خلافات داخلية تحبط الاستثمار بقطاع النفط والغاز في إيران

TT

لندن ـ رويترز: أكدت التجربة ان ادارة عجلة الاستثمار في قطاع النفط والغاز الايراني مهمة شاقة تواجه كبار المسؤولين المشغولين بصراع داخلي ضار على السلطة.

واذا استمر الصراع فقد يحرم ايران من تحقيق هدف رفع الطاقة الانتاجية من اربعة ملايين برميل الى 4.5 مليون برميل في اليوم بحلول عام .2005 وقال مسؤول ايراني طلب عدم الكشف عن اسمه «الناس تخشى اتخاذ قرارات وهم على الدوام ينظرون خلفهم في خوف. وتضيع علينا فرص استثمارية لأن السياسة تشوب العملية برمتها». ومنذ فتحت الجمهورية الاسلامية ثرواتها الكبيرة من النفط والغاز أمام العالم الخارجي قبل سبع سنوات فانها لم توقع الا عددا محدودا من الاتفاقات بلغ مجمل الاستثمارات فيها نحو عشرة مليارات دولار.

ويجازف مسؤولو شركات النفط الذين يسيل لعابهم منذ سنوات من أجل ثروة ايران النفطية في بانجستان وازادجان بأن يجدوا انفسهم موضع شبهات في وقت تتزايد فيه الشكوك في رأس المال الاجنبي والخلافات السياسية.

وقال سياماك نمازي وهو استشاري يعمل في طهران «السياسة لها الاولوية القصوى الان وخاصة الصراع على السلطة بين المعسكر الاصلاحي والمحافظين». وقد أمضى الرئيس محمد خاتمي العامين الماضيين محاولا تفادي سهام المتشددين المعارضين للاصلاحات التي تهدف الى اجتذاب الاستثمارات الاجنبية لانعاش الاقتصاد الذي يشهد ركودا منذ قيام الثورة الاسلامية عام .1979 وأضاف نمازي «في هذا الجو من الصعب ازالة الصبغة السياسية عن العملية لكن هذا هو ما يجب عمله». ويرى البعض ان هناك بوادر على تراجع حدة الخلافات وخاصة لأن جميع الاطراف تدرك ضرورة ضخ استثمارات أجنبية في قطاع الطاقة الذي تحتاج الحقول القديمة فيه لعمليات تأهيل للحفاظ على مستوى الانتاج بالاضافة الى ان الاكتشافات الجديدة تستلزم أحدث تكنولوجيا.

وقال مانوشهر تاكين من مركز دراسات الطاقة العالمية «الصراع بين الفئات السياسية التي تستخدم صناعة النفط ساحة للمعارك تسبب في بعض التأجيل في الاستثمارات الاجنبية. لكن هناك خطوات تتخذ لتصحيح هذا الوضع». وقال محللون ان وزير النفط بيجن زنجنه الذي يحب ان ينظر الاخرون اليه كخبير لا كسياسي، قام باحلال شخصيات أقل اثارة للجدل محل بعض المسؤولين المشتغلين بالسياسة.

وبعد توجيه اتهامات علانية بالفساد لزنجنه وكبار المسؤولين في أوائل العام الجاري اتفق الزعيم الاعلى آية الله علي خامنئي والرئيس خاتمي على اجراء التحقيقات في سرية.

ورغم ما يقال من ان وزير النفط يتمتع بتأييد خامنئي فان هذا التأييد لا يمثل عونا كبيرا له في عملية اتخاذ القرار المعقدة في ايران.

وقال محلل في طهران «ان زنجنه لا يقف على ارض رخوة لكنه لا يملك السلطة الكاملة. ولا بد من اخذ دوائر اخرى في الاعتبار. ويتطلب ارساء عقد واحد قدرا هائلا من التنسيق فلا بد من اقناع الجميع». لكن حتى اذا كانت المشاحنات والطعنات في الظهر اقل تفشيا فان شكوكا عميقة تظل لدى الكثيرين في رأس المال الاجنبي وتظل المعارضة قائمة لفكرة التخلي عن ثروة البلاد متمثلة في حقولها النفطية للاستثمار الخارجي.

وربما انتشرت الشكوك بسبب قرار واشنطن غض الطرف عن فشل خاتمي في تنفيذ اصلاحات خلال الفترة التي يعمل فيها على توحيد الفئات المتصارعة في ايران.

وقال محلل غربي «الشكوك تجاه الاجانب أكبر في ضوء ما يحدث على صعيد العلاقات مع الولايات المتحدة. ومهما كانت قرارات صانعي السياسة في ايران فان هناك تكتلا راسخا يعارض الاستثمار الاجنبي في الحقول البرية». ويعد ذلك نبأ سيئا لمجموعة رويال داتش/شل الهولندية الانجليزية وشركة ايني الايطالية وتوتال فينا الف الفرنسية وبي.بي البريطانية التي تتسابق على واحدة من جواهر قطاع النفط الايراني متمثلة في مشروع تنمية حقل بانجستان باستثمارات تصل الى ثلاثة مليارات دولار. كما انه نبأ سيئ لشركات يابانية تسعى لتولي مشروع حقل ازادجان.

والشركات الاميركية ممنوعة من المشاركة في السباق على الاستثمار في ايران بسبب عقوبات تجارية تفرضها واشنطن من جانب واحد. وقد تجاهلت الشركات الاوروبية قانونا أميركيا يسعى لمنع الشركات الاجنبية من استثمار مبالغ كبيرة في قطاع النفط والغاز في كل من ليبيا وايران.

وتمكن مسؤولو النفط من التغلب على المخاوف المتأصلة من الاجانب في ايران بالتحايل على حظر دستوري على الملكية الاجنبية في قطاع النفط باللجوء الى صيغة التعاقد على اساس استرداد الاستثمارات من الانتاج.

وحتى الان لم يوقع عقد مهم لمشروع نفطي بري سوى مع شركة ايني الايطالية.

ومن الان فصاعدا ربما تحقق شركات النفط نجاحا أكبر في حقول الغاز لدى ايران التي تملك ثاني أكبر احتياطيات من الغاز الطبيعي في العالم بعد روسيا.

وأهم مشروعات الغاز هو مشروع حقل جنوب فارس البحري الذي يشترك في الحدود مع حقل الشمال القطري.

وقالت جوليا ناني من شركة بتروليوم فاينانس «مشروع جنوب فارس يتحرك لأن ايران تشعر بالمنافسة من قطر وهي تحتاج الى الغاز لحقولها القديمة على البر». ومن المتوقع ان ترسي ايران قريبا عقود المرحلتين التاسعة والعاشرة من مشروع جنوب فارس، ويرجح ان تفوز بها مجموعة شركات بقيادة ال. جي الكورية الجنوبية.