سوق المواد الغذائية يشهد نموا متزايدا وسط تقديرات لمردود يصل 2.7 مليار دولار سنويا

TT

نمت سوق المواد الغذائية في السعودية بشكل عام والأطعمة الخفيفة بوجه خاص، وشهدت هذه الاخيرة ارتفاعاً خلال عام واحد بلغت نسبته 3.6 في المائة بقيمة432.5 مليون ريال (115.32 مليون دولار) في العام 2001 مقارنة بـ(417.3) مليون ريال (111.27 مليون دولار) في العام .2000 وأعاد عبد الله يوسف النافع مسؤول الشركة السعودية للمأكولات الخفيفة هذا الى ان غالبية سكان البلاد هم من الشباب وهذه التركيبة السكانية لها أبلغ الأثر في النمو المتزايد لهذه السوق، مشيراً الى أن جهود الحكومة لتحقيق الأمن الغذائي عبر دفع كفاءة القطاع الزراعي سيكون لها مردود ايجابي لتلبية الاحتياجات من المنتجات الغذائية المقدرة سنوياً بحوالي 10 مليارات ريال (2.7 مليار دولار).

وتناول النافع في حديث مع «الشرق الأوسط» جملة من الموضوعات الاقتصادية المتعلقة بحماية المنتج الوطني والاعتماد الذاتي، وكبح جماح المنافسة.

* تسعى السعودية لتحقيق الأمن الغذائي للوصول الى الاكتفاء الذاتي.. كيف ترى الجهود المبذولة في هذا الشأن؟

ـ هناك فجوة غذائية في الوطن العربي تقدر بحوالي 13 مليار دولار وفق بيانات المنظمة العربية للتنمية الزراعية، ويمثل أهم أسباب ذلك زيادة الجفاف والتصحر وضعف الموارد المائية و مصادر المياه، الأمر الذي ساعد على خلق هذه الفجوة الغذائية، وقد أظهرت بيانات احصائية أن اميركا تعد أكبر مصدر للحبوب الى السوق السعودي التي استهلكت العام الماضي ماقيمته من هذه المنتجات (71.5) مليون ريال (19.06 مليون دولار) بزيادة 5.5 في المائة عن حجم السوق خلال العام 2000 والبالغ (67.6) مليون ريال (18.02 مليون دولار)، لكن جهودا تبذل الان سيكون لها مردودها الايجابي على المدى المتوسط والمنظور وهي ستساهم كثيراً في تحقيق الأمن الغذائي.

* وهل بمقدور القطاع الزراعي السعودي المساعدة في سد هذه الفجوة؟

ـ أعتقد أن السعودية تسير بخطى واسعة و مدروسة حيال هذه القضية كما أن هناك الكثير من المنشآت الزراعية التي تساعد في التغلب على الفجوة الغذائية بالسعودية، من خلال التعاون فيما بينها مثل الشركة السعودية للمأكولات الخفيفة التي وقعت مع الشركة الوطنية للتنمية الزراعية «نادك». اخيرا اتفاقية تعاون تقوم بموجبها «نادك» بتزويد الشركة السعودية للمأكولات الخفيفة المحدودة بكميات من البطاطس التصنيعية العالية الجودة في أكبر صفقة بطاطس بين شركتين سعوديتين تصل قيمتها الى (20) مليون ريال. وبهذا فقد خفضت الشركة نسبة استيرادها من البطاطس من 16 في المائة الى 5 في المائة نتيجة اتساع رقعة الأراضي المزروعة بالبطاطس في السعودية، ما أدى الى زيادة الانتاج.

* اذاً كيف تنظرون الى واقع سوق المواد الغذائية الخفيفة وحجمه في المملكة؟

شهدت سوق الأطعمة الخفيفة نمواً ملحوظاً خلال العامين الماضيين مستفيدة من طبيعة التركيبة الديموجرافية في البلاد التي تغلب عليها فئة الشباب من سن (15) وحتى (25) سنة، وأظهر تقرير اقتصادي نشر حديثاً أن حجم سوق الأطعمة الخفيفة بعد ارتفاعه مؤخراً بواقع 3.6 في المائة خلال العام الماضي 2001 يصل الى (432.5) مليون ريال مقارنة بـ(417.3) مليون ريال خلال العام 2000، وأحب أن أشير الى أن عدد مصانع المواد الغذائية والمشروبات العاملة في السوق السعودي حتى منتصف العام الهجري الماضي 1422 هـ (2001م) قرابة (546) مصنعاً تقدر استثماراتها بـ(18) مليار ريال ويعمل فيها ما يقرب من (79.4) ألف عامل، وهذه الأرقام تظهر النمو الكبير في سوق المواد الغذائية بشكل عام والمأكولات الخفيفة بشكل خاص.

* مناخ المملكة قاس في كثير من مناطقها.. فكيف يمكن الاستفادة من البيوت المحمية لزيادة الانتاج الزراعي؟

ـ عرف مشروع البيوت المحمية نشاطاً ملحوظاً في السنوات الأخيرة حيث زاد بنحو (8) أضعاف أو ما نسبته 800 في المائة في السنوات العشر الأخيرة، وقفز عدد مشروعات الزراعة المحمية من 41 مشروعاً عام 2000 بانتاج 8 آلاف طن من الخضراوات الى 283 مشروعاً بطاقة انتاجية قدرها 148 ألف طن.

* باعتبار أن السوق السعودي من أكثر الأسواق في المنطقة انفتاحاً.. كيف ترون أهمية ايجاد قيود ومقاييس محدودة للحفاظ عليه من حدة المنافسة العالمية؟

ـ لا شك أن هناك قوانين أو اجراءات تأخذ بها الحكومات بحجة حماية الحيوان والنبات والانسان في بلادها وعادة ما يتم تطبيقها بدقة لهذا الغرض، الا أنه غالباً ما يتم اساءة استخدامها لاعاقة الواردات ومن بين ذلك فرض معايير قياسية أكثر تشدداً، و لنحمي سوقنا يجب علينا تطبيق مبدأ الحد من استيراد المنتجات الاجنبية المنافسة.

* وكيف نحمي صناعتنا الوطنية من عمليات الاغراق الخارجي ونحافظ على مستوى الجودة في ذات الوقت؟

ـ يندر أن يتم تصنيع منتجات بالكامل في دولة واحدة، وعادة ما يتم الحصول على المواد الخام أو بعض العناصر السابقة الصنع من دولة معينة، في حين يتم تطويرها أو تجميعها في بلد آخر. لذلك يصعب تحديد بلد المنشأ الحقيقي للكثير من المنتجات الصناعية. وتلجأ الدول الراغبة في حماية صناعتها الى وضع حد أدنى «لمتطلبات المنتج المحلي».

* هل ترى ان هناك اهمية او فائدة للقيود الطوعية على التصدير؟ ـ توافق الدول أو الشركات المصدرة اختيارياً على الحد من صادراتها الى دولة معينة، وتستخدم بعض الدول الكبرى قوتها الاقتصادية والسياسية في الضغط على الدول المصدرة بتبني هذا المبدأ على اعتبار أنه اختيار «طوعي» في حين أنه في حقيقته اجباري، وذلك بغرض الافلات من عقوبات منظمة التجارة العالمية. فهناك فوائد كبيرة للقيود الطوعية على التصدير والتي تلجأ لها الدول حماية لصناعتها المحلية.

* اذاً ما هي الأساليب والوسائل التي يمكن تطبيقها لحماية الصناعات الناشئة والاستراتيجية في المملكة؟

ـ مما لا شك فيه أن على السعودية تطوير وتطبيق استراتيجية خلاقة وذكية لحماية صناعاتها الناشئة والرائدة وذات الأهمية الاستراتيجية. كما يجب الأخذ في ذلك بكثير من الحكمة والنظرة الثاقبة بعيدة المدى، والتي تأخذ في الاعتبار تنويع القاعدة الاقتصادية واعطاء الصناعات الجديدة الحماية اللازمة للبقاء والنمو وكذلك الصناعات الاستراتيجية والتي نحتاجها لكي لا تصبح السعودية في يوم من الأيام ذات اعتماد تام على استيراد هذه السلع الاستراتيجية من الخارج، اضافة الى ما ستوفره الصناعات المحلية التي يمكن أن توفر فرصا جديدة لامتصاص الأعداد المتزايدة من الشباب الراغبين في العمل، وكيف يمكن ربط هذه الحماية بتحقيق نمو فرص العمل للمواطنين. ان نجاح السعودية في الانتقال الى مرحلة ما بعد النفط يعتمد بشكل كبير على مدى فعالية التعامل مع هذه القضايا.