تقديرات باجتذاب قطاع التعليم الخاص السعودي لاستثمارات بقيمة 8 مليارات دولار

مختصون: التسهيلات الاستثمارية يجب أن تتصاحب مع تغير قوانين تسجيل الطلاب وتوفير المنح الدراسية

TT

أصبح التعليم الجامعي الخاص الذي دفعت السعودية نحو الاستثمار فيه، أحد أهم القطاعات المؤهلة لاستيعاب العمالة «العاطلة» المثقفة في البلاد، والتي تقدر حصتها بـ30 في المائة من إجمالي سوق العمالة الموجودة في البلاد المقدرة بمليون وظيفة. وينتظر أن يستغرق المشروع عشر سنوات مع اكتمال قيام الجامعات والكليات الأهلية التي وافقت عليها الجهات الحكومية، ويتوقع ضخ أكثر من 8 مليارات دولار خلال الفترة المقبلة.

والخطوات التي اتخذتها الحكومة السعودية في دعم مشاريع التعليم العالي وفتحها أمام القطاع الخاص يدفع المستثمرين إلى تلبية احتياجات السوق التي بحاجة ماسة للجامعات والكليات الأهلية، والشيء الذي يغري المستثمرين هو الطلب المتزايد على الجامعات من قبل الجنسين، وعدم قدرة الجامعات السعودية على تحقيق الطلب المتزايد، رغم قرب افتتاح ثلاث جامعات جديدة في البلاد العام المقبل، ما يعني أن السوق يستوعب المزيد من هذا النشاط.

ويرى مستثمرون في مجال التعليم، أن اعطاء الفرصة لتنفيذ مشروعات تعليمية يجب ان يتصاحب مع بعض الإجراءات التسهيلية الأخرى كتسجيل الطلاب وتقديم خدمات المنح الدراسية لمن يرغبون تكملة دراستهم أو الالتحاق بالجامعات الاهلية السعودية، وأيضا الموافقة على تدريس أبناء المقيمين في البلاد على الالتحاق بعد أن فشلت الجامعات الحكومية في استيعابهم.

ويؤكد مستثمرون لـ«الشرق الأوسط» أن من دواعي نجاح المشاريع الجامعية الاهلية هو منح قروض طويلة الأجل، وتقديم إعانات مالية للمؤسسات التعليمية الخاصة لتمارس دورها التربوي، حيث أن هامش الربح فيها ضئيل، فضلا عن إنشاء صندوق لاقراض المشاريع التعليمية. ورغم أن التعليم الجامعي في السعودية انطلق في بداياته من بوابة القطاع الخاص، فإن هذا الدور عاد من جديد أمام الطلبات الملحة بفتح الابواب لمزيد من طلبات القبول للمنتسبين للجامعات، وعدم وجود مقاعد لهم في الجامعات الحكومية.

وهنا يؤكد الدكتور مازن بليلة رئيس مشروع الجامعة الاهلية في جدة، أن التعليم العالي التقليدي لا يعطي نتيجة إيجابية في كل الاوقات، رغم المبالغ التي صرفت لها، فأدى إلى تضخم في السوق وعدم التخطيط لمخرجات التعليم، مبينا أن دفع القطاع الخاص نحو تأسيس وإنشاء الجامعات سوف يساهم في وضع تصور جديد بالنسبة للجامعات، وقيام تعليم ينمي اقتصاد المنطقة ويلبي احتياجات السوق من العمالة المهنية، المدربة وأيضا احتياجاتها الضرورية.

وشهد قطاع التعليم الأهلي في السنوات الاخيرة نشاطا نتج عنه قيام كليات أهلية في المدن السعودية، من أهمها كلية عفت للطالبات وكلية الأمير سلطان للفندقة والسياحة في أبها ( جنوب) ودار الحكمة، ونحو أكثر من عشر كليات أخرى افتتحت خلال السنوات القليلة الماضية.

ورغم أن قطاع التعليم الخاص في السعودية يواجه انتقادات بخصوص زيادة الرسوم وعدم إدخال مناهج مطورة غير تلك التي تدرس في المدارس الحكومية، فضلا عن المطالبة بالمشاركات الاجتماعية التي تنظمها المدارس والكليات، وهو ما اعتبره المراقبون، فرصة للاستفادة من التعليم الخاص بالنسبة للمقيمين في البلاد الذين تراجع نسبة قبولهم في القطاع التعليمي الحكومي، لم يحقق النتيجة المرجوة أو فرصة لجذب تلك النسبة.

ولانجاح مشروع التعليم العالي الخاص، يعتقد المهندس عبد الله القرشي رئيس مجلس إدارة معهد البزوغ لتعليم اللغات في جدة، أنه من الضروري إدخال برنامج السياحة التعليمية على غرار السياحة الطبية والبيئية التي تطبقها بعض الدول، وان تشمل هذه التسهيلات استخراج التأشيرات والاقامة، فضلا عن ضرورة أن تخضع القطاعات التعليمية للرقابة والمتابعة، مشيرا الى أن زيادتها ستفتح مجال المنافسة السعرية. وأضاف القرشي الذي يستثمر نحو 600 مليون ريال في أول جامعة أميركية في السعودية تفتح أبوابها عام 2005 في عدد محدود من الكليات والاقسام، وبنفس المناهج والمقررات التي تدرسها في فروعها المنتشرة في بعض الدول العربية.

وهنا يعتقد بشر بخيت خبير اقتصادي، أن المشاريع التعليمية ما كانت مشاريع ذات ربحية جيدة في جميع الدول المتقدمة وهي تعتمد على الهبات والمعونات والتبرعات التي تصلها من رجال الأعمال والمؤسسات والشركات، فإن الاعتقاد أن المشاريع التعليمية سوف تحقق ربحا لاصحابها فهذا اعتقاد خاطئ لكونها، ولا تغطي تكلفتها خلال سنوات قصيرة، وهذا بالتحديد ما سوف تواجهه المشاريع التعليمية في السعودية، ولهذا فالتخطيط الاستراتيجي مهم في بناء الجامعات، معتبرا أن التركيز على المدن الريفية والمناطق النائية سوف يسهم في التنمية الاقتصادية لتلك المناطق الريفية وجعلها مدنا منتجة، وايضا تساهم في إيجاد فرص وظيفية للعاملين في القطاع التعليمي، وهو أكبر سوق متوقع أن يستوعب موظفين.

ومعلوم أن الانفاق على التعليم هو استثمار يعود على المجتمع بمنتج بالغ الأهمية، هو الإنسان المتعلم القادر على التعلم الذاتي واكتساب مهارات متعددة ومتجددة، فإن مجمل ما ينفقه المجتمع على التعليم استثمار، وليس فقط المفهوم التقليدى للاستثمار بمعنى بناء المدرجات والفصول والمكاتب والمعامل، كما أن الإنفاق الجاري على التعليم هو جزء من هذا الاستثمار الذي يؤتي ثماره في المديين المتوسط والطويل.

ويرى خبراء التعليم أن التخطيط للتعليم ليس قضية سهلة لاسيما في غيبة كثير من القياسات الاحصائية مع طول الفترة اللازمة لإعداد المنتج النهائي لدخول سوق العمل، والعائد الأساسي على المجتمع من التعليم هو ارتفاع إنتاجية العامل المتعلم. والمعدل السنوي لارتفاع إنتاجية العمل هو المقياس الأساسي لتقدم المجتمع كله. و تلعب إنتاجية العمل دورا حاسما في حركة الاستثمار الأجنبي المباشر. ويفتح المجال في دخول استثمارات أجنبية لا إقامة مشاريع تعليمية أو تمويلها.

=