«ميريل لينش» تشكك في تقرير عن آفاق الاستثمار العالمي بقدرة السياسة النقدية على بعث انتعاش قوي

TT

اعتبرت «ميريل لينش ان المستثمرين المؤسساتيين، قد ابتدأوا عام 2003 بآمال تشبه تلك التي كانت لديهم في مطلع عام 2002. ويستدل من المسح الاخير لمديري صناديق الاستثمار انهم كما فعلوا عند بدء عام 2002، يتطلعون الى نهوض في النمو الاقتصادي وتحسن بالارباح. ذلك ان اكثر من 80% من الذين اشتركوا بالاستطلاع والذين فاق عددهم 300 مدير يتوقعون ان ينتهي العام الحالي على صعود في الاسهم. ويعتقدون ايضاً، كما كانت حالتهم في مطلع عام 2002 ان السياسة النقدية ملائمة في المناخ الحالي. ولكن الموقف يختلف في ان عدداً اكبر من المستثمرين يرون ان الاسهم رخيصة بالنسبة الى قيمتها الاساسية. كما ان جزءاً اكبر من اموالهم موظف في الاسهم مقابل ما كانت عليه لعام خلا (يبلغ متوسط الاصول النقدية الآن حوالي 4.5 مقابل 5% في مطلع السنة المنصرمة)، وان ثمة وعياً اكبر للحاجة الى تعديل في تركيبة الموازنات وتخفيض الاكلاف بسبب ضعف حركة البيع. وقالت ميريل لينش في تقرير عن «افاق الاستثمار العالمي» اننا، في وجه الاكثرية، نبقى في حالة من الشك اكبر حول التوقعات لنهضة قوية وثابتة. ويساورنا القلق ان السياسة النقدية قد لا تكون فعالة ويركن لها في بعض انتعاش قوي كما كانت الحال في السابق. ولا نعتقد ان الاسهم رخيصة، ويظن فريق ميريل لينش في الولايات المتحدة ان في التقييمات للاسهم الاميركية قدراً كبيراً من الضرب بالغيب. ويعتقد ان التعديل في تركيبة ميزانيات شركات القطاع الخاص في مناخ نمو شكلي ضعيف سوف يلقي بثقله على مناخ الاستثمار لفترة اطول من الرأي السائد. وتؤثر التطورات الاميركية على الصورة الكونية اكثر من المعتاد، ليس فقط لان باقي العالم لا يزال كثير الاعتماد على الطلب الداخلي الاميركي من اجل نموه بل ايضا لان توظيفاته في الاصول الاميركية في تزايد. ان من اكبر لمخاطر التي يتعرض لها عام 2003 هو رغبة العالم في تمويل كلا العجزين بالاقتصاد الاميركي: العجز في الحساب الخارجي الجاري وعجز الموازنة. فاذا لم يتوفر ذلك التمويل بسهولة قد يتدنى الدولار او يرتفع المردود او يحصل كلاهما.

وفيما يلي بعض الهواجس التي وجهت عملية الاستثمار عام 2002 وتعتقد «ميريل لينش» انها باقية في عام 2003:

لا تزال هناك مشكلة هامة تعانيها موازنة القطاع الخاص الاميركية. ان هذا القطاع كدس كثيراً من الدين في السنوات الست الاخيرة. كما ان القطاعين العام والخاص جمعا ديونا بلغت اكثر من 5% من الناتج الوطني القائم وهو امر لم يحدث في اميركا منذ نصف قرن.

وان ما يزعج هو ان القطاع الخاص لا يزال في حالة عجز وهو باق في حمى الاستدانة بعد ثلاث سنوات في انفجار الفقاعة. لكن الخبر السار يكمن في ان الشركات اخذت في اصلاح موازناتها، عكس القطاع الخاص الذي لا تزال تشجعه على الاستدانة سياسة الفوائد المتدنية. وهذا من شأنه ان يفجر ديناميكيات ثلاث:

الاولى: ان تبتغي الشركات الحصول على موجودات نقدية بدل ان تهدف الى النمو.

الثانية: ان ترميم موازنة الشركات قد يجبر الاسر الاميركية ان تحذو حذوها وهذا من شأنه ان يؤثر على الطلب ثم الانتاج وبالتالي عن العمالة والبطالة.

الثالثة: ان ترميم الميزانية الاميركية ليست فقط مشكلة اميركية بل هي مشكلة عالمية. فالاقتصاد الاميركي يعتمد على الرأسمال الدولي، اذ يفترض الخبراء ان الرأسمال سيبقى في اتجاه الولايات المتحدة في حالة الصرف الحالي. غير ان هناك فرقاً بين جذب الاموال لتمويل الفورة في الاسهم وبين تمويل الفجوة في عجز المالية العام بفائدة 1.25%، وبعملة يصفها الاختصاصيون بانها مسعرة اكثر من قيمتها الذاتية.

ويقول تقرير «ميريل لينش» ان بيئة من المبيعات الضعيفة في عام 2003 تحمل في طياتها الضغط على امكانية التسعير والتدفقات النقدية، فنبقى ملتزمين باستراتيجية محافظة، تركز على المواد الاستهلاكية العالمية والطاقة والمرافق العامة. ونلتزم بتجنب اسهم التكنولوجيا، والبضائع الاستهلاكية الدورية (خاصة السيارات الاميركية) والماليات (المصارف اكثر من شركات التأمين) ونحتفظ بحيادنا تجاه اسهم الاتصالات العالمية حيث يجري ترميم موازناتها.

وتعتبر «ميريل لينش» ان تفضيلها للمواد الاستهلاكية يعكس من جهة استقرار الارباح ومن جهة اخرى قدرة القطاع على توليد الارباح في بيئة يتسم انتاجها الرئيسي بالضعف «ونبقى في موقف حيادي ازاء المنتوجات الصيدلية والعناية الطبية».

وتستمر «ميريل لينش» التمييز بين شركات الكنولوجيا والمواصلات، ان سندات شركات المواصلات قد تكون اكثر جاذبية من اسهمها. وتبقى على رأيها الذي يفيد ان قطاع التكنولوجيا لن يكون مميزا.

اما في ما يتعلق بالشركات المالية، فان استمرار التباطؤ في نمو التسليف للقطاع الخاص من شأنه ان يهدد الشركات المالية المرتبطة بالدورة المالية الكلية في الولايات المتحدة. وهنا تذكر «ميريل لنش» ان الشركات والاسر هي تحت ضغط التعديل في تركيب موازناتها ولكن ليس واضحاً كيف ستتوصل الشركات المالية الى انماء اصولها.

اما فيما خص البلدان التي تفضل «ميريل لينش» اسهمها فيقول التقرير ان تورط باقي العالم في اقتصاد الولايات المتحدة يجعل من الصعب ان ننصح بتفضيل الاسهم غير الاميركية على الاسهم الاميركية. اذ ان الدولار الضعيف لا يضمن الاداء الجيد للاسهم غير الاميركية. كما ان دورة اقتصادية متثاقلة على المستوى الكلي ليست عامل خير للاسهم غير الاميركية التي تستفيد تقليدياً من نمو متناسق قوي مع امكانية تسعيرية صناعية. ثم انه يصعب التركيز على اسهم غير اميركية في وقت يدرك المستثمرون ان اسهم الشركات الاميركية لها افضلية بالغة الاهمية على مثيلاتها في اوروبا واليابان. في هذه الوقت، تقول «ميريل لينش» في تفضيلنا اسهم المملكة المتحدة والاقتصادات الناشئة العالمية نبقى في موقف حيادي ازاء الاسهم الاميركية ونبتعد عن الاسهم اليابانية وشركات منطقة اليورو.