ليبيا: صورة جديدة لاجتذاب 28 مليار دولار من الاستثمارات السياحية

TT

لبدة (ليبيا) ـ رويترز: عندما حول القائد الروماني سبتيموس سيفريوس مدينة ليبتس ماجنا المعروفة باسم لبدة اليوم الى قاعدته القوية على البحر المتوسط كان يقطنها 80 الف نسمة وكانت تنافس روما.

وبعد نحو 2000 عام يأمل ليبي قوي اخر في اعادة لبدة الى خريطة العالم واعادة الحياة لآثارها المنسية لكن هذه المرة بحشود من السائحين، اذ يسعى العقيد معمر القذافي لانهاء فصل طويل من العداء بين ليبيا والغرب فيحاول جذب السياح لبلد كان العالم الخارجي يتجاهل ثرواته الاثرية وشواطئه الجميلة وصحراواته الغنية.

وفي لبدة وهي مدينة ساحلية تقع على مسافة 120 كيلومترا شرق طرابلس تتمتع ليبيا بواحدة من اكبر المدن الرومانية المطلة على البحر المتوسط واكثرها حفاظا على رونقها القديم. وقد تصبح هذه المدينة التي ما زالت مجهولة مركزا لصناعة السياحة الجديدة في ليبيا.

لكن بعد ثلاث سنوات من تعليق الامم المتحدة للعقوبات التي فرضتها على ليبيا بسبب تفجير طائرة ركاب اميركية فوق لوكربي باسكوتلندا عام 1988 لم تحرز البلاد تقدما يذكر في تغيير صورتها السيئة في اذهان الغرب وجذب المصطافين لشواطئها.

ورغم ان الطيران الجوي استؤنف من ليبيا واليها الا ان السياحة لم تقلع بعد. وفي صباح حار في وقت سابق هذا الشهر بدت آثار لبدة مهجورة الا من عدد من المرشدين الذين لا يجدون ما يفعلونه.

وفي مسرح روماني يتسع لسبعة آلاف مشاهد لا يسمع سوى صوت الامواج المتلاطمة على الشاطئ القريب. وتركت المسابح الرخامية والطرقات التي تحفها الاعمدة والكنيسة الرومانية ذات النقوش الجميلة خالية.

ويقول المرشد السياحي صلاح كريمة: «يصلنا نحو عشر حافلات سياحية يوميا».

وأضاف «لكن الاعداد قليلة جدا هذا العام... هذا هو الحال في العالم كله»، ملقيا اللوم في تراجع السياحة على هجمات 11 سبتمبر (ايلول) الماضي على الولايات المتحدة.

وتشير بيانات الهيئة العليا الليبية للسياحة والآثار ان اعداد السياح القادمين للبلاد ارتفعت منذ تعليق عقوبات الامم المتحدة عام .1999 وزار ليبيا في عام 2000 ما يزيد قليلا على 960 الف سائح ولا تتوافر بيانات عن عدد السياح في العام الماضي. وذلك بالمقارنة مع 846 الف سائح عام 1998 اخر عام كامل قبل تعليق العقوبات.

ونحو اربعة في المائة فقط من عدد الزائرين جاءوا من خارج الشرق الاوسط وشمال افريقيا. ولا تفصل البيانات اعداد القادمين للسياحة والقادمين للعمل.

ورغم ان ليبيا تمكنت بكفاءة من حل واحدة من المشاكل التي كانت تزعج السياح وهي سعر الصرف الرسمي الذي كان يبلغ خمس سعر الصرف في السوق السوداء عن طريق خفض تدريجي لقيمة الدينار الليبي الا ان بقية المشاكل ما زالت قائمة.

فليس في ليبيا سوى 124 فندقا ودارا لاقامة الشباب يحتاج اغلبها لمجهود كبير لجذب السياح. كما ان الدخول للصحراء والمناطق الاثرية ليس سهلا. ويظل الحصول على تأشيرة دخول صعب للغاية.

وكتبت لافتة باللغة الانجليزية في مطار طرابلس الدولي تنقل عن القذافي قوله: «الخمر والمخدرات اسلحة دمار شامل». وتضيف اللافتة: «تذكر دائما ان القانون لا يحمي المغفلين».

ورغم ان التقشف الشديد في ليبيا قد لا يجعلها منطقة جذب لمحبي الاستمتاع بالحياة لكن المخططين في البلاد يحتفظون بتفاؤلهم الشديد. وتهدف الخطة الخمسية لتنمية السياحة التي بدأتها الحكومة في عام 1998 لجذب ما بين 27 مليار و28 مليار دولار من الاستثمارات في قطاع السياحة.

ويهدف ذلك من ناحية الى تدعيم صورة ليبيا دوليا ومن ناحية اخرى الى جذب استثمارات من المنطقة. لكن الدبلوماسيين يقولون ان تاريخ القذافي فيما يتعلق بتأميم الشركات الاجنبية عندما تولى السلطة والمشاكل التي ما زالت تواجه القطاع الخاص في ليبيا يعني ان الشركات الدولية الكبرى ما زالت تخشى الاستثمار في البلاد.

وقال احد الدبلوماسيين: «الليبيون يتلقون عروض مساعدات فنية لكنهم لا يتلقون الكثير من الاستثمارات».

ينتظر المراقبون افتتاح مقرر في الشهر المقبل لفندق خمسة نجوم في المركز التجاري في طرابلس يضم 300 حجرة في 28 طابقا ويتكون من برجين اقامه مشروع مشترك ليبي ـ ماليزي.

ولدى الشركة خطط مبدئية لاقامة مجمع ترفيهي بالقرب من مدينة مصراتة التي تضم بعض اكبر الكثبان الرملية الساحلية في العالم. ووقعت شركة ايطالية تدير قرى سياحية في تونس والمغرب ومصر عقدا لاقامة منتجع يضم 600 سرير بالقرب من طرابلس.

لكن الاجانب المقيمين في ليبيا يقولون انه ما زال امامها طريق يتعين ان تقطعه قبل ان يشعر السياح بالارتياح للبلد.