اقتصاديون عرب يضعون لـ«الشرق الأوسط» تقديرات حول خسائر الاقتصاديات العربية من الحرب المحتملة على العراق

TT

توقع خبراء وصناع قرار اقتصاديون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» على هامش منتدى الاستثمار العربي المنعقد في الرباط، أن تكون تأثيرات الحرب المحتملة في العراق شديدة على الاقتصاديات العربية، وخصوصا في ميادين الطاقة والسياحة والنقل والخدمات والتأمينات.

وقال عبد الرحمان يماني فلفلة رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لهيئة المجموعة المصرية للاستثمار، ان خسائر الاقتصاد المصري من الحرب المحتملة، تقدر بما لا يقل عن ستة مليارات من الدولارات الأميركية، وتتركز في قطاعات السياحة والصادرات والخدمات والنقل. وأضاف يماني ان الاقتصاديات العربية ستصاب بخسائر كبيرة في حالة قيام حرب في العراق.

وقال يماني لـ«الشرق الأوسط» ان أفضل رد على تحديات الحرب الحتملة يتمثل في تجسيد هيئات الاستثمار والاقتصاد العربية من خلال منتدى الرباط، وتكريس المزيد من التوحد والاندماج في ما بينها، وتعميق الثقة بين البلدان العربية من خلال خلق شبكات تعاون بين صناع القرار ورجال الأعمال العرب، وإنشاء مشروعات اقتصادية مشتركة وتوسيع دائرة السوق الحرة بين الدول العربية، كعلاج لمشاكل العولمة وتحدياتها.

وقال جمال باعامر رئيس نادي المستثمرين العرب في المغرب، ورئيس شركة كورال السعودية بالمغرب (فرع كورال هولدينغ العالمية)، ان المستثمرين العرب يتمنون أن لا تقع الحرب لأن نتائجها ستكون وخيمة على الجميع اقتصاديات وأجواء نفسية وعلى المستثمرين خصوصا.

وتوقع باعامر لـ«الشرق الأوسط» ان يرتفع سعر النفط الخام في حالة وقوع الحرب، وسيكون لذلك تأثير على اقتصاديات الدول العربية، بمستويين، مستوى أول يضم دولا ستتأثر على مدى قريب ومستوى ثان ويضم دولا ستتأثر على مستوى متوسط وبعيد. وأوضح باعامر ان الدول العربية المستوردة للطاقة مثل المغرب، ستقع في عجز. وحول تقديراته لحجم العجز بالنسبة للمغرب، أوضح أن ارتفاع سعر برميل النفط بدولار واحد يكلف المغرب يوميا نصف مليون دولار أميركي.

وحول احتياطات شركة «لاسمير» المغربية لتكرير وتوزيع البترول بالمغرب، التي تملك مجموعة كورال السعودية أغلبية رأسمالها، قال ان الشركة بدأت تتخطى الصعوبات التي واجهتها أخيرا بسبب حريق مصفاة المحمدية، وانطلقت عمليات البناء وإعادة التأهيل ويجري تنفيذ برنامج الشركة بخطى متسارعة. ولاحظ أن أجواء المخاوف من الحرب، ضاعفت جهود الشركة لإعداد المخزون من المحروقات. ولدى الشركة حاليا احتياطي لتغطية استهلاك ثلاثة أشهر. وتوقع ان ترتفع بقيمة 30 ألف برميل يوميا لتناهز في المجموع 90 ألف برميل يوميا وهو ما يعادل 75 في المائة من الطلب المحلي، وذلك بعد تشغيل الوحدة الإنتاجية الثانية التي تضررت بسبب الحريق، مشيرا ان الشركة تسير حاليا بنسبة 50 في المائة من طاقتها الإنتاجية (60 ألف برميل في اليوم).

وبالنسبة لتأثير الحرب المحتملة على الدول المصدرة للبترول، قال باعامر ان توقف انتاج العراق يحتمل أن يكون شاملا أي في حدود توقف انتاج 2.5 مليون برميل، ويتوقع أن تتم تغطيته من الدول المنتجة الأخرى، لكن ينتظر في كل الأحوال أن ترتفع اسعار النقل في منطقة الشرق الأوسط وهو ما سيؤثر في عمليات التصدير بسبب ارتفاع تكلفة الشحن البحري وأزمة في النقل الجوي نتيجة مخاوف شركات النقل.

ومن جهتها توقعت باتريسيا فرانسيس مسؤولة الاتحاد العالمي لهيئات الاستثمار ان تكون انعكاسات الحرب المحتملة في العراق على الاقتصاديات العربية والإسلامية واسعة وسلبية جدا، وأضافت ان الحرب تؤدي الى شلل في التنمية والاستثمار وان القطاعات المرتبطة بالنقل كالسياحة ستتأثر أكثر من غيرها.

وقالت فرانسيس لـ«الشرق الأوسط» ان على صناع القرار في العالم العمل من أجل تفادي تلك الخسائر من خلال إيجاد بدائل وخطط لتقليص قيمة الخسائر، معتبرة أن منتدى الاستثمار في الرباط، مناسبة ملائمة للتعاون بين صناع القرار الاقتصادي في العالم العربي ودول العالم الأخرى لبلورة فرص ومشاريع تتلاءم مع مؤهلات هذه المنطقة وتساهم في تحسين وضعها في الاقتصاد العالمي، وأشارت الى أن المنطقة العربية لا تستقطب حاليا سوى نسبة ضئيلة من الاستثمارات العالمية، ولا تتجاوز حصتها 6 في المائة.

وبرأي الخبير الاقتصادي السوري الدكتور صلاح الدين هارون(مقيم بالمغرب)، فإن الانعكاسات السلبية للحرب المحتملة في العراق ستكون سلبية جدا وستزداد أكثر في حالة طول الحرب، متوقعا ان تكون التأثيرات على الخصوص في النقل والتأمينات وأنشطة وخدمات عديدة، وسيؤدي مناخ الحرب إلى شلل في الاستثمار، كما يتوقع ان تشهد أسواق المال العربية تراجعا ارتباطا بالتراجع المتوقع لأسواق المال العالمية.

وقال الدكتور هارون لـ«الشرق الأوسط» ان الانعكاسات على الاقتصاديات العربية ستكون متراوحة بين اتجاهين سلبي وإيجابي، ارتباطا بعنصر البترول، وبالنسبة للدول المصدرة يمكن أن تستفيد من ارتفاع أسعار البترول والتي يتوقع أن ترتفع إلى 40 دولارا خلال الأسابيع القليلة المقبلة.

وأوضح أن ارتفاع سعر البترول بعشرة دولارات للبرميل، يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع قيمة واردات الدول المصدرة للبترول والتي تقدر على مستوى عربي بحوالي 30 مليون طن يوميا، مقدرا أن ترتفع قيمة الواردات بقيمة 300 مليون دولار يوميا.

ولاحظ الدكتور هارون أن الدول المستوردة للبترول مثل المغرب، ستكون المتضرر الأكبر، لأنها تستورد تقريبا جميع احتياجاتها من الطاقة، وسيؤدي ارتفاع سعر البترول الى ارتفاع فاتورة الطاقة وخصوصا على المدى القصير. وقال الدكتور هارون ان التوقعات المتوسطة والطويلة الأجل، تشير الى أن الولايات المتحدة الأميركية ستعمل إثر انتهاء الحرب المحتملة على فتح أنابيب البترول على المنطقة إلى أقصى مدى لها، مما سيؤدي الى انخفاض سعر البترول في حدود نهاية العام إلى حوالي 19 دولارا.

ووصف الدكتور هارون منتدى الاستثمارالعربي في الرباط بأنه رسالة سلام عربية في زمن الحرب، وهو مؤتمر يمكن ان يستفيد منه المغرب بسبب بعده الجغرافي عن منطقة النزاع والحرب، فضلا عن تأثيره الإيجابي في تدفق الاستثمار للمغرب الذي وضع تدابير محفزة ومناخا ملائما لجلب الاستثمارات.