مخاوف لدى القطاع الخاص العراقي من استحواذ الكويتيين والقطريين لغالبية عقود الشركات الأميركية

TT

بعد انتهاء العمليات العسكرية في العراق، باتت مسألة اعادة الاعمار عنوان المرحلة الراهنة بعد ان عهد الى حوالي ثماني شركات اميركية بعقود ضخمة في اعادة اعمار البلاد البعض منها انتزعها حتى قبل انتهاء الحرب. ورشة اعادة اعمار العراق التي لم تنطلق بعد بسبب الفوضى الامنية في البلاد والحاجة الى تقييم الحاجات حسب ما يقول مسؤولون عن الشركات الاميركية المعنية، اجتذبت الى عمان حوالي 900 شركة من مختلف انحاء العالم «للاستماع» الى ما سوف يقوله الاميركيون عن فرص الاستثمار في عراق ما بعد صدام حسين.

وتتناقض الرؤية التي يقدمها ممثلو الشركات الاميركية حول آلية العمل الملحوظة في اعادة اعمار البلاد مع التصورات المبالغ بها حول مبالغ ضخمة ستضخ في البلاد. ويشرح طوم الكينز نائب رئيس شركة بكتل اكبر الشركات الاميركية التي حصلت على عقود في العراق في مجالات المرافئ والمطارات والطاقة والمياه والمباني، ان التمويل الحكومي لهذه المشاريع يقتصر على 680 مليون دولار. ويقول ممثل الشركة الاميركية الضخمة ان عملية اعادة الاعمار لن تكون كاملة في ما يتعلق بالمباني بل ستقتصر على تبديل الابواب وتدعيم الجدران ولن تشمل المعدات الطبية في المستشفيات. والشركة التي لا تزال في مرحلة «درس حاجات» السوق العراقية، حصلت اخيرا على موافقة رسمية بتجاوز القوانين المرعية التي تمنع منح العقود الثانوية للشركات غير الاميركية. ويقول الكينز ان ثمة ستة الاف شركة من مختلف الجنسيات عبرت اخيرا عن اهتمامها بالحصول على عقود ثانوية في عملية اعادة اعمار العراق من مختف الجنسيات مشيرا الى ان المعيار التنافسي وحده سيقرر في اختيار الشركات المناسبة.

«لن نراعي اي امتيازات بالنسبة لجنسية الشركة فالحكومة الاميركية اكدت ان القرار في هذا الشأن يعود الينا، وسوف نختار الشركات الأفضل بحسب افضل العروضات والاسعار وافضل تسليم» مشيرا الى ان الاولوية ستكون للعراقيين في اعادة اعمار بلادهم. وقال المسؤول في الشركة الاميركية الكبيرة انه تم منح حتى الان 17 عقدا ثانويا لشركات متنوعة الجنسية مضيفا ان شركة البنى للتجارة العراقية حصلت على عقد لاعادة اعمار الطرقات المحيطة بالجسور المدمرة على ان تمنح شركتان اميركيتان اخريان عقدين لازالة ركام الجسور المدمرة واعادة اعمارها.

ورغم تأكيد المسؤول في الشركة الاميركية انها تضع في الدرجة الاولى التعاون مع العراقيين وان ورشة عمل ستقام خلال هذا الشهر مع الشركات العراقية للتعرف عليها، الا ان صناعي عراقي اكد ان المسؤولين الاميركيين عن اعادة الاعمار لم يجروا حتى الان اي اتصال مع القطاع الخاص العراقي الذي بات يشكل الان المحاور الوحيد لهم داخل العراق. وقال صالح الجلبي عضو مجلس ادارة اتحاد الصناعات العراقي «بادرنا الى زيارة المسؤولين الاميركيين وقلنا لهم ان القطاع الصناعي العراقي الخاص غير مسيس ولا علاقة له بالنظام السابق واننا نريد ان نأخذ حصة الاسد في تنفيذ المشاريع ولكن حتى الان لا يوجد اي جهود اعمار في العراق».

وقال الجلبي ان العراق يضطر اليوم الى استيراد النفط في الاردن والسعودية والكويت بسبب استمرار اغلاق مصافي النفط وان المحروقات باتت تباع باسعار خيالية في السوق السوداء العراقية. ولا يخفي الصناعي العراقي خوفه من ان ينتزع الكويتيون والقطريون غالبية العقود من الشركات الاميركية بسبب موقف الدولتين من الحرب ضد العراق، مؤكدا ان الصناعيين العراقيين يدعمون حصول الشركات الاردنية على الحصة الكبرى نظرا الى عمق العلاقات بين الاردن والعراق الذي كان يشكل الشريك التجاري الرئيسي للمملكة فضلا عن موقفها الداعم للعراق خلال الحروب السابقة.

ويؤكد ان الشركات الاميركية الحاصلة على عقود في العراق لم تقدم حتى الان اي مشاريع او عروض جدية الى الصناعيين العراقيين مهددا بانهم «سيقاتلون هذه الشركات اقتصاديا» في حال تبين انها تريد ابعادهم عن العملية.

ويتوقع حليم ابو رحمة المدير العام لجمعية المصدرين الاردنيين ان تشكل العلاقات المميزة مع القطاع العراقي الخاص وقرب الاردن من العراق امتيازات تدعم حظوظ الشركات الاردنية في انتزاع عدد لا بأس به من هذه العقود الثانوية والحفاظ بالتالي على موقع الشريك التجاري الاول مع العراق كما في الماضي. غير انه يشدد على ان جودة المنتج الاردني وسعره المناسب سيكونان ايضا عاملا فاعلا في نجاح الاردن في هذه المهمة وليس تميز العلاقات مع كلا الجانبين الاميركي والعراقي فقط.

ولا يزال حجم التعاون بين البلدين الذي انقطع على المستوى الرسمي بعد انهيار النظام العراقي وتوقف برنامج النفط مقابل الغذاء والبروتوكولات التجارية المنضوية في اطاره قيد الغموض بين البلدين. ويقول جمعة ابو حاكمة المدير العام لجمعية الصناعيين الاردنيين ان حجم الصادرات في شهر ابريل (نيسان) الماضي اثر سقوط بغداد بلغ خمسة ملايين دولار تركزت في شكل خاص على المشروبات الغذائية والسجائر والمعدات المنزلية والمواد الغذائية بشكل رئيسي. ويؤكد ان هذا الرقم الذي يصعب تقديره على وجه الدقة بسبب اقتصاره على مبادلات القطاع الخاص، ارتفع الى حوالي عشرين مليون دولار في الاشهر الاخيرة.