توسعة الاتحاد الأوروبي تثير مخاوف الألمان من اضطرابات إقتصادية

TT

البك (ألمانيا) ـ رويترز: نظرت اينجه فولانكه من نافذة كشك بيع الصحف في البك الواقعة في اقصى شمال شرق المانيا واشارت الى سياج من الاسلاك الشائكة على طول شاطىء قريب لبحر البلطيق .. وقالت «يجب ان يبقوا على الحدود التي تفصلنا عن بولندا. لدينا ما يكفينا من المشاكل الآن. لن نجني سوى المشاكل اذا فتحنا الحدود مع بولندا. انه عالم مختلف تماما هناك». والاسلاك الشائكة الحاجز الوحيد الذي يفصل أغنى دول اوروبا الغربية عن جارتها الشرقية الفقيرة وهو يخضع لحراسة مشددة، الا انه من المرجح ان يختفي في وقت ما بعد انضمام بولندا للاتحاد الاوروبي في عام 2004.

الا ان فولانكه، 58 عاما، وملايين من الالمان يخشون الاضطرابات الاقتصادية التي قد تحدث اثر انضمام بولندا وتسع دول اخرى للاتحاد الاوروبي في العام المقبل. ويبلغ دخل الفرد في بولندا 9200 يورو (دولار) وهو نحو ثلث دخل الالمان الذي يحصلون على أعلى اجور في العالم ليصل دخل الفرد لنحو 24 ألف يورو.

وفي ديسمبر (كانون الاول) الماضي قرر الاتحاد الاوروبي فتح ابوابه وضم عشرة اعضاء جدد معظمهم من اوروبا الشرقية في مايو (ايار) 2004. واظهر استطلاع رأي اخير لمعهد ايمنيد ان 52 في المائة من الالمان يعتقدون ان توسع الاتحاد الاوروبي سيضر بهم، وتوقع 40 في المائة فقط ان يستفيدوا من ذلك.

وتنتشر المخاوف بصفة خاصة في عشرات من المدن الصغيرة تعاني من الكساد تقع على طول الحدود بين المانيا وبولندا مثل البك حيث تجاوز معدل البطالة 20 في المائة وانخفض تعداد السكان الى النصف خلال العقد الماضي.

ويتسوق كثير من الالمان بالفعل ويقصون شعرهم او يزورون طبيب الاسنان عبر الحدود في بولندا حيث الاسعار اقل بكثير منها في المانيا، ويخشى البعض ان يتفاقم الاتجاه النزولي للاعمال المحلية.

وقال راينر شتاشوف «لا أعرف كيف سينجح ذلك». ويعمل شتاشوف ضمن حرس الحدود الذي تقوم دورياته باعادة مئات من البولنديين والاوروبيين الشرقيين الذين يحاولون عبور الحدود لالمانيا سنويا.

واضاف «الاسعار مختلفة تماما والانظمة مختلفة تماما، كل شيء سينهار». واشتهرت البك كمنتجع سياحي منذ القرن التاسع عشر، وعقب اعادة توحيد المانيا في 1990 جرى ترميم العديد من الفنادق الفخمة التي شيدت في اوائل القرن الماضي.

الا ان المنافسة الشديدة من شواطىء بولندا على بحر البلطيق خلال الصيف القصير كشفت هشاشة اقتصاد المدينة اذ ارتفعت نسبة البطالة وانكمش تعداد السكان من سبعة آلاف قبل عشرة اعوام الى 3500 الآن.

وقالت فولانكه «فقد ابني وظيفته قبل عشرة اعوام حين اغلقت محطة الكهرباء المحلية وهو عاطل منذ ذلك الحين... جميع الشبان يغادرون لالمانيا الغربية لعدم وجود وظائف. وهناك الكثير من العاطلين ايضا. سيتدهور الوضع اكثر حين تفتح الحدود مع بولندا».

وقال ريكاردو فيري، 30 عاما، وهو طاه في البك «سيأتي البولنديون الى هنا لان الاجور افضل بكثير وسيكون هذا بمثابة كارثة لالمانيا، سيستولون على كثير من الوظائف». الا ان معهد دي.اي. دابليو. الاقتصادي الالماني قال ان المخاوف من تدفق مهاجريين شرقيين على المانيا لا اساس لها. وقدر تقرير للمعهد ومقره برلين ان نحو اربعة ملايين سيهاجرون من اوروبا الشرقية للغرب على مدى الاعوام الثلاثين المقبلة.

وتوقع المعهد ان ينتقل نحو 220 ألف اوروبي شرقي لالمانيا في السنوات الاولى لتوسع الاتحاد الاوروبي من بينهم 60 ألف بولندي. ويقول المعهد ان هذا العدد لن يكون ملحوظا.

واشار المعهد الى ان نحو 305 ملايين جاءوا لالمانيا وحدها في فترة الاضطرابات من بين عام 1988 و1993 التي شهدت انهيار الحكومات في اوروبا الشرقية وسور برلين، غير انه توقع ان تمر ثلاثون عاما قبل ان تتساوى الاجور في بولندا والاتحاد الاوروبي.