الفوائد على الودائع في لبنان انخفضت الثلث لكنها تراجعت ببطء على القروض

TT

لم تنتظر الفوائد على الوادئع المصرفية في لبنان استكمال تنفيذ الالتزامات المالية التي تعهدت بها الدول المشاركة في مؤتمر باريس ـ 2 الذي عقد في باريس اواخر العام الماضي حتى اخذت في التراجع بدءاً من الثلث الاخير من شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي، وقد بلغ هذا التراجع حتى الآن نحو الثلث، سواء على الودائع بالليرة اللبنانية او الودائع بالدولار الاميركي، اذ هبط المتوسط المثقّل على الودائع بالليرة من 10.65% في اكتوبر (تشرين الاول) 2002 الى 10.44% في الشهر التالي ليستقر الآن بين 8% و9% بحسب قيمة الوديعة، فيما هبط على الودائع بالدولار من 4.20% الى 4.14% خلال شهر ليستقر الآن بين 2.5% و4% بحسب قيمة الوديعة ايضاً.

وتقتضي الاشارة الى ان معدلات الفوائد هذه هي الادنى مستوى منذ اندلاع الحرب اللبنانية عام 1975، وتزامن هذا الخفض القياسي مع اقرار مجلس النواب فرض رسم على فوائد الودائع بنسبة 5% تغطية للرسوم التي الغتها اللجان النيابية من مشروع موازنة العام الحالي، وحفاظاً على مستوى العجز المدرج في الموازنة الجديدة وهو بنسبة .25 ويعتبر الخبير الاقتصادي الدكتور لويس حبيقة، رداً على سؤال لـ «الشرق الأوسط»: «ان ما تبرعت به المصارف من اكتتابات مجانية بسندات الخزينة بنحو 10% من ودائعها لمدة سنتين، عوضته من جيوب المودعين والمدخرين من دون تمييز بين مدخر صغير ومدخر كبير، ومن دون تمييز بين مودع محلي ومودع اجنبي.

واذا كان انخفاض الفوائد الدائنة يفيد خزينة الدولة باعتبار ان الدين العام الداخلي وبالعملة المحلية يشكل اكثر من 60% من اجمالي الدين العام، وبالتالي ينسجم مع اهداف موازنة العام 2003، فانه في الوقت نفسه، لا يفيد الاقتصاد لانه سيخفف من مدخول المودع، الذي سيلجأ، من جهته، الى الحد من الاستهلاك.

ويقول محلل مالي انه اذا كان الانخفاض سيوفر مبالغ مهمة للمصارف، فان هذه الاموال لن تجد طريقها الى التوظيف الانتاجي بالنظر الى غياب فرص الاستثمار الجدية، وعدم الاطمئنان الى الاوضاع الداخلية والاقليمية، خصوصاً ان هذا الغياب ترافق مع احجام المصارف عن خفض الفوائد على التسليفات بالنسبة نفسها التي اجري الخفض فيها على فوائد الودائع. وفي هذا المجال، اشارت النشرة الشهرية الصادرة عن جمعية المصارف الى ان الفائدة على التسليفات بالليرة انخفضت 21 نقطة اساس بين شهري اكتوبر (تشرين الاول) ونوفمبر (تشرين الثاني)، اي تراجعت من 16.32% الى 16.11% في حين لم تنخفض الفائدة على التسليفات بالدولار الا بمقدار 5 نقاط اساس (من 9.74% الى 9.69%)، علماً ان الشريحة الكبرى من المقترضين يؤثرون الاقتراض بالدولار.

ويعزو مصرفي تلكؤ المصارف عن خفض الفوائد المدينة الى ترقب مدى الالتزام بتعهدات «باريس ـ 2» المالية، والاتفاق المتوقع بين الحكومة اللبنانية وصندوق النقد الدولي، وجلاء الصورة الاقليمية. وهكذا يلتقي استمرار الارتفاع في الفوائد الجدية والآمنة، لتكوّن جميعها عناصر جمود اقتصادي متماد قد يحتاج لبنان الى جرعة اوكسجين اخرى، على غرار «باريس ـ 2» للخروج منه.