التمر العراقي عنوان الفخار الوطني يصدر خفية تحت أسماء مستعارة

صادرات العراق من التمور كانت تغطي 80 % من الاحتياجات العالمية في السابق

TT

البصرة ـ أ.ف.ب: يشعر عبد الرضا الموسوي الذي تتاجر اسرته في التمور منذ 1840 في البصرة جنوب العراق بالاحباط اذ لم يبع هذا الموسم الا نصف مخزونه وباسعار متدنية.

ويؤكد هذا التاجر (66 عاما) وهو يتحدث في مصنع حفظ التمور الذي يقع وسط واحة نخيل عند مدخل المدينة «كنا نبيع بين ثلاثة آلاف واربعة آلاف طن من التمر غير اني لم ابع هذه السنة الا نصف هذه الكمية وبسبب تأثير العقوبات المسلطة على العراق اضطررت لبيعها باسعار متدنية جدا».

واثرت العقوبات الدولية المفروضة على العراق منذ غزوه الكويت صيف 1990 والتي تمنعه من تصدير منتجاته مباشرة، على التمر العراقي الذي يمثل عنوان فخر وطني وبأنواعه الـ 411 ثاني موارد الصادرات العراقية بعد النفط.

وبين عشية وضحاها غاب زبائن التمر العراقي. ويقول الموسوي متذكرا «كنت اعرف ضالة كافة الزبائن: ان الاميركيين والاوروبيين يفضلون الساير الاكثر حلاوة والكنديين يفضلون الخضراوي على حين يفضل الصينيون والسوفيات الزهدي الادنى سعرا».

وبحسب تقرير لمنظمة الامم المتحدة للتغذية والزراعة (فاو) فان العراق كان، قبل الحظر، المنتج الاول للتمر بـ550 الف طن وكان يصدر منها 100 الف طن اي ما يساوي 80 في المائة من السوق العالمي. وتدر هذه الصادرات سنويا على العراق 25 مليون دولار.

غير ان الامور تغيرت كثيرا فقد تجاوزت ايران ومصر والسعودية، العراق لجهة الانتاج كما ان ارقام صادراته لم تعد تظهر على المستوى الدولي رسميا. واصبحت تونس تحتل المرتبة الاولى عالميا في صادرات التمر بدخل يساوي 47 مليون دولار تليها باكستان بـ 23 مليون دولار وايران بـ 21 مليون دولار.

وفي الايام الخوالي كان الموسوي يحرص على تبيان مصدر تموره ويكتب على مغلفاته «اجود التمور العراقية» او «زرعت وعبئت في العراق». واشار الى ان «تبيان المصدر يعد افضل انواع الدعاية لانها (التمور العراقية) كانت تمثل اجود التمور في العالم».

غير انه اصبح اليوم يجهد في اخفاء مصدر تموره. ولم يعد يكتب على المعلبات الا «تمور الموسوي مطهرة ومعقمة». كما ان زبائنه تغيروا واصبحوا يأتون من دول الخليج والدول المجاورة ويفرضون اسعارهم.

وبالنسبة الى فتحي عطا الله رجاح المدير الفني لمؤسسة حفظ وترويج التمور العراقية (شبه حكومية) فان العقوبات خنقت القطاع الذي يعيل 20 في المائة من السكان.

وقال ان «الشركات الهندية في دبي سيطرت على التمور العراقية التي تبيعها اثر ذلك عبر العالم مع تغيير مصدرها».

ويؤكد تقرير للفاو ما يقول. فقد ضاعفت الامارات العربية اربع مرات صادراتها من التمور بين سنتي 1989 و1993 غير ان الصادرات ارتفعت بشكل اكبر في ايران. فقد مرت من 10 الاف طن سنة 1989 الى 60 الف طن سنة .1993 ويعود ذلك الى ان المنتجين العراقيين الساعين الى تلافي الحظر والذين «يمررون سلعتهم عبر الدول المجاورة باستخدام طرق منسية والا فانه سيقضى عليهم»، كما يؤكد خبير اوروبي طلب عدم كشف هويته.

غير ان العراق يدفع ثمن ذلك غاليا. ويوضح الموسوي ان «طن التمور العراقية الذي كان يباع بما بين 500 والف دولار قبل 13 سنة اصبح اليوم يباع بما بين 100 و150 دولارا. هذا امر رهيب».

واذا كانت الهند تمثل بواردات تبلغ 70 الف طن اي 22 بالمائة من السوق العالمي اهم سوق لجهة الحجم فان فرنسا التي تقبل 20 الف طن تمثل اهم سوق لجهة القيمة.

وخلال حرب الخليج الاولى (1980 ـ 1988) والثانية (1991) قضي على نصف نخيل العراق البالغ عدده 30 مليون نخلة.

ويؤكد مزارع «ان شجرة النخيل تشبه الجنس البشري (..) يلزمها 15 سنة لتكبر. وتعيش 70 سنة وعندما نقطع رأسها تموت».