خبير: قطاع العقارات في لبنان يستعيد جاذبيته الاقتصادية وسط إقبال الخليجيين على التملك وإنشاء المراكز التجارية

المزايا الاستثمارية والتسهيلات في التسجيل وإجراءات الانفتاح سهلت ضخ الأموال وإعادة الثقة للسوق المحلي

TT

قال مقاولون ناشطون في مجال البناء وتجارة العقارات، ان المشاريع السياحية المتكاملة والمراكز التجارية الكبرى، باتت احدى السمات المهمة للنشاط العقاري المتزايد في لبنان، الى جانب النشاط الاهم المتعلق بزيادة اقبال الخليجيين وبالأخص من السعودية. والكويت والامارات، على التملك والاستثمار في مناطق الاصطياف.

ويعتبر المقاولون، ان الجمود العقاري الذي عاناه لبنان منذ عام 1996 بفعل تخمة السوق وتصاعد الاعتداءات الاسرائيلية آنذاك وتراجع الحركة السياحية، كاد يتحول الى خسائر كارثية على مستوى القطاع ذاته وعلى المستوى الاقتصادي العام بفعل وجود كتلة مالية تناهز 10 مليارات دولار مجمدة في هذا القطاع، لكن احداث سبتمبر (ايلول) 2001 وتصاعد التوتر في مناطق مختلفة من العالم كانت تشكل مقاصد سياحية اساسية، وخروج القوات الاسرائيلية من جنوب لبنان، وفر للحكومة عوامل موضوعية لاتخاذ مجموعة من الاجراءات المؤدية الى حفز الاستثمار العقاري، اسهمت في عودة القطاع مجدداً الى دائرة الضوء وعودة مجمل المؤشرات لتسجيل نمو مطرد للقطاع العقاري واستعادة جزء مهم من نسبة مساهمته في النمو الاقتصادي.

وقال المهندس حسان بيدس، وهو من المقاولين الناشطين في لبنان في حديث لـ«الشرق الأوسط» ان مجموعة الحوافز الجديدة التي وفرتها الحكومة في مجال الاستثمار العقاري وتجاوب الخليجيين مع هذه المزايا لتطوير وزيادة اعمالهم العقارية وتملكهم في لبنان، انعكسا بشكل واضح، على مجموع العمليات العقارية ومؤشراتها سواء لجهة مساحات البناء وعدد الرخص والمعاملات والرسوم العقارية، او لجهة عدد مراسيم التملك الخاصة التي يصدرها مجلس الوزراء في معظم جلساته الاسبوعية وبوتيرة متزايدة من عام الى آخر.

وحول اهم مزايا الاستثمار العقاري في لبنان أوضح بيدس «لقد قامت الدولة اللبنانية بخطوات كبيرة مهمة في مجال الاصلاحات الاقتصادية، فمن الناحية الواقعية او من الناحية القانونية، وبمزيد من التطوير والتحديث عبر وضع الخطوات اللازمة والضرورية لبناء مستقبل اقتصادي متين تمكنت من احداث نقلة نوعية، بشكل سريع، لتبديد المخاوف والهواجس الكبيرة التي تنتاب المستثمر العربي وذلك عبر التركيز على الاجراءات التي تساعد على الانفتاح وتكون حافزاً للتشجيع على العمل واعادة ضخ الاموال. وامكنها بذلك تكوين مجموعة مزايا استثمارية أهمها، الاستفادة من موقع لبنان الجغرافي الوسطي بين دول الشرق الاوسط وأوروبا ليكون مقراً اقليمياً للتجارة والصناعة وخدمات السياحة والثقافة ومن اهم مراكز الاستثمارات العقارية. حيث اتخذ العديد من المنظمات الدولية والاقليمية والعربية من لبنان مقراً لنشاطاتها ومؤتمراتها نظرا لتوفر الحوافز الاستثمارية لقطاعات الصناعة، السياحة والزراعة مع توقيع لبنان لاتفاقات ثنائية مع شركاء اوروبيين وعرب، بهدف زيادة الاستهلاك للسلع المنتجة محلياً، ومنها انشاء مركز تحكيم تابع لغرفة التجارة والصناعة والزراعة في بيروت وتوحيد جمعيات التحكيم في لبنان في هذا المركز، بهدف ايجاد حلول سريعة لاعطاء كل ذي حق حقه نتيجة لأهمية التبادل التجاري، والحرص على السرية المصرفية والنظام المصرفي الحر باعتبارهما من الاركان الاساسية للنظام المالي الحر، وقد قام القطاع المصرفي بخطوة مهمة من خلال انشاء شركات عقارية وعرض العقارات للبيع بأسعار ومدة مناسبة مما أمّن مردوداً لا يستهان به للمصارف. اضافة الى تحديد نظام ضريبي ملائم وكذلك اتفاقيات تفادي الازدواج الضريبي التي جذبت المستثمرين العرب لتشغيل اموالهم في لبنان ومن هذه الاتفاقيات اتفاقية تفادي الازدواج الضريبي بين لبنان ومصر عام 1996 واتفاقية تفادي الازدواج الضريبي بين لبنان والامارات عام 1998 واتفاقية تفادي الازدواج الضريبي بين لبنان وسلطنة عمان 2001.

ويضيف بيدس: لقد ساعدت ورشة الاعمار على نمو وتنشيط الحركة العقارية الاستثمارية الخاصة ببناء عقارات تجارية وسكنية. كما قامت الدولة بخطوات مهمة في اعادة العقارات المتروكة اثناء الحرب لأصحابها مما ترك ارتياحاً في النفوس ووضع هذه العقارات بقيد الاستثمار، وذلك الى جانب التسهيلات القانونية والنظامية في تأسيس الشركات وتسهيل عمل الشركات العربية والاجنبية في لبنان من خلال فروع محلية شرط الحصول على علم وخبر، وانشاء المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمارات ايدال التي تهتم بالمستثمرين خصوصاً وتصدر لهم التراخيص بمشاريعهم فتوفر عليهم عناء الذهاب الى الدوائر العقارية للمراجعات الادارية المضنية ومواجهة البيروقراطية فضلاً عن توفير معلومات عن المشاريع الاستثمارية وقابلية التعاون بين المستثمرين. كذلك انشاء مؤسسة كفالات لاعطاء قروض ميسّرة للاستثمارات الصغيرة والكبيرة ودعم الفائدة التي يدفعها المستثمر بنسبة 5 في المئة.

وحول تأثير هذه المزايا على نشاط السوق العقاري يقول بيدس: خلال السنوات الماضية لمسنا تحسناً عقارياً كبيراً. فأصبحت الصورة الدولية للقطاع العقاري في لبنان افضل بكثير مما كانت عليه بالأمس، وقد سجل التملك الخليجي في لبنان نشاطاً ملموساً في الآونة الاخيرة وذلك بفعل تعديل قوانين تسهل تملك العقارات وخفض رسومها داخل بيروت وخارجها من دون التمييز بين العرب واللبنانيين على حد سواء وتخفيف الاجراءات وتسهيل المعاملات ومكننة الدوائر العقارية وكل ذلك يصب في حركة تشجيع الاستثمارات وتحريك السوق العقارية.

ويوضح بيدس ان اقبال العرب على الاستملاك خارج العاصمة بقصد السكن والاصطياف واكبيه اعمال موازية قامت بها البلديات لتأهيل البنى التحتية وتحسين الشوارع والانارة في مناطق الاصطياف وتأمين الراحة وتوفير كافة الخدمات الاساسية للسائح مما ترك انطباعاً ايجابياً في نفوسهم. اضافة الى ضيق الارض في بيروت والاسعار المرتفعة، لذا فإننا نجد ان العاصمة تستقطب الاستثمار السياحي والتجاري اكثر من السكني.