المشاركون في «موعد الاستثمار العربي» في الرباط يؤكدون أهمية تعزيز التجارة البينية العربية وتحسين مناخ جذب رؤوس الأموال

الاستثمارات العربية البينية لا تتجاوز 2.5 مليار دولار * المشاركون يؤكدون سرعة الإصلاحات الاقتصادية للوصول لمنطقة التجارة الحرة العربية

TT

انطلقت امس في الرباط فعاليات «موعد الاستثمار العربي» برعاية من العاهل المغربي الملك محمد السادس. وركز المشاركون على اهمية الاستثمارات العربية البينية مؤكدين على ضرورة تهيئة المناخ الاقتصادي المناسب وتسهيل الاجراءات القانونية لعودة رؤوس الاموال العربية من الخارج.

وشدد عبد العزيز مزيان بلفقيه مستشار العاهل المغربي الملك محمد السادس على أن تفعيل إقامة منطقة للتجارة الحرة العربية الكبرى على أرض الواقع من شأنه أن يشكل قفزة نوعية وعملية في علاقات التكامل والتعاون العربي المشترك في جميع المجالات.

ووصف بلفقيه الذي كان يتحدث أمس في الرباط في افتتاح «موعد الاستثمار العربي» الظرفية التي تجتازها الأمة العربية بأنها «عصيبة جراء التطورات المتسارعة التي تشهدها منطقة الخليج العربي والشرق الأوسط، وهي ظرفية من شأنها مضاعفة الآثار السلبية على الاقتصادات الدولية بفعل تداعيات أحداث 11 سبتمبر (أيلول)، وما ترتب عنها من نهج كبريات الشركات والمستثمرين سلوك الانتظارية والحذر. وأبرز بلفقيه أن الاقتصادات العربية عرفت نتيجة لذلك انخفاضا في نسبة النمو وتراجعا في مستوى التبادل التجاري وتقلصا ملحوظا في حجم الاستثمارات مع ما رافق ذلك من انعكاسات سلبية على المستوى الاجتماعي، مشيرا إلى محدودية مستوى العلاقات الاقتصادية بين البلدان العربية في مجالات الاستثمار والمبادلات التجارية «على الرغم من المجهودات الهادفة إلى تطوير اقتصادياتها باعتماد جملة من الآليات في مقدمتها الخوصصة، وتطوير النظام المصرفي وتوفير المناخ الملائم لجلب الاستثمارات المحلية والأجنبية». وشدد بلفقيه على ضرورة اعتماد مقاربة جديدة للاستثمار كفيلة بتقويته وتنويع مجالاته في إطار توطيد جسور التكامل وتمتين أواصر التعاون بين الأقطار العربية. «مقاربة تجسدها الرهانات المتعددة التي نتوخى كسبها من خلال موعدنا مع هذا المخصص للاستثمار العربي»، ووصف إعلان أغادير للتبادل الحر بأنه «خطوة عملية مفتوحة أمام الدول العربية للدفع بمسلسل الاندماج الجهوي».

من جهته، اقترح عبد الرزاق المصدق الوزير المنتدب لدى الوزير الأول الملكف بالاقتصاد أن يصبح موعد الاستثمار العربي سنويا وينعقد بالتداول بين الدول العربية، واعتبر المصدق في كلمته أن انعقاد هذا الموعد رغم الظروف العصيبة التي تمر بها الأمة العربية «وطبول الحرب التي تتوعدنا خير رد على ما يدور حاليا في الساحة الدولية وأصدق برهان على خيار السلام الذي نتوق اليه باعتباره السبيل الأمثل لتحقيق الرخاء والازدهار والاطمئنان في مختلف أرجاء وطننا العربي». وبخصوص الآثار المحتملة للهجوم على العراق قال عبد الرزاق المصدق أنه يصعب التكهن بها، واعتبر أن المشاركة المتكاتفة في الملتقى تشكل أفضل رد من الدول العربية على سلبية الظرفية الدولية وعلى طبول الحرب التي تدق. وقال إن من مزايا هذه الظرفية أنها أظهرت لرأس المال العربي أن الأفضل بالنسبة له أن يستثمر داخل الوطن العربي من أجل تحقيق الرخاء والطمأنينة والسلام.

وأشار المصدق في ندوة صحافية عقدت على هامش المؤتمر إلى أن من بين أهداف الملتقى تجاوز واقع النقص في المعلومات حول الأسواق وفرص الاستثمار، والتي تشكل أبرز معوقات تدفق الاستثمارات العربية البينية، والتي ستشكل موضوع اجتماع وكالات ترويج الاستثمار العربية المقرر خلال اليوم الثاني للقاء. كما أشار إلى أن المغرب سيعرض خلال الملتقى 17 مشروعا، تقدر قيمتها الإجمالية بنحو 3 مليارات دولار تقدمها شركات ومصارف أعمال مغربية بهدف البحث على شركاء.

عن سؤال حول القانون المتعلق بتنظيم زيارة وإقامة الأجانب في المغرب، والذي طرحته الحكومة مؤخرا على البرلمان أجاب المصدق بأنه لا يرى فيه أي شيء يعاكس تدفق الأموال والاستثمارات العربية إلى المغرب. وقال «القانون تقدمت به حكومة، أنا عضو فيها، ولو كانت لدي عليه تحفظات لأبديتها قبل تقديمه».

وقال مأمون ابراهيم حسن مدير عام المؤسسة العربية لضمان الاستثمار بان الاستثمارات الاجنبية اصبحت اهم مصدر لتحديث التنمية في الحقبة الراهنة، ففي مدى عقد من الزمن 1990-2000 بلغ تدفق الاستثمارات الخاصة 4 اضعاف التدفقات الرسمية، ومعلوم ان جل التدفقات للدول النامية ترتكز في دول كالصين وهونغ كونغ والبرازيل، وقد رشح عدد من دولنا العربية لدخول نادي الكبار في الدول النامية التي تستقطب الاستثمار. ودعا الخبير الاقتصادي مأمون حسن الدول العربية الى زيادة مواردها لتحسين ادائها الاقتصادي.

وركز مأمون في كلمته على اهمية استقرار المناخ السياسي لأنه العنصر الفاعل لجذب الاستثمارات، كما اكد على أهمية اثر العامل الاقتصادي في مناخ الاستثمار واعتبره من العوامل الحاسمة. فالاستثمارات تتدفق على الاقتصادات التي تنحو بوتائر عالية وباطراد وتتصف بعجز طفيف في الموازنة العامة، يقابله عجز في ميزان المدفوعات يمكن تحويله بواسطة التدفقات العادية من المساعدات الاجنبية او الاقتراض من الاسواق الدولية ومعدلات متدنية من التضخم، وسعر صرف معقول. كما اكد الخبير مأمون على اهمية الترويج للاستثمار وللقطاعات الاقتصادية، واعتبر المغرب خير مثال للدول على ذلك حيث ادرك المسؤولون المغاربة اهمية وسائل الترويج والاهتمام بالمستثمر المحلي والدولي.

وفي كلمته كشف الخبير الاقتصادي مأمون عن هجرة الاموال العربية وتوجهها للاسواق الخارجية حيث قدرها بنحو 800 مليار دولار. وقال ان خير موطن لهذه الاموال هي الارض العربية مضيفا بان هناك فرصا استثمارية واعدة في البلاد العربية اصبحت محطة جذب للاستثمارات الاجنبية.

من جانبه شرح الدكتور احمد محمد علي رئيس البنك الاسلامي للتنمية في الملتقى اهمية الدور الاقتصادي والتنموي الذي لعبه البنك في مشاريع التنمية العربية، حيث استطاع البنك من خلال نوافذه المختلفة ان يستمر في دعم تمويلات في المغرب بنحو 1500 مليون دولار لتمويل العديد من المشروعات وعمليات التجارة.

ودعا رئيس البنك الاسلامي للتنمية الى سرعة زيادة الاستثمارات العربية البينية موضحا بان الارقام تكشف بجلاء عن تدني هذه الاستثمارات لمستويات ضعيفة حيث لم تتعد 2.5 مليار دولار عام 2001 وهو ما يمثل 0.34% فقط من اجمالي الاستثمارات الخارجية العالمية المباشرة كما ان تدفق الاستثمارات الاجنبية الى الدول العربية لم يتجاوز 6 مليارات دولار وهو ما يتعدى 0.8% من اجمالي الاستثمارات الخارجية، وهذا الوضع لا يتناسب مع القطاعات الكبيرة الكامنة في العالم العربي سواء بالنسبة لرأس المال الموجود في البلاد العربية والذي يبحث عن فرص ثانية للاستثمار.

وأكد رئيس البنك الاسلامي على أهمية تحليل اسباب هذه الوضعية ووضع الحلول المناسبة لها والتغلب على المعوقات التي تحول دون تدفق الاستثمارات العربية البينية من جهة ودون استقطاب الاستثمارات الاجنبية الى العالم العربي من جهة اخرى.

واشاد رئيس البنك بالخطوات التي نفذها مجلس التعاون الخليجي في طريق التعامل الاقتصادي، كما اشاد بسعي الاتحاد المغاربي في تنشيط العمل المشترك وأسهب رئيس البنك الاسلامي في شرح المشاريع التي بذلها البنك خلال السنوات الماضية معتبرا ان البنك يولي اهتماما بالقرارت ويسعى لتقديم المساعدة العينية للازمة لتهيئة المناخ المناسب للاستثمار في الدول العربية.