قرار «البحرنة» يثير قلق قطاع المقاولات في البحرين

اقتصاديون: تطبيق البرنامج يتعارض مع توجه الدولة لتنمية الاقتصاد وجذب الاستثمارات الأجنبية

TT

تخوف مقاولون واقتصاديون من أن يؤثر اصرار وزارة العمل والشؤون الاجتماعية على تطبيق «البحرنة» في قطاع المقاولات وفق البرنامج الذي أعلنته في نوفمبر (تشرين الثاني) 2001 في أعمالهم. في حين يرى اقتصاديون أن تطبيق هذا البرنامج يتعارض مع توجه الدولة لتنمية الاقتصاد وجذب الاستثمارات الأجنبية وخفض المقدرة التنافسية للبحرين أمام المستثمر الأجنبي مقارنة بدول المنطقة، خاصة دبي. واعتبر هؤلاء قرار «البحرنة» في قطاع المقاولات من القرارات المتسرعة التي اتخذتها الوزارة بناء على ضغوط ولدّتها زيادة أعداد الباحثين ومطالبات المهتمين بالقضايا العمالية من دون الأخذ في الاعتبار خصائص شرائح الباحثين عن العمل أو التنسيق مع مؤسسات التدريب من أجل اعداد المهارات المناسبة لهذه المهنة للتأكد من توافرها كخيار مناسب في السوق. وكانت وزارة العمل قد دعت أمس المقاولين والشركات والعاملين في قطاع المقاولات الانشائية الى سرعة تعديل الأوضاع بشأن نسبة «البحرنة»، بحسب توصية صدرت في ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي وهي بلوغ الحد الأدنى عند مستوى «بحرنة» بنسبة 15 في المائة الآن كحد أدنى مع زيادتها بنسبة 2.5 في المائة سنويا خلال السنوات المقبلة حتى تصل النسبة خلال السنوات الخمس المقبلة الى 25 في المائة. كما تم بشكل متواكب مع القرار حينئذ وللمرة الأولى تحديد الحد الأدنى لأجور البحرينيين العاملين في قطاع المقاولات 150 دينارا قابلة للزيادة خلال ستة أشهر. وبالرغم من أن المقاولين كانوا بصدد عدم الالتزام بالقرار لدى صدوره نظرا لصعوبة تطبيقه من وجهة نظرهم، الا أنهم تراجعوا عن هذا التوجه بعد أن ربطت الوزارة التزام المقاولين بالنسبة المفروضة بقدرتهم على تجديد رخص العاملين الأجانب لديهم أو استقدام آخرين من الخارج. وعبر المقاولون، خاصة من الفئة المتوسطة والصغيرة، فور صدور القرار في نهاية العام الماضي عن انزعاجهم وتخوفهم من تأثير القرار في أعمالهم، وتشكلت لجنة مشتركة في ذلك الوقت ضمت ممثلين من وزارتي العمل والشؤون الاجتماعية ووزارة الأشغال، بالاضافة الى ممثلين عن غرفة تجارة وصناعة البحرين، بالاضافة الى اللجنة العامة لعمال البحرين تختص بالنظر والبت في طلبات تراخيص العمل المقدمة من قطاع المقاولات في مجال البناء والتشييد للمهن التي لا تحظى بقبول البحرينيين أو التي لا يتوافر العدد المطلوب منهم لهذه المهن. واعتبر الاقتصادي جاسم حسين أن القرار غير سليم وغير قابل للتنفيذ، بالاضافة الى أنه صدر في التوقيت غير المناسب، وقال «إن البحرين مقبلة على نمو اقتصادي وإن فرضها لاشتراطات مثل البحرنه سوف يؤثر سلبا في هذا النمو ويؤخره وتفقد البحرين بعضا من قدرتها التنافسية في أسواق الاستثمار في المنطقة التي تخلو جميع قطاعاتها من أي نوع من الاشتراطات من أجل جذب المستثمر الأجنبي للاستثمار في الداخل. وقال لـ«الشرق الأوسط» «ان كانت الحكومة تبحث عن حلول لمشكلة البطالة فان تنمية الاقتصاد وجذب الاستثمارات الأجنبية من شأنه أن يخلق فرص عمل، ولكن فرض البحرنة لا يمكن أن يكون هو الحل في قطاع حيوي ومرتبط بقطاعات أخرى حكومية وتابعة للقطاع الخاص على السواء». وبحسب المقاولين فانه من الصعب المحافظة على نسبة بحرنة مستقرة في القطاع حتى اذا ما قرروا الالتزام بالنظام الجديد ذلك أن هذه المهنة تشهد عزوفا من البحرينيين نظرا لصعوبة ظروف العمل ولامتداد ساعات العمل وانخفاض المردود المادي منه، وبحسب المقاول رائد عمر فان «المحافظة على نسبة البحرنة قد تكون ممكنة لكنها لا تكاد تستقر حتى تنخفض في شهور الصيف مع ارتفاع درجة الحرارة وبالتالي قسوة ظروف العمل». ويضيف عمر لـ«الشرق الأوسط» ان حالة عدم التأكد لدى المقاول من العمالة لديه يؤثر في قدرته في التخطيط لمشروعاته لأن احلال عمالة أخرى سواء محلية أو أجنبية بدل الخارجة من العمل تستغرق وقتا مما يؤثر في أداء المؤسسات والقطاع بشكل عام. والمعروف أن عدد الأجانب العاملين في مهنة المقاولات يشكلون ثلث العمالة الأجنبية العاملة في البحرين والمقدرة بـ180 ألف عامل أي ما يقدر بـ60 ألف عامل، كما أنهم يشكلون ما بين 85 في المائة الى 90 في المائة من اجمالي العاملين في قطاع المقاولات.

ومن جانبه وجد المقاول عبد الله الظاعن أن الفترة الماضية التي كانت عبارة عن مهلة لتطبيق نظام البحرنة بنسبة 15 في المائة كانت قاسية بالنسبة للعاملين وعدم قدرتهم على ايجاد البحرينيين لشغل الوظائف المطلوبة. وامتناع وزارة العمل عن منح التراخيص للعمالة المطلوبة، من جانبها أدى الى تعطيل أعمال المقاولين وبالتالي خفض أدائهم بالرغم من أن ظروف السوق كانت مهيأة لنموها. وأشار الظاعن في حديثه الى «الشرق الأوسط» الى أن القرار أثّر سلبا بشكل أساسي المقاولين من الفئة الصغيرة والمتوسطة بينما تمكن كبار المقاولين من «النجاة» والفوز بالمشروعات بسبب ارتفاع عدد العمالة أصلا لديهم وعدم تأثرهم بنفس درجة تأثر المقاولين من الفئات الأقل. ومن المتوقع أن يرفع القرار كلفة الانشاءات التي ستمرر بدورها الى المستهلك النهائي ذلك ان أجر البحريني سيبدأ بـ150 دينار بينما لا تتجاوز كلفة الأجنبي 120 دينار شاملة للراتب والرسوم والاقامة وغيرها. وفي السياق نفسه انتقد المقاولون خلو السوق من الكفاءات والعناصر المدربة للعمل بالمهارة المناسبة، برغم أن مؤسسات قطاع المقاولات تدفع رسوم تدريب مقدارها 1 في المائة، لكل عامل بحريني و3 في المائة لكل عامل أجنبي تذهب الى برامج التدريب الحكومية الأمر الذي أدى الى أن القطاع وبالرغم من أنه من القطاعات المرشحة لامتصاص نسبة كبيرة من البحرينيين العاطلين والباحثين عن العمل منذ فترة ليست بالقصيرة بسبب اتساعه الا أن السوق لم تحظ حتى الآن بمخرجات التعليم والتدريب المناسبة، وبالرغم من أن المؤسسات تتحمل حصة من أعباء كلفة التدريب الا أنها لا تحصل على حاجتها من العمالة المدربة لتغطية احتياجات القطاع من نجارة وحدادة وفبركة وبناء وغيرها.