البنك المركزي الأوروبي يبدأ دراسة العملة الخليجية الموحدة وبرنامج إصدارها وتوزيعها

مصادر تكشف لـ«الشرق الأوسط» عن اتفاق على شروط مرجعية لدراسة التقارب في السياسات النقدية لدول التعاون

TT

باشر منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي البنك المركزي الأوروبي بتنفيذ الدراسات اللازمة لمشروع الاتحاد النقدي بين دول مجلس التعاون الخليجي وتحديد برنامج إصدار العملة الموحدة وآلية تنفيذ هذه العملية على مستوى البنوك المركزية الخليجية ومختلف دول العالم ومراكز الصرافة، وبينت مصادر اقتصادية سعودية أن الدراسة التي يتم تنفيذها بإشراف من الأمانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجية تستهدف تحديد دراسة الاتحاد النقدي الخليجي وإصدار العملة الموحدة من قبل البنك المركزي الأوروبي والاستفادة من التجربة الأوروبية في هذا الإطار والوقوف على المشاكل التي اعترضتها في بداية التطبيق وكيفية توحيد السياسات النقدية.

وبينت المصادر لـ«الشرق الأوسط» انه تم الاتفاق على جميع الشروط المرجعية للدراسة وان الدول الخليجية متجهة إلى التقريب بين سياساتها النقدية فيما بينها وبين بعضها البعض، مؤكدا أن الدراسة ستساهم في تحقيق تقدم حقيقي في هذا الاتجاه، ومستبعدا وجود أي تأثير لاختلاف اقتصاديات الدول الأعضاء على اعتبار أنها تعتمد على النفط كمصدر رئيسي للدخل وانه لا توجد اختلافات جوهرية في اقتصادياتها وبالتالي فانه من السهل توحيد السياسات بينها لتنشيط الأداء الاقتصادي فيها واعتبر المصدر أن الديون العامة في دول مجلس التعاون الخليجي تحتاج إلى علاج فوري وبرمجة للموازنات لإيقاف العجوز السنوية وبالتالي الاستفادة من الفوائض وإعادة برمجة الاقتصاد لمعالجة الديون العامة، لكنه استبعد أن تؤثر هذه الديون على خطوة دول المجلس في اتجاه الوصول الى الاتحاد النقدي، موضحا أن نسب الدين العام في الدول الخليجية تعتبر متدنية مقارنة بالدول الأوروبية، مشيرا إلى أن دراسة البنك المركزي الأوروبي ستتطرق إلى الطرق المناسبة لتحديد النسب العليا للدين العام في كل دولة بعد مقارنتها بالناتج المحلي.

ودشنت القمة الخليجية الواحدة والعشرين في المنامة أولى الخطوات الخليجية نحو العملة النقدية الموحدة لتبدأ مسيرة هذه العملية المعقدة والمركبة والتي استغرق الوصول لها عقدين من الزمن في الاتحاد الأوروبي، ويثير موضوع الوحدة النقدية الخليجية الكثير من الاستفسارات لدى الأوساط الاقتصادية حول مسار الوحدة النقدية وطريقة تنفيذها والنتائج الاقتصادية الايجابية لها مع دخول دول مجلس التعاون إلى الوحدة الجمركية.

وستسمح العملة الموحدة بانفراج متوقع في العلاقات الاقتصادية والمالية بين دول المجلس وأوروبا لاسيما أن العواصم الأوروبية عبرت عن شكواها في أكثر من مناسبة إزاء بطء حركة المؤسسة الخليجية في إعادة الهيكلة النقدية والتجارية، بما في ذلك توحيد التعرفة الجمركية والانفتاح على الأسواق العالمية الأخرى.

ويساهم توحيد العملات الخليجية العربية الى التعجيل في إنشاء السوق الخليجية المشتركة وبالتالي فان المصارف الخليجية ستتعامل في ما بينها من دون الحاجة الى تحديد أسعار صرف العملات الخليجية المختلفة وتحويلاتها، مما يسهل عملية التجارة البينية ويسرع حركة رؤوس الأموال في ما بين دول التعاون، وبالتالي توسيع السوق بالنسبة لكل المنتجين في هذه الدول مما سيزيد من حجم المشروعات الإنتاجية بحيث تستفيد عدد من القطاعات من تضخم السوق وانفتاحه مما يعني مزيداً من الربحية والاستقرار في السوق الخليجي كون اقتصاديات السوق ستنطبق عليه كسوق خليجي واحد كبير.

كما تقلل العملة الموحدة من مخاطر انتقال رؤوس الأموال عبر هذه الدول الناتجة عن الانخفاض المفاجئ لسعر صرف العملات،. بالإضافة إلى توحيد العملة سيسهم في تحسين الاقتصاد الكلي، وتشجيع التخصص المصرفي وعمليات الاندماج بين المصارف والشركات والمصانع، وتنويع مصادر الدخل، لكن عملية توحيد العملات الخليجية يصدم بمعوقات التي من أبرزها فروقات كبيرة في نسبة العجز في ميزانيات الدول الست مما يتطلب تخفيضه للحد الأدنى قبل الشروع في توحيد العملات الخليجية، واختلاف في السياسات الضريبية بصفة خاصة والسياسات المالية بصفة عامة مما يقتضي تنسيقها وتوحيدها تدريجيا حتى لا تتأثر الاقتصاديات المحلية بالتوحيد الفوري.

ويرى مراقبون اقتصاديون أن أجهزة المجلس تحتاج الآن للعمل على ترجمة هذه القرارات السياسية الى واقع عملي تستفيد منه اقتصاديات المنطقة، والعمل على فرض برامج التكامل الاقتصادي، والاستثمار المتبادل واستغلال إمكانيات كل دولة في المجلس لدعم الدول الأخرى، سواء كان ذلك في مجال الصناعة أو السياحة أو التجارة والتصدير (أو إعادة التصدير)، والظهور بمظهر القوي في الحوار مع الاتحاد الأوروبي وغيره من التكتلات الاقتصادية العالمية. وكان الاتحاد الأوروبي قد أصر على شرطي توحيد التعرفة الجمركية والسعي للتوحيد النقدي لإبرام اتفاق يتم التشاور بشأنه منذ عام 1998، ويهدف الى تخفيض الرسوم التي تفرضها أوروبا على الواردات من دول المجلس.