تقرير: محاولات رفع طاقة إنتاج النفط العراقي تثير مخاوف المراقبين من حدوث خلل في السوق العالمي

TT

تتركز أنظار العالم وخاصة شركات النفط في هذه الآونة ـ وحتى من عقود خلت ـ على نفط العراق باعتباره ثاني أكبر احتياط نفطي في العالم بعد السعودية إن لم يكن الأول إذا ما توسع في عمليات الاستكشاف والتنقيب. فتبعاً للتقارير العديدة التي صدرت مؤخراً يصل احتياطي العراق النفطي الثابت إلى 112 مليار برميل ، وضعف هذا الرقم احتياطي محتمل. أما احتياطي الغاز فيبلغ نحو 110 تريليونات قدم مكعب. وأكد خبير نفطي أن العراق قادر على انتاج 8 ملايين برميل في اليوم خلال السنوات الست أو الثماني المقبلة مما يثير مخاوف المراقبين من أن يحدث خللاً في سوق إمدادات النفط العالمية. ونقل تقرير الشال الاقتصادي الاسبوعي في الآونة الأخيرة عن المركز الدولي لدراسات الطاقة في لندن قوله عن خبير النفط فاضل الجلبي بان العراق الذي يملك احتياطات مؤكدة بحدود 112 مليار برميل (الثاني في العالم ) يستطيع أن يصل بطاقته الإنتاجية إلى 8 ملايين برميل يومياً خلال فترة تتراوح ما بين 6 ـ 8 سنوات. ويضيف بأنه ربما يستطيع زيادة طاقته الإنتاجية إلى 10 ملايين برميل يومياً (السعودية 10.5 مليون برميل يومياً) إذا ما أخذنا في الاعتبار احتياطاته المحتملة والتي قد تبلغ 200 مليار برميل لأنه بلد لم يبذل فيه ما يكفي من جهود إستكشاف بسبب الحروب.

وقال تقرير الشال إن أثر النفط العراقي يعتمد بكل تأكيد على حالتي العرض والطلب العالمي على النفط، وطبقاً لجلبي ـ وإذا صدقنا تنبؤات إدارة معلومات الطاقة الاميركية أو وكالة الطاقة الدولية أو أوبك ـ فإن تنامي انتاج النفط العراقي لتلك المستويات في المستقبل لن يحدث خللاً في سوق الإمدادات النفطية العالمي. إذ أن الطلب على النفط البالغ في عام 2000 نحو 76 مليون برميل يومياً، سوف يبلغ طبقاً للمؤسسات الثلاث 90، 89، 96 مليون برميل يومياً على التوالي بحلول عام 2010، وسوف يبلغ 107 و104 و110 ملايين برميل يومياً على التوالي بحلول عام 2020. ذلك يعني أن الزيادة المطلقة في الطلب سوف تراوح ما بين 13 ـ 20 مليون برميل يومياً بحلول عام 2010 وبنحو 28 ـ 34 مليون برميل يومياً بحلول عام 2020. وسوف تعتمد تلك الزيادة وحسب الخبير النفطي فان مستوى أسعار النفط السائدة، أي أن نفطاً أرخص سوف يعني طلباً مستقبلياً أعلى، والعكس صحيح، فعند مستوى 25 دولاراً اميركياً للبرميل قد لا تتعدى الزيادة المطلقة في الطلب ما بين 6 إلى 15 مليون برميل يومياً في عامي 2010 و2020 على التوالي، ومع أسعار أقل قد تصل الزيادة إلى ما بين 7 ـ 20 مليون برميل يومياً في عامي 2010 و2020 على التوالي.

ويشير الخبير الى أن احتمالات تأثير النفط العراقي في المستقبل قد يكون كبيراً في أحوال الطلب الضعيف، ويشير إلى أن الإرتفاع الرئيسي لأسعار النفط في سبعينات القرن الفائت وتحول النفط إلى ملكية الدول، رفع إنتاج الدول النفطية خارج أوبك ـ باستثناء الاتحاد السوفياتي السابق ـ من 16 مليون برميل يومياً في عام 1974 إلى31.7 مليون برميل يومياً في عام 2002، بينما انخفض إنتاج أوبك لنفس الفترة من 31.4 مليون برميل يومياً إلى 25.2 مليون برميل يومياً.

وهو بذلك يختلف مع خبراء نفط عراقيين آخرين ـ إلى العودة إلى سياسة النفط الأرخص وإلى المشاركة النفطية مع شركات النفط العالمية، وذلك سيعمل على خلق مقاومة سياسية اميركية لارتفاع كلفة إنتاج حقولها، إذ سيؤدي إلى زيادة اعتمادها على نفط الشرق الأوسط. ويعتقد المحاضر أن العالم يعتمد حالياً بشكل خطر على النفط السعودي الذي يمثل 20% من النفط المصدر، ودخول العراق كعامل إمداد وموازنة رئيسي آخر يخفف كثيراً من حدة المخاطر السياسية، خصوصاً أنه لدى العراق المرونة في التصدير من الخليج العربي ومن البحر المتوسط. ويبقى من وجهة نظره بأن الارتقاء بقطاع النفط العراقي إلى مستوى مأمول يتطلب انفتاحاً على الخارج وتخصيصاً جزئياً، فواقع القطاع النفطي العراقي حالياً هو ما كان عليه خلال الفترة 1972 ـ 1974 عند تأميمه دونما تقدم. والاتفاقات التي عقدتها حكومة صدام حسين في وسط التسعينات مع شركات فرنسية وروسية وصينية تعطي الحق لهذه الشركات بمشاركة محدودة بالإنتاج ولمدة عشرين سنة وتغطي فقط حقولاً ضخمة مكتشفة في السبعينات ولم يتم تطويرها بسبب حروب العراق.

أما في تناوله لوضع النفط العراقي الحالي وحجم مصالح الآخرين في هذا النفط فقد ذكر تقرير الشال الاقتصادي الاسبوعي أنه لمعرفة ذلك لابد أن نعرف أن في العراق احتياطي نفطي ثابت يبلغ 112 مليار برميل وضعف هذا الرقم احتياطي محتمل، واحتياطي غاز يبلغ نحو 110 تريليونات قدم مكعب، وأن فيه بنى تحتية نفطية وغيرها مدمرة وتحتاج إلى إصلاح حقيقي وفي عمليات الإصلاح وإعادة البناء مصالح كبيرة أيضا. وطبقا لتقرير صادر في الشهر الماضي لوحدة معلومات الطاقةEnergy Information Administration ، يبدو أن لا أحدا لا يشارك في نصيب من حصيلة الإنتاج الرسمي وغير الرسمي (المهرب) للنفط، من الشركات الروسية والاميركية، إلى كل الدول المحيطة بالعراق، وعين هذه الدول أكثر على ما هو قادم. فالعراق الذي أنتج معدلا بحدود 2.45 مليون برميل في اليوم في عام 2001 هبوطا من معدل 2.59 مليون برميل في اليوم في عام 2000، يعاني من احتمالات هبوط أكبر (قد تبلغ 50% ) طبقا لتقرير من فريق للأمم المتحدة في منتصف العام الفائت ما لم يتلق عونا تقنيا حقيقيا. ويحاول العراق حاليا أن يحفر نحو 417 بئرا نفطية جديدة لتجنب تلك المشكلة، ومعظم الحفر يتم من قبل شركات روسية وصينية ورومانية وعراقية. وتعتبر الشركات الروسية أكبر المسوقين للنفط العراقي، نحو 50%، كما تعتبر شركات المصافي الاميركية أكبر المشترين له أو نحو 50% منه تقريبا.

وتمنى تقرير الشال أن يتم انتاج النفط العراقي مع المحافظة على مصالح الشعب العراقي. فأحد المخاطر الحقيقية هو عقد اتفاقات غير عادلة لأغراض وأهداف سياسية بحتة، وأحد المخاطر هو أن أي إنتاج للنفط تحت ضغط الحاجة يؤدي إلى تخريب دائم للمخزون النفطي، وتقول شركة استشارية (Saybolt International) في أكتوبر 1999، بأن الطرق المستخدمة في زيادة الإنتاج في العراق طرقا لا تقرها صناعة النفط.

وكان الخبير الاقتصادي الكويتي جاسم السعدون قد حذر قبيل الحرب الأميركية البريطانية ضد العراق من الانعكاسات السلبية لتغييرالنظام العراقي والاتيان بحكومة موالية للولايات المتحدة على صعيد التزامها بالسياسات الأميركية بما يخص قطاع النفط.

وقال حينها لـ«الشرق الاوسط» ان أحد مستشاري الرئيس الأميركي تحدث عن الرغبة في رفع نسبة الإنتاج النفطي العراقي إلى 3 ـ 5 مليون برميل يومياً إلا أن هناك شكوكا في التوصل لهذا الرقم بسبب الإمكانات التكنولوجية النفطية التي يتطلب رفعها إلى ذلك الحد إلى فترة طويلة. وشدد على ان أي زيادة كبيرة في الإنتاج سوف تؤثر سلباً على سوق النفط، كما إن احتمالات لجوء شركات النفط الكبرى لعقد اتفاقيات مشاركة مع العراق بشروط قد لا تكون بالضرورة في صالح العراق سيشكل عامل ضغط على الكويت والسعودية لتلتزم بنفس سقف الشروط التي تطبق مع العراق.