص حجمه في الشرق الاوسط، الا ان هذا العجز نادرا ما كان يؤدي لاعمال عدائية باستثناء اشتباكات سورية ـ اسرائيلية في شمال وادي الاردن في الستينات.

ويقول توني آلان الاستاذ في كلية لندن للدراسات الشرقية والافريقية ان حل المعضلة يكمن في مدى توافر «المياه الوهمية» في سوق الحبوب العالمية.

ويضيف مشيرا الى ان انتاج طن واحد من القمح يحتاج الى الف طن من الماء وان واردات القمح وفرت على الحكومات الحاجة لتوفير المياه النقية النادرة لزراعته محليا.

وتابع «بحلول عام 2000 كانت منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا تستورد 50 مليون طن من الحبوب سنويا، مما يفي بأكبر مصدر للطلب على المياه في المنطقة وهو الانتاج الغذائي». واضاف آلان في دراسة ستنشر قريبا في «اس.ايه.اي.اس ريفيو» وهي نشرة تصدرها كلية الدراسات الدولية المتقدمة في جامعة جونز هوبكينز «نسبة العشرة في المائة المتبقية من الطلب على المياه للشرب والاستخدام المنزلي والصناعي ستقابل قريبا باستخدام تكنولوجيا منخفضة التكاليف لتحلية مياه البحار». وتعتمد منطقة الشرق الاوسط، إحدى اكثر المناطق عرضة لمواجهة مخاطر نقص المياه، على موارد المسطحات المائية والمياه الجوفية في الزراعة. ويقول آلان ان المنطقة واجهت نقصا في موارد المياه لمقابلة احتياجاتها الاستراتيجية للاستخدام المنزلي والصناعة والزراعة في عام 1970، لكن «المياه الوهمية» على شكل واردات الحبوب خففت من حدة المشكلة منذ ذلك الحين، وأدى وفر مياه الزراعة الى تقليل الحماس لترشيد استهلاكها.

والحبوب المستوردة رخيصة بشكل لا يعكس قيمتها الحقيقية بسبب اعوام من الدعم الزراعي في اميركا الشمالية واوروبا. ومكنت هذه الميزة زعماء المنطقة من الترويج لما يصفه آلان بأسطورة «ان مشكلة نقص المياه تم حلها محليا وان بلادهم تحقق الاكتفاء الذاتي في المياه وانتاج الغذاء». ويقول ان الحكومات على مدى 50 عاما اعتمدت على هذا المورد الخارجي في تنفيذ سياسات المياه التي ما كان لها ان تنفذها بغير هذا الحل، في حين ابقت على وارداتها من المياه الوهمية «غير منظورة اقتصاديا ولا يجري الحديث عنها سياسيا». ونما عدد سكان منطقة حوض نهر الاردن الذي يضم اسرائيل والاردن والضفة الغربية وقطاع غزة وجنوب سورية ست مرات منذ اواخر الاربعينات عندما كان لديها ما يكفيها من المياه. والآن تحتاج المنطقة الى نحو 15 مليار متر مكعب من المياه سنويا لتحقيق الاكتفاء الذاتي ولكن ليس لديها سوى ما بين ثلاثة وخمسة مليارات متر مكعب.

ويقول توني آلان ان هذا النقص «لا يعلن على الرأي العام، كما لا يبحث كذلك عدم قدرة اسرائيل والاردن والفلسطينيين على مقابلة احتياجاتهم من الغذاء من مواردهم المائية. ويتحدث المسؤولون بدلا من ذلك عن نقص المياه في المستقبل». ويخلص آلان الى ان هذا الاتجاه للتهوين من خطورة مشكلة ندرة المياه يعطل من فرص بدء مفاوضات رشيدة بشأن الاستخدام الامثل للمياه المتاحة.

واشار الى اتفاق السلام الذي ابرم عام 1994 بين اسرائيل والاردن الذي لم تفرق بنوده الخاصة بالمياه بين موارد المياه التي يعتد بها وتلك المعرضة للجفاف.

وعندما جاء الجفاف بالفعل بعد الاتفاق بأربع سنوات اثار عدم قدرة اسرائيل على توفير الحصة المتفق عليها من المياه، ازمة سياسية.

وتركزت المفاوضات الاسرائيلية ـ الفلسطينية بشأن تسوية نهائية التي جرت في كامب ديفيد في يوليو (تموز) عام 2000 وفي طابا بمصر في اوائل عام 2001 على الاراضي ومصير القدس ولم تتطرق لموضوع المياه.

والمبادرة السعودية التي تبنتها القمة العربية في مارس (آذار) منذ هذا العام عرضت اعترافا عربيا كاملا باسرائيل والتطبيع الكامل للعلاقات معها مقابل انسحاب اسرائيلي كامل لحدود عام .1967 ولم يرد بها اي ذكر للمياه.

ويقول آلان ان هذا لا يعني ان المياه لم تعد موضوعا مهما لاسرائيل او للفلسطينيين ويشير الى ان لجنة المياه التي تشكلت بمقتضى اتفاقات اوسلو تجتمع بانتظام حتى بعد اندلاع الانتفاضة الفلسطينية ضد الاحتلال الاسرائيلي في سبتمبر (ايلول) عام .2000 وخلال العقدين المقبلين يتوقع آلان ان تلجأ اسرائيل وجيرانها في حوض نهر الاردن لتحلية ما بين مليار و1.5 مليار متر مكعب من مياه البحر لمقابلة الاحتياجات غير الزراعية التي تمثل 10 في المائة فقط من اجمالي الطلب على المياه.