مصر: ضرب العراق يهدد صفقات مشتركة مع بغداد بـ4.5 مليار دولار والسياحة والنقل البحري الأكثر تضررا

الخبراء يؤكدون: الاقتصاد المصري ما زال يتعافى من أحداث 11 سبتمبر ولا يتحمل انتكاسات أخرى

TT

لم تكد مصر تتعافى من دوامة الخسائر الاقتصادية بعد أحداث 11سبتمبر، لتجد نفسها تستعد لموجة جديدة من الخسائر بعد التهديدات الأميركية بضرب العراق، حيث أكد اقتصاديون مصريون على أن تلك الضربة سوف تعرض الاقتصاد المصري لانتكاسة شديدة تهدر جهود الحكومة طوال الفترة الماضية، خاصة أن مصر تعد الشريك التجاري الثاني للعراق بعد روسيا، إذ يبلغ حجم التجارة المشتركة بين البلدين سنويا حوالي 2.8 مليار دولار، في حين بلغ حجم تعاقدات العام الحالي فقط ما يقرب من 1.7مليار دولار، و أشار الخبراء الى ان الخسائر ستشمل تدهور حجم الاستثمار الأجنبي وتراجع السياحة وتباطؤ حركة الملاحة لاسيما في ضوء رسوم الحرب المتوقع فرضها مرة أخرى من قبل الشركات العالمية على السفن المارة في المنطقة، ومن جهة ثانية طالب العديد من رجال الأعمال المصريين الحكومة بضرورة التدخل لوقف الخسائر التي ستلحق بهم نتيجة تجمد العقود المبرمة حديثا للشركات المصرية بالعراق نظرا لتوقف برنامج البترول وعمليات تصديره.

ويرى عبد المنعم سعودي رئيس الاتحاد العام للصناعات المصرية ان تأثيرات ضرب العراق الاقتصادية في حالة تنفيذ التهديدات الأميركية ستكون بمثابة كارثة على المنطقة العربية كلها، كما أنها ستزيد من سوء الأحوال الاقتصادية على الساحة العالمية حيث تشير الدراسات الى انه مع اضطراب أسعار البترول تتأثر العديد من المؤشرات والعملات الدولية ومنها الدولار، موضحا أن مظاهر التعاون التجاري بين مصر والعراق تتحدد ما بين صفقات سلعية وبين مشاريع تنمية تقوم بها الشركات المصرية هناك، و أن الحائل الأكبر دون تعظيم الجهود الاقتصادية بين البلدين يتمثل في التهديدات التي تقوم بها أميركا كل فترة، وحذر سعودي من ان تلك الضربة ستؤثر على أسواق الشرق الأوسط و الكثير من الأسواق العالمية أكثر من تأثيرات أحداث 11 سبتمبر على المنطقة.

ويقول المهندس عادل الشهاوي رئيس الشركة القابضة للصناعات الغذائية ان حجم صادرات شركته للعراق بلغ 193 مليون دولار في عام 2002 مقابل 45 مليون دولار في عام 1997، وان تلك الصادرات تشمل كافة المنتجات من سكر وزيت وأرز وبقوليات ومنظفات صناعية وحلويات، ولأول مرة يتم تصدير 10 آلاف طن ورق و20 مليون كراسة وكشكول، موضحا أن زيادة الصادرات للعراق انعكست بنتائج إيجابية على الاقتصاد المصري تمثلت في زيادة موارد الدولة من العملة الصعبة وتقليل قيمة تكلفة الإنتاج وزيادة ربحية الشركات مما يعد إنجازا كبيرا في ظل ظروف صعبة للغاية واجهتها مصر بعد أحداث 11 سبتمبر، مشيرا الى مصر بدأت الدخول في تصدير سلع للعراق في قطاعات جديدة تشمل قطاع النقل والمواصلات، وتجهيزات الموانئ والسكك الحديدية، ومعدات الاتصال التليفونية، وكذا تنمية قطاع مواد البناء، وأكد الشهاوي على أن ضرب العراق يعتبر ضربا مباشرا للاقتصاد المصري حيث سيخسر القطاع التجاري عقوداً للتصدير تبلغ قيمتها 4 مليارات دولار منها 50% صادرات مصرية المنشأ والباقية سلع أجنبية تصدرها مصر للعراق، والمعروف أن ما ينفذ من العقود لا يزيد عن نصف الاتفاقات المبرمة.

ويؤكد محمد المصري نائب رئيس اتحاد الغرف التجارية المصرية على ان دخول منطقة الشرق الأوسط في أجواء الحرب نتيجة للتهديدات الأميركية بضرب العراق سيؤثر بشكل كبير علي معدلات التنمية في دول المنطقة التي تعاني بالفعل من حالة كساد ناتجة عن أحداث الانتفاضة الفلسطينية المستمرة وأحداث 11سبتمبر، موضحا ان الآثار السلبية لتلك الضربة سوف تتضح في زيادة تكلفة المنتجات سواء من الواردات أو الصادرات، علاوة على زيادة رسوم نقل تلك المنتجات وارتفاع المبالغ التأمينية عليها نتيجة إحجام شركات التأمين عن مد المظلة التأمينية في المناطق التي بها نزاعات، محذرا من إحجام الكثير من الشركات العالمية على الاستثمار في دول منطقة الشرق الأوسط ومنها مصر خوفا من التعرض للمخاطر الناتجة من الظروف الصعبة والاضطرابات التي تمر بها المنطقة، وأشار المصري إلى أن الاقتصاد المصري لن ينجح في جذب الاستثمارات العالمية إلا في ظل استراتيجية مستقرة تحفظ مصالح تلك الشركات التي تبلغ استثماراتها بالمليارات لان اغلبها يتركز في قطاع البترول والسياحة وهي استثمارات تتكلف الكثير. أما د. حسن منير أستاذ الاقتصاد بكلية التجارة جامعة القاهرة فيرى ان سيناريو الأحداث المتوقعة لو أقدمت أميركا على ضرب العراق سيؤثر بلا شك على أسواق المنطقة ولكنه لن يبلغ تأثيرات 11سبتمبر بأي صورة، حيث أن الاقتصاد الغربي لن يتأثر كثيرا خاصة إذا علمنا ان حجم التجارة البينية بين دول العالم والمنطقة العربية لا يتجاوز 5.1%، مؤكدا على ارتفاع أسعار النفط بشكل لم يسبق له مثيل نتيجة لتأثر السوق بالأحداث في العراق الذي ينتج 8.2 مليون برميل يوميا ويمثل ثاني دولة في العالم لديها احتياطي بترولي يبلغ 113 مليار برميل، ويوضح د منير ان تنمية الاقتصاد المصري سبيلنا الوحيد لحماية المجتمع من أي أخطار حرب قادمة، وتابع أن تنمية الاقتصاد تأتي من خلال تعزيز الاستثمارات الأجنبية والمحلية في الداخل، مع طرح مفاهيم جديدة على مجتمع الاقتصاد المصري والعربي لتطبيقها من خلال تفعيل الاتفاقيات العربية والعمل على البدء في خطوات إيجابية في مشروع السوق العربية المشتركة.

ويشير مصطفى زكي رئيس الشعبة العامة للمستوردين باتحاد الغرف التجارية الى أنه على الرغم من أن الضربة الأميركية للعراق لا يمكن توقع عواقبها الاقتصادية بشكل دقيق على مصر إلا أنه يجب ان نستعد اقتصاديا لتفادي بعض الآثار السلبية لتلك الحرب مثل توفير مخزون مناسب من السلع الاستراتيجية كالقمح والدقيق والزيوت.