لبنان: الخليجيون يتصدرون العمليات الخارجية للتملك العقاري والإماراتيون يهتمون بالاستثمار والكويتيون والسعوديون بالسكن

TT

نادراً ما تخلو جلسة لمجلس الوزراء اللبناني، الذي ينعقد اسبوعياً على مدار السنة، من مشروع مرسوم او عدة مشاريع معاً تتيح لغير اللبنانيين اتمام عملية تملك عقاري في لبنان، ونادراً ما يكون مواطنون من خارج دول مجلس التعاون الخليجي، اصحاب الحقوق المعنيين بهذه المراسيم.

ويظهر من خلال مسح لقرارات مجلس الوزراء العام الماضي، صدور اكثر من 55 مرسوماً بالموافقة على تملك نحو 116 عقاراً في مناطق لبنانية مختلفة وبمساحة اجمالية تقارب 550 الف متر مربع، لصالح افراد وشركات من خارج لبنان. ولاغراض متنوعة تتركز في السكن وتشمل انشاء مبان تجارية ومجمعات سياحية وصناعية واعلامية، اضافة الى الاستثمار العقاري المتمثل بالمتاجرة والمشاركة واعادة البيع.

ويستحوذ الخليجيون، افراداً وشركات، على حصة تناهز 80 في المائة من مجمل عدد المراسيم الصادرة وعدد العقارات المستملكة، فيما تبلغ حصتهم حوالي 72 في المائة من مجمل المساحات، التي تشملها هذه المراسيم.

وبحسب المسح المحقق في نهاية العام 2002 الماضي، فإن حصة الخليجيين من المراسيم الصادرة بلغت 44 مرسوماً لتملك 95 عقاراً وبمساحة تناهز 400 الف متر مربع في مناطق مختلفة، يتركز غالبتها في محافظة جبل لبنان وبنسبة اقل في نطاق العاصمة. ومعظم هذه العمليات تم لمصلحة امراء ومستثمرين كبار لاغراض السكن والاستثمار السياحي.

واللافت ان الامارات العربية المتحدة احتلت صدارة الموافقات على عمليات التملك الخليجي في لبنان خلال العام الماضي، عبر تملك 27 عقاراً بمساحة اجمالية تناهز 127 ألف متر مربع، بينها 9 عقارات لصالح شركة متروبوليتان سيتي سنتر، التي يملكها رجل الاعمال خلف الحبتور، بمساحة 13.6 الف متر مربع في منطقة سن الفيل وثلاثة عقارات لصالح بنك دبي الاسلامي بمساحة تناهز 75 الف متر مربع في فالوغا وقرنايل (اعالي جبل لبنان) مخصصة للاستثمار العقاري.

ومع تحييد عامل الاستثمار والسياحي والعقاري، تحتل الكويت صدارة موافقات عمليات التملك الخليجي ولاغراض السكن بشكل خاص، حيث تم تسجيل صدور 12 مرسوماً لتملك مواطنين ومؤسسات من دولة الكويت. شملت 32 عقاراً بمساحة تقارب 119 الف متر مربع. ابرزها مرسوم بتمليك الشيخ فهد سعد الصباح 8 عقارات في منطقتي شتورا (البقاع) واللويزة (جبل لبنان) بمساحة اجمالية تقارب 17 الف متر، ومرسوم بتمليك محمد عبد العزيز الشايع 6 عقارات في بلدة بعلشمية (جبل لبنان) بمساحة اجمالية تبلغ 7.8 آلاف متر مربع لغرض الاستثمار العقاري. ومرسوم بتمليك الشيخ مشعل الاحمد الجابر الصباح عقارين في بلدة قرنايل (جبل لبنان) بمساحة تناهز 5 آلاف متر مربع لغرض السكن.

واجازت المراسيم الصادرة العام الماضي، لمواطنين ومؤسات من قطر، اتمام 4 عمليات شملت 6 عقارات بمساحة اجمالية تناهز 26 الف متر مربع، منها مرسومان لصالح الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني واولاده محمد وجوعان وخليفة وحصة والمياسة وهند لتملك 4 عقارات بمساحة اجمالية تناهز 16 الف متر مربع في منطقة المتن (جبل لبنان).

ومن الثابت ان مجمل عمليات التملك العقاري لغير اللبنانيين التي يقرها مجلس الوزراء في جلساته، لا يعكس كامل المعطيات عن المجموع الفعلي والنهائي لحجم التملك بفعل الاستثناءات والتسهيلات التي وفرتها التعديلات التي اقرتها الحكومة مطلع العام 2001 على قانون تملك غير اللبنانيين بما فيها امكان انجاز عمليات عقارية محددة المساحة بحسب المنطقة ومن دون العودة الى مجلس الوزراء.

لكن يمكن الارتكاز الى هذه العمليات كأحد اهم المؤشرات النوعية لعمليات التملك العقاري لغير اللبنانيين، لجهة تصنيفها وتصنيف المناطق التي تستقطب الاهتمامات الخارجية للسكن او السياحة او الاستثمار العقاري، كما يمكن من خلالها استنتاج مدى التقدم الذي حققه تعديل قانون التملك لغير اللبنانيين. وتبيان جنسيات المهتمين واهتماماتهم. وكل ذلك يؤثر في توجيه السياسات العامة والخاصة في القطاع العقاري.

ويؤكد تجار وسماسرة عقاريون، ان عودة لبنان الى صدارة مفكرة اهتمامات مواطني دول مجلس التعاون الخليجي، كمقصد للاصطياف والسياحة وقضاء العطلات والاجازات، ولاغراض التعليم والاستشفاء، يشكل دعامة هامة لآمال استعادة النشاط العقاري الذي يعاني من ركود متماد منذ ربيع العام 1996 على اثر الاعتداءات الاسرائيلية الواسعة النطاق التي شهدها لبنان عامذاك وطالت مؤسساته ومرافقه العامة والمناطق الداخلية. وتكرار هذه الاعتداءات، وان بحجم اقل، خلال السنوات اللاحقة، مما اسهم بتراجع موقع لبنان في الخارج، وبالاخص لدى مواطني دول الخليج.

ويعتبر خبراء اقتصاديون، ان الحكومة اللبنانية نجحت باستثمار تداعيات احداث 11 سبتمبر (ايلول) 2001، وتحرير منطقة الجنوب في مايو (ايار) العام 2000 بما فيه تحييد عامل الاعتداءات الاسرائيلية، واستطاعت عبر اجراءات اقتصادية وتسهيلات متنوعة ابرزها الاعفاء من سمات الدخول وتعديل قانون التملك وقوانين الاستثمار وتطوير السوق المالي ودعم مهام المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمار وتشجيع التبادل التجاري مع الدول العربية وتحريره تباعاً. وسوى ذلك من خطوات تكاملت مع معطيات داخلية وخارجية، اسهمت باعادة لبنان الى خارطة السياحة العربية والدولية.