البنوك الإسلامية مدعوة للرقي بنوعية عروضها لتلبية حاجة المستثمرين

TT

شهد قطاع المال الاسلامي نموا مطردا خلال العقود الثلاثة السابقة. وبالتالي نمت وتطورت العديد من التقنيات لتمكين البنوك الاسلامية من الدخول في النظام المالي العالمي وبالتحديد نظام المرابحة. واضطر العديد من البنوك العربية الكبرى الى اللحاق بمسيرة التحول والطلب المتلاحق على المعاملات المالية الاسلامية وفتحت معاملات ملائمة لقوانين الشريعة. وفي منتصف الثمانينات بدأت البنوك العربية بطرح منتوجاتها الخاصة المعتمدة على النظام الاسلامي في الاستثمار. ودشن العديد من البنوك العربية محفظات استثمارية معتمدة على نظام المضاربة والتي يمكنها المساهمة في عمليات بنكية ومالية آمنة. وبحلول التسعينات دخل نظام الايجارة ساحة التعاملات المالية الاسلامية الامر الذي سمح بالاستثمار في مشروعات غير تجارية. وأصبحت الاجارة منذ ذلك الحين الشكل الاكثر تحبيذا عند المستثمرين الراغبين في التعامل بالنظام المالي الاسلامي. والسؤال المطروح يكمن في كيفية تقييم متطلبات واولويات المستثمرين الراغبين في التعامل بالنظام المالي الاسلامي لضمان استمرار النمو القائم؟

وقد تناولت ستيلا كوكس مديرة «داى جلوبال انفستمنت» التحدي الذي يواجه البنوك الاسلامية في مقالة نشرتها مجلة «اراب بانكارز» في عددها الصادر في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وقالت كوكس بأن بعض المعروضات المالية الاسلامية لاقت استحسانا وتجاوبا مع متطلبات المستثمرين، الا ان منتجات اخرى لم تستطع جذب المستثمرين. وقد اعتمد المزودون للخدمات المالية الاسلامية على أذواق ومتطابات الزبائن بالاساس في رسم ماهيات واشكال المنتوجات المطروحة. وتساءلت بذلك كوكس عن ماهية هؤلاء الزبائن الذين يحددون طبيعة منتوج القطاع المالي الاسلامي كما تساءلت عن اولويتهم؟ وتستذكر كوكس المراحل العديدة التي مر بها قطاع المال الاسلامي منذ فترة السبعينات والتي شهدت تشييد معالم النظام المالي الاسلامي الحديث وركزت على ايجاد الاستثمارات المنخفضة المخاطرة والقصيرة الامد بحيث تسمح بتوزيع الاستثمارات المحلية على مناحي الاستثمار العالية المتنوعة.

وقد انضم العديد من البنوك العالمية الى اسواق المال الاسلامية محاولين تقديم منتجات ومحفظات استثمارية توافق متطلبات السوق. ولكن محاولات البنوك العالمية لم تكن ناجحة وتعاني من عدم الدقة وعدم «مؤسسية» المتعاملين. فقد اكتشفت هذه البنوك ان العمل في قطاع المعاملات المالية الاسلامية لا يتضمن فقط بعض المستثمرين المتعاملين مع هذه البنوك بل مجموعات أخرى غير متعاملة وغير منظمة والتي توصف بتوفر رأس المال وبتعاملاتها المجزئة، مما جعل من تلبية طلب هذه الشرائح الامر الاهم خلال التسعينات. فمن الواضح ان هذه البنوك العالمية افتقرت للمعرفة بطبيعة متطلبات المستثمرين العرب والمسلمين وتجاهلت رغباتهم باستثمارات مرنة تسمح باعادة توزيع الاستثمار بشكل سريع وكفوء، كما تجاهلت تخوف بعض المستثمرين من الزيادة في التكاليف بسبب الدخول في عمليات استثمارية حسب الشريعة الاسلامية ولم توفر ضمانات كافية بخصوص أداء المحفظات الاستثمارية المعقدة وتوقعات التقلبات في السوق المحلية والعالمية. اذاً يخلص المرء الى القول ان على البنوك المحلية والعالمية على حد سواء الاخذ بعين الاعتبار متطلبات المستثمرين الراغبين في التعاملات الاسلامية في زمن صعود هذه الاخيرة.