14 مليار دولار أصول 147 صندوقا استثماريا في السعودية حتى منتصف 2002

جدل مستمر بين البنوك والمستثمرين حول ضرورة المزيد من الشفافية وتدفق المعلومات حول أداء الصناديق

TT

فيما تكمل الصناديق الاستثمارية في المصارف السعودية نحو ربع قرن بنهاية العام 2002، منذ تأسيس أول صندوق في العام 1979 من قبل «البنك الأهلي التجاري» كشفت ارقام حديثة أن اجمالي اصول الصناديق بلغ 52.4 مليار ريال (14 مليار دولار) حتى منتصف العام الجاري، فيما بلغ عددها 147 صندوقا منها 137 صندوقا مستثمرة في السوق المحلية وبقيمة 51.4 مليار ريال (13.7 مليار دولار) و10 صناديق في السوق الخارجية وبقيمة 1.06 مليار ريال (283 مليون دولار)، ويزيد حجم المستثمرين على 100 الف مستثمر.

وتظهر احصاءات مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما)، ان الادوات النقدية المحلية احتلت المرتبة الاولى من اجمالي اصول الصناديق الاستثمارية المحلية بنسبة 31.8 في المائة وبقيمة 16.3 مليار ريال (4.4 مليار دولار)، تليها في المرتبة الثانية الاصول المحلية الاخرى بقيمة 15.8 مليار ريال (4.2 مليار دولار) وبنسبة 30.7 في المائة، ثم الاصول الدولية بقيمة 8 مليارات ريال (2.1 مليار دولار) وبنسبة 15.6 في المائة، والاسهم الدولية بقيمة 5.7 مليار ريال (1.5 مليار دولار) وبنسبة 11 في المائة، والادوات النقدية بقيمة 3.5 مليار ريال (921.3 مليون دولار)، واخيرا الاسهم المحلية بقيمة 1.9 مليار ريال (528 مليون دولار).

لكن وعلى الرغم من هذه الارقام، فان هناك جدلا مستمرا بين المستثمرين وبين البنوك المصدرة حول هذه الصناديق، حيث تتركز مطالب الطرف الاول في الافصاح وحجم التدفق المعلوماتي حول كيفية الادارة. ويعتقد مستثمرون تحدثت إليهم «الشرق الأوسط» أن الافصاح لا يزال ضعيفا في كيفية إدارة هذه الصناديق. ويرى محمد بن يحىى (مستثمر في صندوق استثماري لدى احد المصارف) : «انه على الرغم من اطلاعي المتواصل على البيانات الدورية المتعلقة باداء الصناديق فإني ارغب بشدة في التعرف على كيفية إدارتها، فهذه الصناديق تدار من قبل مدراء لا نعلم حتى اسماءهم. ويقول سالم بامحفوظ (وهو مستثمر ايضا في عدة صناديق) : «إننا لا نعلم ما هي مؤهلاتهم العلمية والعملية وخبراتهم بما يمكنهم من إدارة أموالنا ومدخراتنا وبما يضمن تحقيق المكاسب أو أدنى مستوى من الخسائر إبان الأزمات».

وهنا سألت «الشرق الأوسط»، احد المسؤولين في ادارات الصناديق الاستثمارية في بنك مقره الرئيسي جدة اصر على عدم الاشارة الى اسمه، حول الانتقادات الموجهة من بعض المستثمرين فيما يتعلق بضعف المعلومات، فقال: «ان ما يرونه من ضعف في الشفافية ليس سببه ضعف المعلومات بل في كيفية قراءتها. فجميع ادارات الصناديق مطالبة بالافصاح الكامل عن اسعارها بشكل اسبوعي وامدادهم بها». واضاف «أن ما يحدث هو أن البعض ليست لديه كافة التفاصيل ولا الالمام بعمل الصناديق».

وواضح من الجدل السابق أن انعدام مصادر المعلومات من قبل المصارف المصدرة عن التفاصيل المتعلقة بإدارة الصناديق يقف وراء المشكلة، فالاتفاقية المفترض إبرامها بين الطرفين ـ أي المستثمر والبنك ـ تغطي الشروط والأحكام لكنها في المقابل تبدو كأنها تتجاهل الإشارة إلى (الإدارة) وكأنها مسألة ثانوية، فيما تعد نظريا وعمليا أبرز عناصر نجاح المحفظة، فلا محفظة بدون مدير أو مسؤول .وقد تبدو الصورة مختلفة، إذا ما تمت المقارنة بين حجم (الشفافية) في محفظات المصارف السعودية وبين نظيراتها من المؤسسات المالية المتخصصة فيما يتعلق بالكشف عن مديري المحافظ او الصناديق، فالاخيرة تحرص على إصدار دوريات تحصر جميع مدراء المحافظ المالية تقدم فيها تاريخا مفصلا عن سيرتهم ومؤهلاتهم العلمية وخبراتهم الإدارية والمدة التي قضوها في هذا النشاط. وعلاوة على ذلك، فإن سوق صناديق الاستثمار تعاني من ضعف التحليلات المتخصصة لأدائها الا ما ندر، نظرا لأن المصارف ـ كما يؤكد أحد المحللين الاقتصاديين ـ في كثير من الأحيان ـ لا تقدم البيانات التفصيلية لأداء منتجاتها وتكتفي ببعض البيانات الصحافية التي غالبا تقدم صورة وردية بعيدة عن لغة المنطق الاقتصادي.

أما غياب المؤسسات المالية المتخصصة، فالواضح أن عدم وجود مؤسسات حيادية أو ما تسمى بـ Financial advisor في السوق، زاد من تعقيد المشكلة واصبحت ادارات البنوك المصدر الوحيد للحصول على نصيحة عن أفضل الصناديق. لكن كما يقول بشر بخيت، (المحلل المالي والمصرفي)، فان المشكلة لم تعد صعبة فمركزه على سبيل المثال يعتبر واحدا من المصادر الحالية ليس فقط للمستثمرين المحليين بل للاجانب أيضا. ويقول مستثمرون اصحاب تجربة في الصناديق العالمية في هذا الشأن : إن العدد المحدود جدا من الشركات والمؤسسات العاملة في الاستشارات المالية لا يعد كافيا مقارنة بعدد المستثمرين في الصناديق والتي تشير آخر الاحصائيات الى ارتفاع عددهم إلى ما يزيد عن 100 ألف في العام الماضي مقارنة بنحو 32 ألفا في العام .1992 ويعتقدون أن من شأن هذه المؤسسات الحيادية سد الفجوة الاستشارية وبما يعزز تدفق مزيد من الأموال في الصناديق بدل أن تمارس هذه المؤسسات دور الوسيط الفاعل بين البنوك والمستثمرين. ويقول مستثمر، لديه خبرة في سوق الاسهم الدولية، نحن نطمح أن يتوافر إصدار مثل Matual Fund Source Book المتاح للمستثمرين في السوق الأميركية وهو يقدم معلومات تفصيلية عن مدراء المحافظ، أو حتى وجود تقرير مثل اصدار مجلة Forbes السنوي يقدم تقييما متكاملا للمحافظ متضمنا أسماء أنجحها ، ومعلومات عن الكفاءة والربحية ونسبة التكاليف، كما أن طموحنا قد لا يشمل ظهور مؤسسات مالية متخصصة مثل Merell Lynch. واخيرا، يطالب المستثمرون بإثارة نقاش صريح يطالبون فيه بضرورة تحرك المصارف في هذا الاتجاه لإتاحة مزيد من التدفق المعلوماتي، بدلا من إضاعة الجهد والوقت والمال في إصدار نشرات لم تنجح حتى في جذب الانتباه. ويرون ايضا أن الاسراع في اقرار السوق المالية ايضا سينعكس على قيام المؤسسات المالية المتخصصة من خلال تسهيل الاجراءات وفق ضوابط ورقابة. ويبقى القول، بأن ملفات تحديات الصناديق الاستثمارية سواء الداخلية أو الخارجية كثيرة جدا، حتى لا تتعرض هذه التجربة لتكرار الفشل السابق الذي وقعت فيه صناديق الاستثمار المخصصة للأسهم المحلية وبما نتج عنه الاحجام عن الأخرى للغموض الذي يكتنف اداءها، في الوقت الذي دخل فيه منافسون جدد إلى السوق وقرب الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية.