عاصفة على البنوك المصرية تدفع للبحث عن حل لتطوير الجهاز المصرفي وتنشيط الاقتصاد

TT

تؤكد دوائر عديدة في القاهرة ان طرح نسبة من أسهم بنك عام أو أكثر في البورصة أو لمستثمر استراتيجي غير وارد في الأجل القصير، وان كان ذلك محتملا بعد الانتهاء من خطة لتطوير البنوك المصرية، سيتم تنفيذها خلال ايام وتستغرق عدة أشهر، وتقول المصادر المطلعة ان الهجوم العاصف الذي تعرضت له البنوك المصرية خلال الشهرين الأخيرين بسبب قضايا التعثر وهروب بعض العملاء مهد السبيل لعملية التطوير وتقبل المجتمع لها، خاصة ان الحكومة لم تتمكن من تخصيص أحد البنوك العامة الذي كان قد اتفق على تخصيصه مع صندوق النقد الدولي منذ بداية الاصلاح الاقتصادي عام .1991 وتلفت المصادر المطلعة الانتباه الى ان تصريح الرئيس مبارك بجعل البنك المركزي تابعا لرئيس الجمهورية وليس لرئيس الحكومة، جاء بمثابة التعبير عن الاستياء من عدم معالجة قضايا الركود وحالات التوقف عن السداد بسرعة وحسم، أكثر من كونه تأكيدا لاستقلالية البنك المركزي، لان استقلالية الأخير مصونة بالفعل، حيث لا يعقب على قراراته بشأن السياسة النقدية أحد، وان كان تصريح الرئيس سيعزز هذه الاستقلالية ويقلل من محاولات تدخل السلطة التنفيذية لفرض وجهات نظر بعينها على صاحب السلطة المصرفية والنقدية.

وقد جذب الانتباه الى ان حملة المساءلة القضائية لقيادات من البنوك ورجال أعمال الدائرة حاليا تجئ في وقت استطاع فيه الجهاز المصرفي تجاوز أزمة الديون المشكوك في تحصيلها والديون الرديئة، والتي تبلغ نحو 12 مليار جنيه، وذلك بتكوين مخصصات ضخمة خصما من الأرباح، قاربت الثلاثين مليار جنيه في المدة من 92 الى 2002 وبعدم احتساب فوائد بلغت قيمتها 40 مليار جنيه في نفس المدة، عن ديون تراوح بين دون المستوى أو مشكوك فيها أو رديئة، الى جانب تدعيم احتياطيات البنوك ومخصصاتها التقليدية التي تسري حتى على الديون المنتظمة، ومعنى ذلك انه قد توفر الآن مناخا آمنا لمحاكمة الذين نهبوا أموال البنوك أو تسببوا في ذلك من دون ان يؤثر هذا على الثقة في الجهاز المصرفي، غير ان الظاهرة المحيرة في البنوك المصرية الآن هي عدم وجود أياد مرتعشة بالبنوك، وذلك لسبب بسيط هو ان الطلب على الائتمان ذاته تراجع بشدة خلال العامين الماضيين، وبصفة أخص خلال الشهرين الأخيرين.

وتذهب مصادر موثوقة الى ان حل مشكلة الديون المتعثرة حاليا يقع خارج البنوك لا داخلها، وانه بات من الضروري اتخاذ اجراءات فعالة لتنشيط الدولاب الاقتصادي، بعيدا عن استسهال اللجوء الى تشريعات يعول عليها كثيرا في البداية، لكن حصادها العملي في الواقع يكاد يكون معدوما، وفي هذا الصدد توجد ثلاثة اتجاهات، الأول يرى ان المدخل لتنشيط الاقتصاد مالي، مع تحمل نسبة أعلى من التضخم والعجز في الموازنة، والثاني نقدي ويدعو الى خفض جديد للجنيه إزاء الدولار لتنشيط الصادرات وتحجيم الواردات، والثالث يطالب باصلاحات ادارية وسياسية وانتاجية، يمكن ان تعطي مردودا سريعا وبكلفة قليلة، خاصة ان حجم الطاقات العاطلة في الصناعة والخدمات في مصر أصبح كبيرا بشكل لافت.

ولا يزال الجدل دائراً وسيلقي بظلاله على البنوك واصلاحها في نفس الوقت.