اقتصاديون سعوديون: على الوزراء التعرف على معوقات نمو الأعمال وفتح الأبواب الموصدة

دمج الصناعة بالتجارة ضروري بهدف تسريع الانضمام لمنظمة التجارة العالمية وفصل الاقتصاد عن المالية خطوة مطلوبة

TT

شغل الوسط الاقتصادي في السعودية امس الحديث عن القرارات الحكومية السعودية التي مست قطاعهم، كان في مقدمتها نقل نشاط الصناعة الى وزارة التجارة، والاقتصاد الى وزارة التخطيط، والكهرباء الى وزارة المياه.

وعلق على تلك القرارات عدد من الاقتصاديين، منهم، الدكتور سعد الغامدي نائب الرئيس التنفيذي في شركة عبد اللطيف جميل المحدودة، قائلا: ان ما يطلبه المستثمر في السعودية سواء كان مواطنا او رجلا اجنبيا هو انهاء معاملات وازالة البيروقراطية، وخلع «البشوت» والنزول الى المواطنين، لبحث مشكلاتهم، بدلا من الجلوس خلف الابواب المغلقة.

واضاف انه من الناحية العملية، فان اية عملية دمج او فصل بين الوزارات ليس الحكم فيها الى نوعية القرار وخلاصته، بل ما سينجم عن تلك الخطوات لصالح المستثمرين والتجار.

مشيرا الى انه من المفروض ان يزول عصر يبقى فيه الراغب في استثمار الاموال لايام كي ينهي معاملة بسبب غياب موظفين او تحكم آخرين في مصالح التجار، بل المطلوب هو العمل بجد من اجل قتل الروتين، وتسريع معاملات رجال الاعمال المحليين او الاجانب. وان النجاح او الفشل في تلك المهمة يقع على الجهات الحكومية ايا كانت مسمياتها التي تمنع التطور بدون حجة واضحة.

وتابع كلامه ان من يلجأ الى رشوة الموظفين في تلك الجهات ما هو الا مضطر لتسيير عمله بحكم التعقيد والتضييق على اصحاب المصالح والاعمال رغم مشروعيتها، وان القائمين في تلك الجهات هم مسخرون لتذليل الصعوبات وليس لوضعها.

من جهته، قال سعيد عسيري نائب رئيس اللجنة السياحية ولجنة الحج والعمرة، ان قرار ضم وزارة الصناعة الى التجارة، من شأنه ان يكون اكثر فاعلية من حيث توحيد الجهود، وان ارتباطات الجهتين تتقاطع في نقاط كثيرة، مما يجعل من الافضل دمجهما في كيان واحد.

واعتبر ان لهذا القرار فاعلية في موضوع مفاوضات السعودية للانضمام الى منظمة التجارة العالمية، مما يخلق انسجاما اكثر يسهم في تحقيق الهدف المنشود.

وفي السياق ذاته، قال الدكتور وديع كابلي الاقتصادي السعودي: «في ما يخص موضوع فصل الاقتصاد عن وزارة المالية، هو امر ناديت به شخصيا في عدة محافل اقتصادية، ومنذ فترة طويلة، اذ ان وزارة المالية يجب ان تفصل عن الاقتصاد، لأن المالية مثل الخزانة، او ما يسمى في النظام الاسلامي القديم بيت مال المسلمين. اما الاقتصاد بمفهومه الكلي فانه يتحكم في قطاعات عديدة: الزراعة والصناعة والخدمات والتجارة الداخلية والخارجية والناتج القومي الاجمالي، والارتباط بين التخطيط والاقتصاد افضل لأن طبيعة التخطيط اقتصادية، وليست سياسية او اجتماعية، فالخطوة السعودية الاخيرة كانت موفقة ومطلوبة، حتى ولو جاءت متأخرة».

وبشأن ضم وزارتي الصناعة والتجارة، قال «انه امر مختلف اذ كانتا منضمتين معا، ثم فصلتا، واليوم اعيدتا، وذلك حسب ما تراه القيادة من مصلحة البلد، وفي كثير من الدول تكون الوزارات مفصولة، وبعضها مدمجة، ودمج النشاطين ممكن وذلك حسب سياسة كل بلد».

واردف قائلا «ان دمج الصناعة مع التجارة بهدف تسريع مفاوضات منظمة التجارة العالمية، ليس وحيدا، وكنت افضل لو انشئت وزارة للتجارة الخارجية، وهي بالنسبة للسعودية ضرورة كونها تعنى بالتصدير والاستيراد، فمعظم تجّارنا هم في الاصل موردون، والسعودية مرتبطة بنسبة 90 في المائة بالتجارة الخارجية. وكان بالامكان ان تدمج التجارة الداخلية باعمال وزارة الصناعة او تترك لادارة الغرف التجارية.

وفي ما يتعلق بموضوع المفاوضات مع منظمة التجارة العالمية فهي قد فشلت في الماضي منذ عام 1995 حتى الآن، لسبب رئيسي هو عدم وجود متخصصين في التجارة الخارجية يديرون المفاوضات. حتى الوفود كان معظمهم من غير المعروفين في التجارة الخارجية ويحتاجون الى علم وخبرة. ومواضيع التجارة الخارجية معقدة ولها جوانب خارجية متعددة، وليس بالامكان لغير المتخصصين ان يلموا بها وبجوابنها المتعددة».

واختتم كلامه بأن المفاوضات يجب ان تشمل المتخصصين في مجالات قانونية وخاصة القانون الدولي، وشؤون الطيران، والبيئة، فالمفاوضات بها جوانب كثيرة. واعطت المنظمة للدول النامية فترة 10 سنوات تنتهي في 2005 لاصلاح اوضاعها، ويجب على الدول النامية ان تلتزم بذلك قبل فوات الفرصة.

ومعلوم ان الحكومة السعودية اصدرت اول من امس عدة قرارات، منها: الغاء وزارة الصناعة والكهرباء، ونقل نشاط الكهرباء من وزارة الصناعة والكهرباء الى وزارة المياه وتعديل اسمها الى «وزارة المياه والكهرباء» وذلك للعلاقة بين نشاط المياه ونشاط الكهرباء فى السعودية وللنسبة العالية من الكهرباء التى تنتجها محطات التحلية ولوجود «هيئة تنظيم الخدمات الكهربائية» التي ستضطلع بالدور الاكبر في وضع السياسات والتنظيمات الخاصة بهذا النشاط والاشراف والرقابة على حسن أدائه وربط هيئة تنظيم الخدمات الكهربائية بوزير المياه والكهرباء.

كما اقرت نقل نشاط الصناعة من وزارة الصناعة والكهرباء الى وزارة التجارة وتعديل اسمها الى «وزارة التجارة والصناعة» وذلك للترابط القوي بين نشاطي التجارة والصناعة ولوجود الهيئة السعودية للمدن الصناعية ومناطق التقنية التي ستتولى الدور الاعظم في تنظيم هذا النشاط من حيث وضع السياسات والتنظيمات الخاصة به والاشراف والرقابة على حسن سير أدائه وربط الهيئة السعودية للمدن الصناعية ومناطق التقنية بوزير التجارة والصناعة.

وأخيرا نقل نشاط «الاقتصاد» من وزارة المالية والاقتصاد الوطني الى وزارة التخطيط وتعديل اسمها الى وزارة «الاقتصاد والتخطيط» للترابط الوثيق بين الاقتصاد والتخطيط، وتعديل اسم وزارة المالية والاقتصاد الوطني الى «وزارة المالية».