الحص يدعو لتنفيذ برنامج التصحيح المالي في لبنان والسنيورة ينفي مطالبة صندوق النقد بتحرير الليرة

TT

راوحت المواقف من مؤتمر «باريس ـ 2» لمساعدة لبنان على تخفيف عبء مديونيته، بين التحفظ والترحيب. وفيما نوه نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ عبد الامير قبلان بجهود رئيس الحكومة رفيق الحريري والرئيس الفرنسي جاك شيراك لانجاح المؤتمر «مما يؤكد ثقة العالم بلبنان ومستقبله»، لاحظ الرئيس السابق للحكومة اللبنانية سليم الحص ان الحصيلة المباشرة للقروض التي حددها المؤتمر ستخفف خدمة الدين العام بنحو 7% فقط، معتبراً ان الحل لن يأتي من «باريس ـ 2» بل من «حسن تنفيذ الاجراءات والتدابير التي نص عليها برنامج التصحيح المالي». واشار الى ان الضرائب والرسوم التي لحظها البرنامج ويظهر بعضها في قانون الموازنة العامة للعام 2003 «ستكون مرهقة جداً للمواطنين».

وقال الرئيس الحص، في بيان له امس: «ان النتائج التي اسفر عنها مؤتمر باريس - 2 تعتبر جيدة نسبياً». واضاف: «اذا كانت القروض المقررة، ومجموعها 4.4 مليارات دولار، موزعة، كما قال الرئيس الحريري، بين 1.4 مليار دولار لتمويل مشاريع انمائية و3 مليارات دولار لإعادة جدولة الدين العام، فإن حصيلة المؤتمر تكون 3 مليارات دولار فعلياً. فالمبالغ المخصصة لتمويل مشاريع انمائية لا تدخل في حساب خفض خدمة الدين العام، فهي تشكل اضافة جديدة الى مجموع الدين العام القائم حالياً. فإذا كانت اعادة جدولة الدين العام ستقتصر على 3 مليارات دولار، وعلى افتراض ان الفائدة التي ستدفع على القروض المقررة هي بمعدل 5 في المائة، وباعتبار ان الفائدة على الدين العام حالياً هي 12 في المائة، فإن الحصيلة المباشرة ستكون خفضاً في خدمة الدين العام يبلغ نحو 200 مليون دولار سنوياً، اي نحو 7 في المائة فقط من مجموع خدمة الدين».

واعتبر الحص «ان هذا بالطبع ليس حلاً لمشكلة لبنان المالية. فالحل لا يأتي من مؤتمر «باريس ـ 2» بل من حسن تنفيذ سائر الاجراءات والتدابير التي نص عليها برنامج التصحيح المالي الذي اعدته الحكومة في التحضير للمؤتمر. اما الشيخ قبلان فقال: «لا يسعنا ونحن نمر بنجاح مؤتمر «باريس ـ 2» الا ان نسجل للمشرفين عليه كرئيس الجمهورية الفرنسية جاك شيراك كل تقدير ومحبة واحترام. وهو الذي اصبح من لبنان كالأخ الكبير يرعى شؤون الاخ الصغير، واننا اذ نشكر فرنسا على جهدها وجهودها فإننا نشكر الحكومة اللبنانية وعلى رأسها رئيس الحكومة رفيق الحريري لما بذله من جهد واتصال لإنجاح هذا المؤتمر».

واعتبر رئيس كتلة نواب «حزب الله» في البرلمان اللبناني النائب محمد رعد «ان على الحكومة ان تضع اولويات للانفاق المجدي وان تتصرف بحرص وامانة ومسؤولية تجاه ما سيأتيها من اموال في مؤتمر «باريس ـ 2». وقال: «ان المبلغ الذي يأمل لبنان ان يحصل عليه من باريس - 2 يستطيع ان يوفر خدمة دين سنوياً بما يعادل 200 مليون دولار اذا احسنت الحكومة توظيفه واذا لم يذهب هدراً وما شاكل كما ذهبت اموال اخرى».

وحذر نائب الامين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم من «اعتبار البعض الدعم السياسي الاميركي لـ«باريس ـ 2» منعطفاً لمصلحة لبنان، لأن اميركا لا تصنع شيئاً الا اذا كانت مصلحتها في ان تصنعه».

اما النائب غازي زعيتر فقد اعتبر «ان اموال «باريس ـ 2» لا تشكل حلاً للمشكلة الرئيسية. ولكن هذا الامر يوفر دعماً معنوياً للبنان من الدول المشاركة في المؤتمر... وهذا امر ايجابي جداً. وعلينا ان نستفيد من هذا الدعم وان نقف الى جانب انفسنا في الاصلاح الاداري والسياسي ومنع هيمنة السياسة على الادارة ووقف كل ابواب الهدر».

ووجه النائب عبد اللطيف الزين الشكر الى الرئيس الحريري على «المساعي التي قام بها لإنجاح باريس ـ 2». وقال: «علينا ان نكون اهلاً للثقة التي منحتنا اياها الدول التي اجتمعت في العاصمة الفرنسية. «واشاد وزير الدولة لشؤون مجلس النواب في الحكومة اللبنانية ميشال فرعون بالجهود الكبيرة التي بذلها رئيس الحكومة رفيق الحريري بالتنسيق مع رئيس الجمهورية اميل لحود، واستغرب في حديث اذاعي امس «الانتقادات التي تصدر من هنا وهناك للمؤتمر الذي يعتبر فرصة تاريخية للسيطرة عن الحلقة المفرغة التي وقع فيها لبنان في مسألة خدمة الدين العام». ووصف وزير المال اللبناني فؤاد السنيورة مؤتمر «باريس ـ 2» بأنه «انجاز لا سابق له» نافياً، في حديث اذاعي، ان يكون صندوق النقد الدولي اقترح خلال المؤتمر تحرير سعر صرف الليرة اللبنانية. واوضح ان «جميع الفرقاء المعنيين اصبحوا يدركون ان موضوع خفض سعر صرف العملة ليس خروجاً من مشكلة بل هو ابقاء لمشكلة والدخول في مشكلة جديدة تجعل من المستحيل السير في عملية الاصلاح المالي».

وقال السنيورة: «ان هذا الانجاز الكبير الذي تحقق للبنان لم تحصل عليه اي دولة بحجم لبنان على الاطلاق. وان ما جرى امر اساسي حققه لبنان. ويجب ان نبني على هذا الانجاز غير المسبوق. ويجب ان نعلم ان الامر الآن اصبح في الساحة اللبنانية».