الكويت تبدأ غدا ربط صرف الدينار بالدولار

مصرفي: عملية الربط يجب ألا تؤثر على أسعار الفائدة على الودائع بالدينار

TT

تبدأ الكويت الأحد المقبل ربط سعر صرف الدينار الكويتي بالدولار بعد أن كان مربوطاً بسلة عملات يغلب على مكوناتها الدولار وكان بنك الكويت المركزي يجري بين حين وآخر بعض التعديلات في نسب العملات المكونة للسلة سعياً منه في الحفاظ على استقرار سعر صرف الدينار الكويتي. ووسط تخوف البعض من نتائج ربط سعر صرف الدينار بالدولار أكد مصرفي رفيع المستوى لـ«الشرق الأوسط» أن عملية الربط هذه يجب ألا تؤثر على أسعار الفائدة على الودائع بالدينار الكويتي، ولكنه حذر في الوقت نفسه من أي إقدام على خفض جديد للفائدة على الدينار الكويتي في ظل الارتفاع الملحوظ الذي تشهده سوق الكويت للأوراق المالية.

وقال المصدر المصرفي أن تصريحات المركزي المتكررة في الفترة الأخيرة تؤكد أن سعر التعادل الذي سيتم تبنيه سيمثل امتداداً سلساً للمسار التاريخي لسعر صرف الدينار الكويتي مقابل الدولار الأميركي، وأن هامش التحرك حول ذلك السعر سيكون متسقاً مع المسار التاريخي لسعر صرف الدينار. وأشار إلى أن ذلك يعني السماح لتذبذب سعر صرف الدينار مقابل الدولار من 1% إلى 3% وربما أكثر وفقاً للمسار التاريخي بينهما على مدار السنوات العشر الأخيرة. وأكد أنه طالما أن المسار التاريخي للهامش بين سعر صرف الدينار مقابل الدولار لن يتغير، فلا داعي لأن يتغير المسار التاريخي للفارق بين سعر الفائدة للدينار والدولار، لا سيما أن توطين الدينار يعد أحد أهم أهداف السياسة النقدية المتبعة من قبل البنك المركزي، الأمر الذي كان بالأساس وراء تحديد الفائدة على الدينار أعلى مما هي على الدولار. ومن ناحية أخرى، فإن وجود هذه الهوامش يعني استمرار وجود مخاطر الصرف بين الدينار والدولار، وبالتالي يتوجب وجود فرق بين أسعار الفائدة بين الدينار والدولار لتحقيق استقرار بين العرض والطلب للدولار في السوق الكويتي.

وعلى صعيد دور بنك الكويت المركزي بهذا الشأن أشاد المصدر المصرفي بحكمة بنك الكويت المركزي في تعامله مع السياسات النقدية والمالية المحلية خاصة ما يتعلق بأسعار الفائدة. وقال إن المركزي تدخل أكثر من مرة بشكل إيجابي لمنع وقوع أزمات مشابهة أبرزها كان في عام 1997 بعد أن ارتفع حجم التسهيلات المصرفية بشكل مخيف ولولا هذا التدخل لكان السوق قد تعرض إلى أزمة طاحنة. وتوقع أن يلعب المركزي أيضاً دوراً فعالاً في إيقاف هذه الأزمة قبل وقوعها.

من جهة أخرى حذر اقتصادي كويتي بارز من الإقدام على خفض جديد للفائدة على الدينار الكويتي في ظل الارتفاع الملحوظ الذي تشهده سوق الكويت للأوراق المالية والذي تجاوز حجم التداول بها أكثر من 400 مليون دينار كويتي مما قد يؤدي إلى عواقب وخيمة على الاقتصاد المحلي وعلى سوق الكويت للأوراق المالية تحديداً قد تنتج عنه أزمة مناخ جديدة ولكن أشد قسوة من التي شهدها السوق في عام .1982 وشدد على أنه من غير الحكمة التفكير في خفض أسعار الفائدة المحلية في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة التي تمر بها البلاد. وقال المصدر إن وقوع خفض جديد للفائدة على الودائع المحلية في ظل وجود سيولة ضخمة في الأسواق سيدفع بهذه الودائع للهروب إلى البورصة المرتفعة بالفعل سعياً للحصول على عوائد أكبر مما سيؤدي إلى «فقاعة مناخ» جديدة. وأضاف أن بورصة الكويت ارتفعت حتى الآن نحو 34% خلال عام 2002 ونحو 27% خلال عام 2001، وذلك بسبب تعويضات الأمم المتحدة التي عززت أرباح الشركات المدرجة وجعلتها أكثر جذباً إلى جانب مشاركة هيئة الاستثمار في تأسيس عدد من صناديق الاستثمار المحلية بالبورصة وانخفاض أسعار الفائدة الأخير الذي دفع بالمستثمرين ممن لديهم فائض في السيولة ويبحثون عن عوائد أفضل للاتجاه للبورصة. كما أن بداية تعافي النشاط الاقتصادي المحلي في ظل ارتفاع الإيرادات النفطية قد أدى إلى زيادة الإنفاق الحكومي.

وأكد المصدر أن هذه الأسباب كلها دفعت البورصة في اتجاه صعودي خلال الفترة الأخيرة على الرغم من التوترات السياسية وتأثيرات الأجواء العسكرية المحيطة بالمنطقة والكويت على وجه الخصوص. وأضاف أنه «لولا هذه الظروف لشاهدنا ارتفاعاً أكبر بكثير في البورصة وهو ما يجب أن يدق ناقوس الخطر حول النمو المتزايد الذي تشهده البورصة».

وقال المصدر إن العائد الذي تمنحه الشركات المدرجة بالبورصة حالياً يزيد عن العائد على الودائع بالبنوك المحلية. وإذا ما حدث خفض جديد على الفائدة سيزداد الإقبال على البورصة المتخمة أصلاً بالسيولة بما لا يمكن معه استيعاب حجم هذه الأموال وهو ما سيؤدي حتماً لحدوث فقاعة تضخمية وكارثة أشبه بأزمة المناخ في عام .1982 وأضاف أن العائد على أسهم البورصة زاد عن العائد على الودائع في البنوك المحلية خلال عامي 2000 و2001، وهو ما جعل هذه الأسهم أكثر جذباً للمستثمرين. وفي ظل الأداء الجيد للشركات المحلية ونتائجها الإيجابية خلال التسعة أشهر الأولى من عام 2002، يمكن التنبؤ بأن التوزيعات النقدية لهذه الشركات لن تقل بأي حال عن توزيعات العام الماضي. وفي هذه الحالة وبالنظر إلى القيمة السوقية للشركات المحلية حتى نهاية شهر نوفمبر الماضي، من المتوقع أن يزيد متوسط التوزيعات النقدية عن 4% في حين يتراجع متوسط سعر الفائدة على الودائع إلى أقل من 2،5%. وفي ظل اتساع الفجوة بين العائدين فمن المتوقع أن يزداد هجوم وضخ المستثمرين لمزيد من الأموال في البورصة. وتساءل المصدر «ما هو الحال إذا ما انخفضت أسعار الفائدة أكثر خلال الأيام القادمة وأين ستذهب كل هذه الأموال؟».