تقرير مصرفي: واشنطن تتغاضى عن ضعف الدولار مرحليا في محاولة لدعم الاقتصاد الأميركي للنمو

TT

تحدث التقرير الاسبوعي لبنك الكويت الوطني الذي صدر امس عن استمرار تعرض الدولار الأميركي لضغوط بيع متواصلة زادها افتقار اسواق الصرف للسيولة والعمق اللازمين بسبب عطلة نهاية العام. وقال التقرير انه بالاضافة الى الاوضاع الاقتصادية التى تساعد على انخفاض الدولار، فان احتمال ازدياد العجز في الميزانية نتيجة خفض الضرائب المحتمل لانعاش الاقتصاد وارتفاع العجز بالميزان الجاري الأميركي قد يكونان العاملين الأكثر تأثيرا في اتجاه الدولار في المدى المنظور، اما في المدى المتوسط فان احتمال انخفاض كمية شراء البنوك المركزية الآسيوية للدولار لتحسين تنافسها التجاري بسبب وصول احتياطاتها من الدولار الى مستويات قياسية قد يكون سببا اخر لتعرض الدولار للانخفاض. من جهة اخرى، فان تدفق رؤوس الاموال في عمليات الدمج التي كانت في الماضي سببا في الطلب على الدولار قد تبدأ بالانحسار في الربع الأول من العام المقبل. اما فى المدى القصير فان ازدياد كميات المراكز البائعة للدولار قد تكون عائقـا في استمــرار ضعف انخفاض الدولار بنفس السرعة التي شهدناها في الاسبوعين الماضيين، وربما قد يؤسس ذلك لحركة تصحيحية قصيرة الاجل خاصة مقابل اليورو، الا ان ذلك لن يغير شيئا من استمرار الدولار، خاصة ان الادارة الأميركية وان كانت ما زالت تصرح باستمرار سياسة الدولار القوية، الا ان المؤشرات تدل على رغبة هذه الادارة او على الاقل تغاضيها عن ضعف الدولار في هذه الفترة في محاولة منها لاستخدام كافة الوسائل لحث الاقتصاد الأميركي على العودة الى النمو.

ومن الملاحظ ان الدولار الأميركي انخفض بشكل كبير مقابل الفرنك السويسري وذلك لاستفادة الفرنك عادة من ازدياد عدم الاستقرار السياسي الا ان المصرف المركزي السويسري اعلن الاسبوع الماضي عن الحاجة للتدخل في الاسواق للحد من ارتفاع الفرنك. لكن بعض المحللين يرى ان نقطة الانعطاف لمثل هذا التدخل هو ارتفاع الفرنك السويسري مقابل اليورو لأقل من مستوى 1.4500 اقترب كثيرا من هذا المستوى.

وسيتميز الاسبوع المقبل بالهدوء على صعيد الارقام والمؤشرات الاقتصادية سواء في الولايات المتحدة او في معظم الدول الصناعية الكبرى الاخرى.

اما في أوروبا، فستسبب عطل نهاية العام في أوروبا انخفاضا في السيولة فى اسواق الصرف مما يضاعف من تحركات اسعار العملات في هذه الفترة بالرغم من عدم وجود أي مؤشرات اقتصادية واذا استمر ضعف الدولار حسبما هو متوقع فان ارتفاع اليورو سيكون مضاعفا ايضا لكنه ليس ضروريا ان يعكس الاوضاع الاقتصادية السيئة في أوروبا وليس مستبعدا ان نرى اليورو يرتفع خلال اغلاق الاسواق لمستوى 1.07 ـ 1.06 في سوق ضحل وقليل السيولة، ولذلك على المضاربين في هذه الاسواق ان يتوخوا الحذر لأن تقلبات الاسعار غالبا ما تكون كبيرة من دون وجود أسباب حقيقية لهذه التقلبات سوى ضحالة الاسواق. وبشكل عام فان خفض البنك المركزي الأوروبي لأسعار الفائدة خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي اعطى نوعا من الثقة في ان هذا المصرف قد استوعب اخيرا ضرورة ان يتحول تركيزه من التضخم الى هدف زيادة النمو الاقتصادي وهذا بحد ذاته قد اعطى اليورو دفعا مؤقتا خاصة مع ضعف الدولار العام. الا ان معظم المحللين يعتقدون ان اسواق العملات ستعيد النظر في هذا الوضع وتعيد التركيز على ضعف النمو الاقتصادي الأوروبي وخاصة في ألمانيا. ولذلك فان هؤلاء المحللين يعتقدون ان ارتفاع اليورو ربما سيكون سريعا وكبيرا خلال هذه الفترة لكنه لن يستمر طويلا.

وفي لندن تحديدا، فان الاقتصاد البريطاني لا يزال الافضل بين الدول الصناعية الخمس الكبرى بالرغم من وجود بوادر ولو قليلة الى تراجع هذا النمو خاصة في القطاع العقاري، فقد اشارت بعض التقارير الى بداية هدوء في هذه الاسواق. من ناحية اخرى فان مؤشرات الاستثمار لمستوى الناتج القومي تدل على انخفاض قليل، مما قد يؤدي الى تخفيف النمو الاقتصادي في المدى المنظور. وبالرغم من ذلك ما زال الجنيه الاسترليني مستفيدا من فروق النمو بينه وبين الدول الصناعية الاخرى ومن فروقات اسعار الفائدة لصالح الجنيه خاصة مع انخفاض اسعار الفائدة في معظم دول العالم بشكل كبير هذا العام. ويرى بعض المحللين احتمال استفادة الجنيه الاسترليني من هذه الظروف المواتية بشكل كبير مما قد يؤدي الى ارتفاعه نحو مستوى 1.630 على الاقل في المدى القريب خاصة مع اغلاق معظم اسواق الصرف وضحالة المبالغ المتداولة في سوق العملات خلال هذه الفترة.

وفي اليابان، يلاحظ انه بالرغم من انخفاض الدولار مقابل العملات الرئيسية وبينها الين الياباني في الاسبوعين الماضيين الا ان تغيير محافظ البنك المركزي الياباني المرتقب قد يكون عاملا يؤدي الى ارتفاع الدولار مقابل الين في المدى المنظور. ومن الاسماء المرجحة لتولي هذه المسؤولية العضو الحالي في المجلس نوبويوكي ناكاهارا الذي يلقى دعما قويا من اعضاء الحزب الحاكم في اليابان. والمعروف عن ناكاهارا رغبته في اتباع سياسة محاربة الانكماش مهما كلف الامر بما فيها اتباع سياسة نقدية موجهة للتضخم وتأييده لشراء السندات الدولية. وتعتبر هاتان الرغبتان إن تحققتا من العوامل التي قد تضعف الين الياباني خاصة زيادة شراء السندات الدولية التي قد تعطي المستثمر الياباني العادي الاطمئنان اللازم لشراء هذه السندات لحسابه الخاص مما قد يؤدي الى بيع الين الياباني مقابل الدولار والعملات الاخرى من قبل المستثمرين اليابانيين. وكلما تفاقمت الاوضاع الاقتصادية في اليابان لقيت هذه الدعوة قبولا اكثر لدى أعضاء مجلس بنك اليابان المركزي الآخرين مما قد يساعد المحافظ المقبل مهما كان على اتباع سياسة اكثر ملائمة للنمو الاقتصادي.