السعودية توقف نشاط 25 مؤسسة غير نظامية لتوظيف الأموال في المنطقة الشرقية بأرصدة تصل 1.2 مليار دولار

مؤسسة النقد توجه رسالة عاجلة للبنوك بالحجز على حساب الشركات ومودعون يستفسرون عن مصير أموالهم المجمدة

TT

في خطوة حاسمة وجريئة اعلنت مؤسسة النقد العربي السعودي عن تجميد حسابات 25 شركة ومؤسسة سعودية تعمل في توظيف الاموال بطريقة غير نظامية، وجميعها بالمنطقة الشرقية.

واشار مصدر مصرفي أن تلك الشركات تعمل على توظيف أموال تقدر بـ4.6 مليار ريال (1.2 مليار دولار)، مبيناً أن هذه الظاهرة التي بدأت منذ سنوات عديدة كانت نتاجاً لعدد من العوامل من أبرزها الغطاء الديني الذي كان يتلبس به هؤلاء الأفراد مما اكسبهم ثقة المجتمع بالاضافة إلى وجود قناعات اجتماعية ذات مستند ديني يتعارض مع عمل البنوك المحلية، وارتفاع العائد على الاستثمار أدى إلى سحب أرصدتهم في البنوك المحلية وإيداعها لدى تلك الشركات بهدف استثمارها علاوة على ارتفاع نسبة الجهل الاستثماري في المجتمع وقصور التوعية من قبل وسائل الاعلام والبنوك.

وجاء قرار مؤسسة النقد بناء على توجيهات من وزارة الداخلية والمبنية على توصيات لجنة وزارية عليا تم تشكيلها بموجب امر سام بخصوص الكشف والحجز على ارصدة عدد من الاشخاص والمؤسسات والشركات لقيامهم بجمع وتوظيف الأموال.

ووجه حمد سعود السياري محافظ مؤسسة النقد برقية عاجلة لجميع البنوك العاملة بالسعودية بالكشف والحجز على ارصدة تلك الشركات وعدم السحب او التحويل منها سواء من قبل الاشخاص او المفوضين بالتوقيع او الوكلاء الشرعيين بادارة الحساب، بجانب عدم فتح حسابات جديدة باسماء هذه الشركات والمؤسسات واصحابها مع تقديم افادة بكشف حركة الحسابات اعتبارا من أول ديسمبر (كانون الاول) عام .2001 وابلغت مصادر «الشرق الأوسط» ان وزارة الداخلية طلبت من شركات توظيف الاموال تصفية حقوق المودعين لديها من خلال لجنة مشكلة من قبل الوزارة لهذا الغرض بالتنسيق مع احد المكاتب المحاسبية القانونية.

وشهد امس تدفق اعداد كبيرة من عملاء شركات توظيف الاموال بالمنطقة، تجمهروا امام بوابات تلك الشركات للاستفسار عن مصير اموالهم وامكانية استعادتها حتى ان اقتضى الامر بدون اية فوائد.

من جانب اخر ثمن الاقتصادي السعودي الدكتور ناصر الصالح قرار وزارة الداخلية بتجميد ارصدة تلك الشركات، مشيرا الى ان للقرار فوائد كبيرة على المدى البعيد، خاصة ان هذه الشركات تعمل بطريقة غير نظامية ولا تمتلك ترخيصا للقيام بهذا النشاط وتعمل في الظل، وان استمرارها على هذا الحال سوف يعيد مأسي شركات مصر العائلية مرة اخرى، واعتبر الدكتور الصالح تأثيرات الحادي عشر من سبتمبر (ايلول) 2001 والمخاوف المعلنة عنها وغير المعلنة على الحـجر على الاموال العربية، اضافة الى الجانب النفسي كان له اكبر الاثر في تحويل تلك الاموال الى السوق المحلية، الامر الذي ساعد في قيام شركات توظيف الاموال والتي تقوم باجتذاب اموال الاخرين بضمان عائد مرتفع وغير منطقي.

وارفق بقرار التجميد قائمة تضم 25 اسما وهم: حمد محمد العيد، عبد الغني عبد الله صالح الغامدي، جمعة فهد الجمعة وقاسم محمد العجمي وعثمان عبد الله حسن بن حسن ومحمد عبد الله محمد العمري، شركة حمد محمد حمد العيد وشريكه، فرع شركة حمد محمد حمد العيد وشريكه، مكتب عبدالغني عبد الله الغامدي العقاري، مؤسسة وسائط الدولية للصيانة، فرع مؤسسة وسائط الدولية للصيانة، مؤسسة سردق التجارية، مصنع حمد محمد العيد للحجر الصناعي والديكورات، فرع مؤسسة حمد العيد التجارية، فرع مؤسسة حمد محمد العيد للمقاولات، فرع مؤسسة حمد العيد للصيانة، فرع مؤسسة حمد محمد العيد للمقاولات، فرع مؤسسة حمد العيد التجارية، شركة التطور العربية للتجارة والانشاءات المحدودة، مكتب جمعة فهد الجمعة للخدمات العامة، مؤسسة جمعة الجمعة التجارية، مكتب جمعة الجمعة للتطوير العقاري، مركز هدف الدولية للتسويق، مؤسسة جمعة فهد مبارك الجمعة التجارية، الجمعة للعود والعسل.

وكانت مؤسسة النقد العربي السعودي قد حذرت اخيرا من التعامل مع شركات ومؤسسات تقوم بجمع اموال المواطنين والمقيمين بدعوى استثمارها او توظيفيها داخل السعودية وخارجها في مشاريع استثمارية غير محددة وبعوائد مالية تتجاوز 50%، واكدت المؤسسة ان الشركات والمؤسسات التي تقوم بتوظيف الاموال لا تمتلك الصفة الرسمية التي تخولها لجمع الاموال، فضلا عن انها تعمل بعيدا عن رقابة واشراف الجهات المختصة، وتستخدم عقودا ابهامية غير واضحة ولا تحمي صاحب المال حيث يغلب عليها طابع الاحتيال.

من جانب اخر حذر خالد القحطاني عضو مجلس ادارة الغرفة التجارية الصناعية للمنطقة الشرقية ورئيس اللجنة العقارية بالغرفة في تصريح مع «الشرق الأوسط» من وقوع كوارث اقتصادية غير محمودة العواقب من جراء استمرار شركات ومؤسسات توظيف الاموال التي اصبحت تشكل خطرا على الاقتصاد الوطني، وقال ان تلك الشركات تعمل خارج القانون، والاموال التي لديها خارج الرقابة النقدية التي تمارسها الجهات الرقابية المسؤولة عن سلامة الاموال المودعة في المؤسسات المصرفية، وتتمثل المخالفات القانونية في جملة نقاط منها: عدم وجود عاملين أكفاء لدى هذه الشركات، وكذلك عدم وجود هياكل تنظيمية واضحة أو إجراءات مالية سليمة أو اهداف اقتصادية واضحة، كما تنص عليه القوانين التى تنظم عمل هذه الشركات والمؤسسات المالية، وان هذه المخالفات سوف تؤدي بلا شك إلى كوارث اقتصادية، كما طالب بايجاد اساليب واجراءات فيما يخص شركات الاستثمار القائمة التى تعمل من دون ترخيص منها: انشاء لجان رقابية واشرافية من القطاع الخاص لدراسة اوضاع الشركات كل شركة على حدة ومحاولة توفيق اوضاعها قانونياً، ودمج هذه الشركات بمؤسسات مصرفية ومالية قائمة، واعطاء دور أكبر للمكاتب الاستشارية وذلك للخروج بحلول علمية وعملية، مشيرا الى ان دور المؤسسات الحكومية تشريعي ورقابي من خلال اصدار تشريعات تحدد ضوابط العمل في مجال الاستثمار، كما يحدد دور الاجهزة الحكومية في تطبيق هذه القوانين للحد من انتشار ظاهرة شركات توظيف الاموال الوهمية.

ويرى ان ربحية استثمارات تلك الشركات لا تتناسب مع معايير الربحية المحلية أو العالمية لأي من مجالات الاستثمارات، فالاستثمارات العقارية المحلية لا تتعدى (12%) سنوياً في الاحوال الطبيعية في حين يدفع هؤلاء اكثر من (120%) سنويا وهذا لا يجاري المنطق، بل أن كثيراً من المؤسسات المالية والاستثمارية العاملة في السوق والقوية بامكاناتها لا تتعدى ارباحها باكثر من (8%) سنويا، ونتيجة لعدم الشفافية فإن التكييف الشرعي لمعاملات هذه الشركات يكاد لا يظهر، وفي العموم إن نسب الارباح العالية المعروضة تكاد تنسي كثيرا من الافراد في شرعية الاستثمارات.

ويرى رئيس اللجنة العقارية بغرفة الشرقية ان الملاحظ للنظام المصرفي المحلي يجد ضعفه في دعم الاقتصاد الوطني خاصة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وهذا يؤدي الى ظهور مثل هذه المؤسسات، كما اننا نجد أن بعض هذه المؤسسات تصف نفسها بالشرعية، لذا أصبح من الواجب على وزارة المالية ومؤسسة النقد إصدار تراخيص لمؤسسات استثمارية إسلامية كما هو الحال في دول الخليج كالبحرين والكويت رغم صغر هذين البلدين، على عكس السعودية التي تمتاز بكبر المساحة وزيادة السكان والتي لا توجد بها تراخيص لمثل هذا النوع من الشركات، ويرى القحطاني انه نتيجة غياب الوعي الاستشاري لدى الافراد فإن المكاتب الاستشارية في السعودية لم يعد لها الدور المأمول، وذلك للجوء للعديد من المستثمرين الى محاسبين عاديين لعمل دراسات اقتصادية نتيجة لرخص الاتعاب المهنية، كما ان هذه الدراسات لا تحقق الحد الادنى من المستوى العلمي المطلوب، وان تدخل كل من وزارة التجارة والغرف التجارية الى تنظيم التعامل مع مهنة الاستشارات الاقتصادية يجعل جميع الاطراف من اصحاب العلاقة في مأمن من المخاطر الاستثمارية المحتملة، وفي رأيه ان المسؤول عن زيادة ظاهرة شركات توظيف الاموال الوهمية يتمثل بعدة اطراف: المؤسسات الحكومية التي سمحت لمثل هذه الشركات ان تكبر الى هذا المستوى.

يذكر ان غرفة الشرقية قد عقدت عدة اجتماعات خلال الشهر الماضي بهدف تدارس ما آلت اليه الاوضاع من انتشار ظاهرة توظيف الاموال من قبل شركات غير نظامية وبصورة تدعو للقلق، وعلى الرغم من تحذير وزارة التجارة ومؤسسة النقد العربي السعودي لجميع المواطنين والمقيمين من التعامل مع هذه المؤسسات والشركات غير المتخصصة والتي لا تتفق مع الانشطة المرخص لها والمقيدة في سجلاتها التجارية، الا ان هناك توجها لدى البعض في ايداع مبالغ لديها.

=