السعودية وباكستان تسعيان لإزالة معوقات زيادة التعاون الاقتصادي بين البلدين

السفير السعودي في إسلام آباد يؤكد في حديث لـ«الشرق الأوسط» أهمية استغلال الفرص الاستثمارية المشتركة

TT

اكد السفير السعودي، في إسلام اباد، علي بن عواض عسيري، على اهمية تعزيز التعاون الاقتصادي والاستثماري بين السعودية وباكستان. وكشف في حديث لـ«الشرق الاوسط» عن ضعف في التعاون الاقتصادي والثقة المفقودة بين الطرفين في التعاملات الاقتصادية وكذلك المعوقات التي تواجه التجار السعوديين وأيضا رغبة المستثمرين الباكستانيين في الحصول على مشاريع التنقيب عن البترول والغاز في السعودية. كما تطرق الى الدور الذي يمكن أن تلعبه باكستان مستقبلا بالنسبة للسياحة العائلية النقية. ويرى خبراء الاقتصاد في باكستان، أن الدولة التي تعيش منذ سنوات في وضع سياسي غير مستقر نتيجة خلافات الأحزاب السياسية والجماعات المعارضة، جعل الحكومة الحالية تضع استراتيجية من مهماتها إنعاش الاقتصاد في البلاد ووضع خطة للخصخصة وجذب الاستثمار الأجنبي مع توفر جميع التسهيلات التي تسهم في تحسن دخل الفرد وخلق فرص وظيفية للمواطنين.

ورغم العلاقات الدبلوماسية المتميزة والقوية بين السعودية وباكستان، فإن التعاون الاقتصادي بقي ضعيفا وأيضا دون المستوى، مما دعا المسؤولين في الدولتين الى بحث هذه المشكلة ومعرفة الأسباب التي تجعل التعاون الاقتصادي معدوما إذا صح هذا التعبير، رغم أن الجانبين يملكان إمكانيات وفرصاً ضخمة في التعاون المثمر مع توفر العوامل الفنية والمهنية والفرص الاستثمارية. وهنا نص الحوار:

* عقب تراجع السعوديين عن السفر الى باكستان بعد أحداث سبتمبر (ايلول) 2001، كيف ترون العلاقات الاقتصادية بين البلدين؟

التعاون الاقتصادي بين السعودية وباكستان لا يرقى الى مستوى العلاقة الدبلوماسية والعلاقات المميزة بين البلدين، ومنذ باشرت مهامي في السفارة وأنا أبذل جهدا في هذا المجال، خاصة انني لاحظت هذا الشيء عند لقائي لرجال الأعمال السعوديين قبل مجيئي الى باكستان، وبحثت هذا الموضوع مع المسؤولين هنا. كما اطلعت على القضايا الموجودة ما بين التاجر السعودي والباكستاني، ووجدت أن الثقة بين الطرفين معدومة وغير موجودة، وهناك قضايا ضد تجار سعوديين مسجلة لدينا في السفارة وأيضا في المحاكم الباكستانية، ونقلت هذا الشيء الى المسؤولين في الحكومة الباكستانية لأنه ما لم تكن هناك ثقة، فلن ينجح أي مشروع مستقبلا. ولدينا قضايا في الأرز حيث يكتشف التاجر السعودي بعد الشحنة الأولى، أن الشحنة الثانية غير جيدة واحيانا سيئة.

والكثير من رجال الأعمال السعوديين لديهم الرغبة في التعاون الاقتصادي والاستثمار في باكستان، ولكن يتساءل هؤلاء عن الضمانات وسلامة الأموال. ومن خلال اطلاعي على التطورات الاقتصادية في باكستان، فإن الحكومة تعمل حاليا لإيجاد شبه قانون أو آلية تكون أفضل من الآلية الموجودة حاليا. وهذه التطورات سوف تفيد الجانبين وتضمن حق المستثمر وحق التاجر الذي يتعامل مع تاجر باكستاني ويصبح فريسة الغش والخداع.

* وما هو الحل في نظرك؟

ـ هناك تجار باكستانيون يرغبون في الاستثمار في السعودية ويرغبون في الاستثمار مقابل إقامة مشاريع في بلادهم، ولديهم القدرة المادية والفنية أيضا، ونحن نسعى الى دعوة التجار السعوديين الى باكستان للاستثمار، خاصة أن المجالات عديدة هنا في مجال الصناعات والمزارع ومزارع الألبان والاجبان، كما أن هناك دعوة للحكومة الباكستانية لكي تعد الآلية المطلوبة لضمان هذا الشيء، ونحن نشجع وندعو جميع التجار السعوديين لعمل مسح ميداني والتعرف على الإمكانيات المتاحة في باكستان، إذ يساعد رخص اليد العاملة والقرب الجغرافي فضلا عن أن الحكومة تشجع الاستثمار السعودي.

* ذكرت عن قضايا تجارية بين سعوديين وباكستانيين، كم عدد هذه القضايا؟

ـ القضايا التي رصدتها منذ وصولي ليست كثيرة، وقد اجتمعت مع المسؤولين في الغرف التجارية الباكستانية ونقلت لهم هذه الملاحظات، أما عدد القضايا فهو ثلاثة فقط وجميعها متعلقة بقضايا الغش في الأرز وتتجاوز قيمتها مليون دولار.

* ينتقد الباكستانيون السعوديين لأنهم يفضلون العمالة الهندية غير المسلمة، بينما تتوفر عمالة باكستانية، هل نقل لكم المسؤولين الباكستانيون مثل هذه الملاحظات؟

ـ الحكومة الباكستانية ترغب في أن تكون الأولى من ناحية العمالة الموجودة في السعودية، ونحن نشجع هذا الشيء، إلا أنه لسوء الحظ، ودعني أكون صريحا معك، فالمكاتب التي تبحث عن المهن المتعددة تحاول أن تغش العامل الباكستاني ومكاتب العمل. المقصود هنا المكاتب الباكستانية التي تزود الطرف السعودي بالعمالة، حيث لا تهتم من الناحية الفنية للعامل والمطلوب، فترسله الى السعودية من دون أن تكون لدية الخبرة أو أنه يرسل لوظيفة غير تلك التي اتفق فيها مع الطرف السعودي، وبالتالي تصبح الجودة المهنية للعامل الباكستاني القادم الى السعودية ليست كما يتوقع صاحب المؤسسة، وأنا أحمل مسؤولية هذا الى مكاتب العمالة. فحينما يذهب هؤلاء الى السعودية تكون مدة إقامتهم قصيرة جدا لكون صاحب العمل لا يناسبه العامل، ويضطر الى الاستغناء عنه واستبداله بعمالة أخرى سواء من الهند أو دول أخرى، خاصة أن اختيار العمالة يعود الى صاحب العمل، ونلاحظ أن العمالة القادمة من دول أخرى مدربة مهنيا وجيدة لمناخ العمل.

* هل تقصد أن العامل الباكستاني لا يطور نفسه مهنيا؟

ـ ليس هذا القصد فالسوق الباكستاني مليء بالعمالة المهنية والفنية، ولكن مكاتب العمل لا تجتهد في البحث عنهم، حيث تهتم بالدرجة الأولى في الحصول على المبلغ من العامل فقط، وليس مهما إذا كان سيستمر أم لا.

* ولكن ما هو دور السفارة في جذب استثمارات باكستانية الى السعودية؟

ـ السفارة تبذل جهدا في هذا المجال، ومن المعروف أن باكستان مرت في المرحلة السابقة بظروف صعبة، وقد التقيت بمستثمرين باكستانيين لديهم الرغبة بالاستثمار في السعودية في مجال التنقيب البترولي والمعادن ولديهم القدرة الفنية، كما أننا نسعى الى إقامة معرض للصناعات السعودية في باكستان، وزيادة التبادل التجاري، وأيضا نتابع نشاط الشركة السعودية الباكستانية التي لها جهود كبيرة في تنمية التعاون الاقتصادي بين البلدين.

* سمعنا في الفترة الأخيرة عن هجرة أموال من أوروبا والولايات المتحدة، وتوقع البعض أن تكون الدول الإسلامية هي أرض خصبة لاستقبال هذه الأموال، فهل المناخ مناسب لمثل هذه المشروعات في رأيك؟

ـ أنا أتكلم عن باكستان، ضمن العوامل التي شهدت التجارة العالمية خلال العام الماضي. في الواقع أن باكستان لا تشجع على الاستثمار فيها، ولكن الآن تغيرت نوعا ما، بعد أن فكت قيود العملة. كما أن في فترة حكومة برويز مشرف، صار هناك تحول، فتستطيع إخراج المبالغ، وألغيت جميع القيود التي كانت في الفترة الماضية، ولكن بشكل عام ذهاب الأموال المستثمرة من الغرب الى الدول الإسلامية هذا في ظني أمر مستبعد وغير صحيح، لكون المناخ الاستثماري في تلك الدول ما زال ضعيفا وغير مشجع.

* هل يمكن أن تلعب باكستان دورا مميزا في مجال السياحة العائلية بالنسبة للسعوديين والخليجيين؟

ـ في الواقع لا استبعد هذا الشيء، أولا لأن باكستان رخيصة، وثانيا لأنها قريبة من الخليج ومن السعودية، والشيء الثالث والاهم كونها بلداً إسلامياً، وجميع الأسر سوف تكون مرتاحة جدا في باكستان، ولكن الباكستانيين لديهم طريق طويل وشاق، وهو توفر البنية التحتية في ما يتعلق بالمرافق السياحية والخدمات والمتنزهات والفنادق، وقد علمت أن هناك العديد من المشروعات السياحية سوف تقام خلال السنوات المقبلة، ولا ننسى الجانب الأمني الذي يعد مهما لجميع القاصدين للسياحة، وغير مستبعد أن تكون أحد الدول الإسلامية التي ينجذب إليها السياح السعوديين.

* ما مناسبة المهرجان الفني الذي أقامته السفارة خلال الشهر الماضي؟

ـ أولا المناسبة كانت ذكرى اليوم الوطني للسعودية، وبهذا الخصوص أقامت السفارة حفلا فنيا وثقافيا، ولقي هذا المهرجان إقبالا كبيرا من الباكستانيين والشعب الباكستاني يحب هذه الاحتفالات، وقد حضر أكثر من 8000 باكستاني الحفل الذي أقمته في مقر إقامتي في إسلام آباد، وتضمن الحفل فقرات ثقافية وتراثية وفنية، كما أقمنا عدة فقرات في متنزه فاطمة جناح. وفي الحقيقة أطمح لأن يكون هناك مثل هذا الاحتفال سنويا بمشاركة فرق فنية ومشاركة فنانين سعوديين مثل محمد عبده وعبادي الجوهر وعبد المجيد عبد الله، والشعب الباكستاني ذواق للفن السعودي، وبذلك نفتح مجالات للتعاون الفني بين البلدين وندعم السياحة بين الطرفين.