مبادرة الغاز السعودية.. هل يفوتها الزمن؟

فواز أحمد الفواز *

TT

أعلن الأمير عبد الله بن عبد العزيز عن مبادرة الغاز في 1998 وسادت على أثر هذه المبادرة نشوة تفاؤل وأمل لما في مبادرة بهذا الحجم من فوائد كثيرة على الاقتصاد السعودي. بدأت سلسلة اجتماعات بين لجان عليا وزارية وفرق عمل متخصصة من قبل جهات ذات علاقة بالحكومة من جهة وكذلك بكبرى شركات النفط الغربية من جهة أخرى، بعد أربع سنوات من العمل المتواصل والكر والفر المصاحب لعملية المفاوضات الشاقة، والمناقشات الطويلة المتوقعة حيث أن الأهداف المرجوة كانت كبيرة لما في ذلك من أهمية على مشوار التنمية في المملكة عموما وصناعة النفط والغاز خصوصا. كما أن حجم هذه المبادرة الذي قدر بـ25 مليار دولار، يعتبر أكبر مبلغ يستثمر في المملكة في قطاع واحد ومن خلال سلسلة مشاريع مترابطة. هذه الفوائد نلخصها في التالي:

ـ جذب استثمارات جديدة إلى المملكة ومنها الاستثمار في قطاع المنافع الخدمية كالكهرباء والماء. كما أن الاستثمار في المشاريع التابعة سوف يزيد من النمو الاقتصادي فمثلا قطاع صناعة الأنابيب، والمقاولات، والنقل، والخدمات المصرفية سوف تكون مستفيدة حتما، وتتبعها القطاعات ذات العلاقة.

ـ توثيق العلاقة الاستراتيجية في هذا الشريان ذات البعد الدولي بين بلدان هذه الشركات من ناحية والمملكة من ناحية أخرى.

ـ تحديث قطاع النفط وخلق منافسة جديدة وكما يعرف الجميع لعبت شركة أرامكو دورا محوريا في تاريخ هذه الصناعة، ولكن نحن في زمن جديد المنافسة والشفافية هما ركيزتاه الأساسيتان، بل ان المنافسة سوف تزيد في أداء شركة ارامكو.

ـ نقل التقنية وتعميق سبل المعرفة والإدارة الحديثة، حيث أن قطاع النفط والغاز هو المصدر الرئيسي لاقتصاد المملكة، فإن التأثير الإيجابي على مجالات الحياة الأخرى واضح.

ـ تسهيل دخول المملكة إلى منظمة التجارة الدولية، حيث أن خلق بيئة اقتصادية أكثر شفافية سوف يعطي الاقتصاد السعودي جرعة تنافسية مؤثرة.

أتت مبادرة الأمير عبد الله بن عبد العزيز كعمل ذات بعد استراتيجي يحمل فوائد كثيرة لاقتصاد المملكة، كما ذكر سابقا، وذات بعد نظر لقيادة قادرة على أخذ المبادرات الهامة لخدمة الوطن، وقد بذل وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل جهدا وافرا للوصول إلى اتفاق إطاري في عام 2000. جدد هذا الاتفاق الامل في إتمام هذه المشاريع الجبارة. منذ ذلك الحين هبطت الهمم واشاعت جوا من التشاؤم وعدم وضوح الرؤية. فبدأت تتسرب أحاديث عن التردد والشك المتبادل بين الطرفين. رغم عدم معرفتنا بنقاط الخلاف الأساسية إلا إنه من المؤكد أن موضوع الإنتاج والتنقيب هو العقبة الرئيسية. يرجع تأخر المبادرة الهامة إلى عدة اسباب، منها الحجم و درجة التعقيد والتداخل بين قطاع الطاقة وقطاع المنافع الخدمية، كما ان المبادرة عانت من البيروقراطية التي عادة ما تصاحب الجهود الحكومية في جميع بلاد العالم.

يجب عدم إغفال المخاطر المترتبة على عدم الوصول إلى نتائج إيجابية. هناك عدة دول في هذا الجزء من العالم أو غيره والتي تحاول جذب هذه الشركات للاستثمار في قطاع الغاز والنفط. كما ان هذا توقيت ملائم للمملكة من حيث أن أوضاع أسعار النفط تمكنها من التفاوض في وضع اكثر راحة بالمقارنة لو ان أسعار النفط في هبوط مما يجعل الصورة المالية في المملكة في وضع اضعف والشركات في وضع أقوى تفاوضيا.

الوسط الاقتصادي والمالي في المملكة يتطلع إلى إكمال هذه المبادرة في حجمها وبعدها الذي أعلن عنه، لما في ذلك من المساهمة في نقل المملكة إلى مستوى أعلى في سلم التنمية الاقتصادية الاجتماعية.

* من القطاع المصرفي [email protected]