الاتحاد الجمركي الخليجي خطوة باتجاه التكامل الاقتصادي

عبد الإله بن سعود السعدون*

TT

مع اطلالة الأول من يناير (كانون الثاني) القادم يستبشر كل من يهمه اقتصاد دول الخليج العربي بولادة الاتحاد الجمركي الخليجي وتوحيد التعرفة الجمركية بين بلدانه والتي حددها وزراء المالية الخليجيون بنسبة موحدة 5% في كافة دول المجلس الست. أي ان اي بضاعة تستورد للمنطقة الخليجية من اي منفذ حدودي بريا كان او جويا وبحريا يستوفي من المستورد الخليجي نسبة 5% موحدة من اصل قيمتها المبينة في مستنداتها التجارية وبتجميع هذه التعرفة الموحدة في كل دولة خليجية موقعة على التعرفة الموحدة يتم اعادة توزيعها بين صناديقها المالية في نهاية كل عام.

والتأثير المباشر لتطبيق التعرفة الموحدة هو فتح الحدود الاقليمية بين الدول الخليجية بحرية تامة امام المنتجات المحلية وتتحقق معها وحدة التجارة الداخلية بين اسواقها. فالبضاعة المنتجة في مدينة جدة مثلا يتوسع السوق امام توزيعها حتى آخر نقطة جغرافية في حدود سلطنة عمان مع اليمن.

والنتيجة التجارية الثانية ثبات سعر السلع وحتى الخدمات في الاسواق الخليجية وتوحيدها للسلع المتشابهة من انتاج محلي خليجي، وسيلحق هذا التوحد السلعي ايضا تأثيرا على المواد الاولية المستوردة من خارج منطقة الاتحاد الخليجي لتوحيد التعرفة الجمركية بنسبة معقولة وواحدة بين دولها وهي 5% والتي كانت تتدرج في بعض الدول الاعضاء مباشرة على السلع المستوردة ويؤدي بالتالي الى استفادة المستهلك الخليجي من هذا الفرق الواضح في نسبة التعرفة الجمركية بين النسب السابقة المطبقة سابقا في جمارك دول الاتحاد، ونتيجة غير مباشرة لحرية انتقال السلع والخدمات بين دول الخليج العربي تنشيط حركة النقل في الدول الست، وكذلك ستعمل شركات التأمين بكل طاقاتها للتأمين على البضائع المتحركة بحرية تامة بين اسواق هذا التكتل الاقتصادي والتجاري الخليجي وستؤثر هذه الحرية التجارية بصورة واضحة على نشاط البنوك الخليجية لحرية انتقال الاموال بين مدنها.

وفي عصرنا الحالي، الذي يعتمد اساسا على ظاهرة العولمة السياسية والاقتصادية، وعلى التكتلات سيؤثر الاتحاد الجمركي الخليجي بايجابية متوقعة في علاقات كتلة دول الخليج العربي سياسيا واقتصاديا مع كافة التكتلات الدولية وأهمها الاتحاد الاوروبي، الذي يفضل كثيرا تنظيم علاقاته التجارية والاقتصادية، مع تكتل اقتصادي موحد لكافة دول الخليج العربي كتكتل اقتصادي واحد، ونتيجة مريحة لسهولة التبادل التجاري والاقتصادي بين دول الاتحاد الاوروبي ودول الاتحاد الجمركي الخليجي.

ان كافة دول الخليج العربي بمنظماتها الاقتصادية المحلية والاقليمية مدعوة الآن اكثر من اي وقت مضى لاعداد دراسة خليجية موحدة تهدف للتنسيق والتكامل الاقتصادي لكافة مشاريعها الاقتصادية القائمة فعلا بالانتاج او التي تحت الدراسة والتنفيذ لتحقق اعلى نسبة في التكامل الاقتصادي منعا للمنافسة الداخلية التي تؤثر مباشرة على اسعار المنتجات الاقتصادية الوطنية وتضر بالتالي المشاريع الاكثر جودة واعلى سعرا. ومن اجل تحقيق بضائع موحدة في الجودة لا بد من تحرك منظمة المواصفات والمقاييس الخليجية لوضع اسس ومواصفات محددة لكافة السلع الخليجية لحماية المستهلك الخليجي من تغاير النوعية والجودة للمنتجات الاقتصادية في دول الخليج العربي. ومع التعرفة الجمركية الموحدة وتساوي الجودة لهذه المنتجات ستتوحد الاسعار وتحرر حركتها بين الاسواق الخليجية لتحقيق مصلحة المستهلك الخليجي.

* محلل إعلامي ـ عضو جمعية الاقتصاد السعودية