وزارة الصحة السعودية تعتزم معاقبة الأطباء الاستشاريين المخالفين لقانون العمل بالقطاع الخاص

البدء بتجربة تشغيل العيادات الخارجية للفترة المسائية للمستشفيات الحكومية في الأيام القادمة

TT

أكد مسؤول في وزارة الصحة السعودية أن الوزارة ستتخذ كافة العقوبات المنصوص عليها بحق الأطباء المخالفين لقرار مجلس الوزراء، الذي يحظر عمل الاستشاريين السعوديين في منشآت القطاع الخاص، في ظل وجود تنظيم يسمح لهم بتشغيل عياداتهم في المستشفيات الحكومية خارج أوقات الدوام بمقابل مادي.

وذكر لـ «الشرق الأوسط» أمس، الدكتور عدنان البار مدير الشؤون الصحية في منطقة مكة المكرمة، أن مستشفى الملك فهد العام ومستشفى الملك عبد العزيز ومستشفى الولادة والأطفال في جدة، ستبدأ خلال الأيام المقبلة تجربة تشغيل عياداتها الخارجية في الفترة المسائية بمقابل مادي، حيث تم وضع كافة الترتيبات اللازمة لإنجاح هذه التجربة. مفيدا، أن النية موجودة لتطبيق هذه الفكرة في المراكز الصحية الأولية.

وعن أسباب استثناء الأطباء من منسوبي الجامعات من هذا القرار، أشار البار إلى أن الكوادر الطبية في السعودية تخضع لثلاثة تنظيمات، الأول يتبع نظام الخدمة المدنية والكادر الصحي، وهذا خاص بالعاملين في القطاع الصحي، أما الثاني فيتبع نظام العمل والعمال، وتخضع له جميع المستشفيات التي تدار بعقود تشغيلية أو عقود تشغيل ذاتية، والثالث هم الأطباء الذين يعملون في الجامعات المحلية، وهؤلاء يخضعون لنظام مستقل هو كادر أعضاء هيئة التدريس.

وأفاد الدكتور البار، أنه فيما يتعلق بالفئة الأخيرة، فقد تم استثناؤها بقرار مستقل من مجلس الوزراء، وليس متاحا الآن الحديث عنها، أما فيما يتعلق بالفئتين الأخيرتين، فهؤلاء صدر لهم تنظيم من مجلس الوزراء يمنع عملهم في القطاع الخاص، ويتيح لهم تشغيل عياداتهم الخارجية في المستشفيات الحكومية بمقابل مادي. ومعلوم أن معظم الاستشاريين السعوديين يعملون بمستشفيات القطاع الخاص في خارج أوقات الدوام، على الرغم من أن هذا يعتبر مخالفة نظامية.

وأوضح مدير الشؤون الصحية، أن الفرصة أصبحت الآن مواتية لتطبيق نظام ينظم عمل الأطباء السعوديين خارج أوقات الدوام، مشيرا إلى أنه لن يدخل في تفاصيل فرعية حول النظام، وهل هو مناسب أم لا، حيث قال: «نحن لدينا نظام يجب تطبيقه وبعد مرور مدة من الزمن سوف نقيّم التجربة وندون الايجابيات والسلبيات الخاصة بها، ومن ثم الرفع بها لأصحاب القرار لاتخاذ ما يرونه مناسبا حيال هذه التجربة».

ولمح المسؤول، إلى أن هذه الخطوة تعتبر جديدة، حيث يسمح لأول مرة للاستشاريين السعوديين بالعمل خارج أوقات الدوام في منشآتهم بمقابل مالي، وما يتعلق بقضية مستوى الخدمة المقدمة ونوعية المستهلك، فأكد «سيثبت المستقبل صحة هذه التجربة، وأنا أدعو الجميع لزيارة مستشفى حراء العام في مكة المكرمة الذي بدأ تطبيق هذا النظام قبل نحو عام، واثبت نجاحا كبيرا، وربما يتغير رأي المعارضين بعد زيارة المستشفى للوقوف على التجربة بأنفسهم».

وشدد البار «نحن أمام قرار، وليس أمامنا خيار غير التطبيق، كما أنه ليس أمامنا إلا بذل الجهود لإنجاح هذه الفكرة، وإذا تبين أن هذا القرار لأي سبب من الأسباب غير عملي أو أنه غير مفيد، فنحن لسنا بمتصلبين لرأينا، وسنرفع لأهل الاختصاص بذلك ليتخذوا ما يرونه مناسبا».

وأفاد الدكتور عدنان البار، أن وزارة الصحة لا تستطيع مخالفة قرار مجلس الوزراء، فيما يتعلق بالأطباء المخالفين لقرار المنع، حيث ستطبق بحقهم العقوبات المنصوص عليها، وفي هذا الصدد فقد تم إخطار جميع المنشآت الصحية والأطباء ببدء تنفيذ هذا القرار.

وأوضح الدكتور البار أن النظام الجديد لا يقيد المستشفى والطبيب السعودي بتسعيرة معينة، ولكن يجبرهما بآلية توزيع المبالغ التي يتم تحصيلها، بحيث يخصص 25 في المائة من الكشف الطبي لوزارة المالية، و52.5 في المائة للطبيب، و22.5 في المائة للمنشأة، في حين تكون أجور العمليات على نحو 25 في المائة للمالية، و37.5 في المائة للطبيب، ومثلها للمنشأة، أما التنويم فنحو 25 في المائة للمالية، و75 في المائة للمنشأة.

وشدد مدير الشؤون الصحية على أن هذا القرار غير مقصود به الإضرار بالقطاع الخاص، الذي يعتبر قطاعا حيويا وهاما جدا ومكملا للخدمات الطبية، ويسعى الجميع لاستمراريته ودعمه، وعليه لن تكون أسعار الخدمات الطبية في المستشفيات الحكومية أقل بكثير مما هو معمول به في مستشفيات القطاع الخاص.

وأكد البار أن هذا القرار لن يؤثر بحال من الأحوال على مستحقي الخدمة في المستشفيات الحكومية، الذين يمكن حصرهم في جميع السعوديين في منطقة عمل المستشفى، وجميع غير السعوديين الذين يعملون في قطاعات حكومية ملزمة بتقديم الخدمات الصحية تعاقدية لهم، وكذلك جميع الحالات الاسعافية الطارئة التي تقع ضمن التعريف الطبي المعتمد لمعنى الحالة الاسعافية.

وعليه ـ والحديث للبار ـ سيخضع للعلاج بمقابل: غير السعوديين من غير مستحقي الخدمة ممن لا تكون حالاتهم طارئة، وبعض الجهات والمؤسسات التي ترغب في إبرام تعاقدات مع مستشفيات حكومية لعلاج منسوبيها، والسعوديون الراغبون في الخدمة الخاصة، ملمحا أن هناك لجنة رقابية مكونة من وزارة الصحة وديوان المراقبة العامة، ووزارة المالية، وهيئة الرقابة والتحقيق والمباحث الإدارية، لمنع تحويل مستحقي الخدمة في العلاج المجاني إلى الخدمة بمقابل، سواء كان ذلك بقصد أو بدون قصد. تجدر الإشارة الى أن مجلس الوزراء السعودي حسم في السابع والعشرين من أغسطس (آب) 2001، جدلا واسعا في القطاع الطبي، والمتمثل في عمل الأطباء السعوديين العاملين في المؤسسات الصحية الحكومية، في غير أوقات الدوام الرسمي، في المستشفيات الخاصة. وأصدر المجلس برئاسة خادم الحرمين الشريفين قرارا يقضي باعتماد اللائحة التنظيمية الصادرة في 14 يونيو (حزيران) 1998، والتي تؤكد على الأطباء عدم الجمع بين عملهم الحكومي والعمل في المستشفيات الخاصة عبر افتتاح عيادات خاصة، وفي حال رغبتهم في ذلك فإن بامكانهم استثمار ذلك في المنشآت الحكومية العاملين فيها. وكانت ظاهرة عمل الأطباء السعوديين في المستشفيات الخاصة بعد انتهاء عملهم الرسمي قد انتشرت بشكل كبير، مما دعا المراقبين لانتقادها، خاصة أنها قد تؤثر على أداء مهامهم في المؤسسات الطبية الحكومية التابعين لها، وتبعا لذلك تحركت وزارة الصحة وتم تشكيل لجنة لتقصي الحقائق ودراسة المشكلة. ولوحظ هنا أن قرار مجلس الوزراء جاء بناء على خطاب وزير الصحة والمرفق به قرار اللجنة المشكلة لدراسة هذه المشكلة.