اندلاع الحرب قد ينهي حالة عدم اليقين في الأسواق العالمية وينعشها

TT

لندن ـ رويترز: ارتفعت اسعار الاسهم في وول ستريت لتحقق ثاني اكبر صعود على الاطلاق بينما تخلى المستثمرون عن الذهب وتراجعت اسعار النفط بمقدار الثلث في الوقت الذي شنت فيه قوات تقودها الولايات المتحدة غارات جوية وهجمات صاروخية على العراق.

كان هذا ما حدث في اسواق المال العالمية بعد ان بدأت حرب الخليج في 17 يناير (كانون الثاني) عام 1991 ووصف انذاك بانه الصعود الناجم عن الارتياح بعد اشهر من عدم اليقين.

ويعول كثير من المحللين والمستثمرين على تكرار هذا المسار اذا اندلعت حرب ثانية في الخليج في الاشهر المقبلة. ولكن هل يعيد التاريخ نفسه.

ولا تكره الاسواق المالية شيئا قدر ما تكره عدم اليقين وقد ظلت الاسئلة الحائرة من نوع «هل» و«ماذا لو» تتحكم في حركة الاستثمارات العالمية منذ اشهر في ظل استعداد الولايات المتحدة لشن حرب محتملة على العراق.

ويحجم المستثمرون عن شراء الاسهم بسبب حالة عدم اليقين بخصوص الحرب وفي انتظار بدء الاتجاه الصعودي.

الا ان من انتظروا ان تبدأ الحرب قبل اكثر من عشرة اعوام في الوقت الذي كانت الولايات المتحدة تستعد فيه لقيادة قوة متعددة الجنسيات لطرد العراق من الكويت لم يستفيدوا من حركة الصعود بالكامل. فلم تصل الاسعار فعليا الى ادنى مستواتها الا في شهر اكتوبر (تشرين الاول) اي قبل ثلاثة اشهر من اندلاع الحرب.

وانخفض مؤشر داو جونز الصناعي اكثر من 18 في المائة بعد ان غزا العراق الكويت في اغسطس (اب) عام 1990 حتى اغلق على 2365.10 نقطة في 11 اكتوبر.

ثم ارتفع تدريجيا بعد ان بدا اتجاه الاحداث يتضح قبل ان يهوي مرة اخرى مع استمرار الشكوك في الاسابيع التي جرى خلالها حشد القوات قبل بدء الهجوم فعليا.

وفقد مؤشر داو جونز اكثر من ستة في المائة من مستواه في الفترة من عيد الميلاد حتى التاسع من يناير (كانون الثاني) عندما اغلق على 2470.30 نقطة وهو ما تبين فيما بعد انه ادنى مستوياته في عام 1991 الا انه كان يزيد اكثر من اربعة في المائة عن المستوى المتدني الذي سجله في اكتوبر من ذلك العام.

وبعد ذلك بدأ الصعود ففي نفس اليوم الذي اندلعت فيه الحرب ارتفع مؤشر داو جونز 114.60 نقطة محققا زيادة نسبتها 4.6 في المائة وكانت وقتها ثاني اكبر زيادة على الاطلاق.

ورغم حدوث بعض التقلبات خلال الحرب ذاتها فقد تجاوز المؤشر المستوى الذي كان عليه عند الغزو وسجل اعلى مستوياته خلال العام في نهاية عام 1991 محققا زيادة تقرب من 20 في المائة على مدى العام وتسعة في المائة عن المستوى الذي كان عليه قبل الغزو.

وبعد ان ارتفع سعر النفط لاكثر من 40 دولارا للبرميل في اكتوبر 1990 هبط سعر البرميل عند بدء الحرب اكثر من عشرة دولارات او نحو 33 في المائة ليصل الى ما يقل بعض الشيء عن مستواه عندما غزا العراق الكويت.

وانخفض الذهب من 403 دولارات للاونصة الى نحو 380 دولارا ليثير حيرة من افترضوا انه سيصعد اثر نشوب الحرب في اطار دوره كملاذ امن تقليدي.

وكان تفسير ما نظر اليه وقتها على انه سلوك غريب للاسواق هو ان اندلاع الحرب بالفعل انهى حالة عدم اليقين. وقد اتضح سريعا ان الحرب لن تدوم طويلا وان النصر سيكون حليفا للولايات المتحدة.

ويقول محللون ان الاسواق تضع في الاعتبار حربا قصيرة هذه المرة ايضا ومن ثم هبطت اسواق الاسهم طوال شهر يناير.

الا انهم يختلفون حول المدى الذي سيصل اليه «الصعود الناجم عن الارتياح» في حالة نشوب حرب او حين اندلاعها.

وحذر محللون من احتمال ان تقوض حرب طويلة على غير المتوقع او تعقبها فترة عدم استقرار طويلة معنويات المستثمرين.

وقال بنك «اي.ان.جي» الاستثماري الهولندي في مذكرة ان وجهة النظر السائدة بان الحرب ستكون قصيرة تنم عن تفاؤل وتوقع ان يستمر الصراع شهرين وان تتعمد الولايات المتحدة التريث.

واعرب اخرون من بينهم مؤسسة «كانتور فيتزجيرالد» الاميركية للسمسرة عن قلقهم بشأن ما سوف يحدث عقب الحرب وتوقعوا فترة طويلة من عدم الاستقرار واحتلال اميركي للعراق.

ثم هناك بعد ذلك المشاكل الاخرى مثل تضرر المستثمرين من تراجع السوق طويلا والمخاوف بشان النمو الاقتصادي.

وحذر بنك «درسدنر كلاينفورت فاسرشتاين» الاستثماري من انه حتى في حالة صعود السوق نتيجة للارتياح فقد يظل ضعف الاقتصاد الاميركي يطارد المستثمرين.

الا ان هذا التحذير ليس جديدا ايضا.

ففي عام 1991 صرح كن لوكاس من «نيوبولد هوبر سوليداي» لرويترز مع صعود الاسواق اثر اندلاع حرب الخليج «هذه فورة من النشاط بسبب الانباء الطيبة.. الا اننا سنتلقى للاسف انباء سيئة في نهاية الامر ولا يزال ينبغي علينا القلق بشان حالة الاقتصاد».