3 دول عربية تبدأ خطوات عملية لتحقيق مبادرة الأمير طلال في إنشاء بنوك للفقراء

تسهيل الخدمات المالية والقضاء على استغلال المقرضين وإيجاد فرص عمل للقوى البشرية من أبرز الأهداف

TT

بدأت ثلاث دول عربية هي اليمن والأردن ولبنان خطوات عملية لإنشاء بنوك للفقراء التي أصبح قيامها ضرورة تفرضها الظروف الاقتصادية والاجتماعية.

ودعا الأمير طلال بن عبد العزيز رئيس برنامج الخليج العربي لدعم منظمات الأمم المتحدة الإنمائي «اجفند» منذ 7 سنوات إلى إيجاد آليات عملية لمكافحة الفقر من خلال الإقراض الصغير على غرار بنك جرامين «القرية» الذي أسسه في بنغلاديش قبل 24 عاما الدكتور محمد يونس، وحقق نجاحاً منقطع النظير، واستقطبت المبادرة المهتمين بقضايا المجتمع العربي ومشكلاته.

واكتسبت مبادرة الأمير طلال بشأن بنوك الفقراء تأييد أكبر عدد من الدول العربية، حيث طلبت بعض الدول تنفيذ مشروع البنك فيها. فقد تم استكمال الخطوات العملية لتنفيذ اول مشروع لتقديم القروض متناهية الصغر في الدول العربية، حيث تمت مصادقة مجلس الوزراء اليمني في جلسته بتاريخ 25 ديسمبر (كانون الاول) 2001 على مشروع قانون إنشاء «بنك الأمل للإقراض الأصغر» في اليمن كأول بنك للفقراء يتم تنفيذه على مستوى الوطن العربي. وقد تمت إحالة مشروع القانون إلى مجلس النواب لاعتماده وبدء العمل به.

أما في الجمهورية اللبنانية فقد تم تشكيل لجنة من خبرات قانونية ومصرفية وفنية لبحث أفضل الصيغ لتنفيذ المشروع، ويجري العمل على قدم وساق لإنشاء أول بنك للإقراض متناهي الصغر يتم تنفيذه في لبنان. وفي الأردن صدر قرار رئيس الوزراء بتشكيل لجنة توجيهية عليا برئاسة نائب رئيس الوزراء ووزير الدولة للشؤون الاقتصادية وعضوية عدد من الوزراء، أنيط بها وضع السياسات والمنهجيات العامة وإقرار مؤسسة تمويلية في الأردن على نسق بنك الفقراء، وتشكيل فريق من الخبراء والمختصين لاعداد وثيقة المشروع تمهيداً لعرضها على الجهات الممولة.

وفي المملكة المغربية تم عقد ندوة في الرباط في فبراير (شباط) من عام 2001 لبحث مدى إمكانية قيام بنك الفقراء لخدمة الشرائح الفقيرة هناك.

كما يجري التواصل حالياً مع المسؤولين والمختصين في كل من: السودان، وموريتانيا، وليبيا لبحث إمكانية تنفيذ مبادرة الأمير طلال في تلك الدول.

ومن خلال دراسة «أجفند» لمشروع بنك الفقراء، تقترح هذه الدراسة ان ينهج البنك السياسات التي تقوم على أن يكون الإقراض جماعياً حيث ان الثابت من المبادرات الناجحة أنها تعتمد على مبدأ تضامن المقترضين، وهذا هو سر نجاح هذه المبادرات. وتكون الأفضلية لإقراض النساء، دون تقديم ضمانات ولا وسطاء، تبعاً لما يقدم من بيان لأوضاع الفقراء، وبحيث يكون نظام الإقراض متكاملاً مع الادخار، وتكون هنالك معدلات فائدة ورسوم خدمات على القروض المقدمة ويتم التسديد على أقساط، كما تقترح الدراسة التي أعدها «اجفند» ان يكون تقديم القروض متناهية الصغر من خلال الجمعيات الأهلية، وذلك لحفز تلك الجمعيات على تحسين الأوضاع المعيشية للفقراء في أوساط المجتمعات، ومساعدتها لسد احتياجاتها ورفع قدراتها الإنتاجية.

* آلية بنوك الفقراء ويعتمد بنك الفقراء في العالم العربي مبدأ اقراض الصغير لشريحة افقر الفقراء، الذين تضيق أمامهم، بل تنعدم فرص الاقتراض من البنوك العادية بسبب الضمانات التي تطلبها، وهؤلاء يحتاجون إلى من يمدهم بالمهارة والمال للبدء في مشروع إنتاجي يدر الدخل ليساهموا في تحريك اقتصاد مجتمعهم المحلي وتنميته.

ويتم تحديد آلية الإقراض بعد دراسة دقيقة يتم بعدها تحديد ومعرفة عوامل تتعلق: بنسبة الفقر في البلد المعني، ودخل الفرد، وكلفة الأوضاع المعيشية ونسبة التضخم، والظروف الاجتماعية والاقتصادية المحيطة، وبناء على هذه العوامل يتم تحديد قيمة القرض.

وقد تم تطوير فكرة مبادرة الأمير طلال وتوسيعها بحيث يتم إنشاء بنك للفقراء في أحد الأقطار العربية، على أن يكون له فروعه في باقي الدول العربية لتقديم الخدمات لشريحة الفقراء.

إن اهتمام برنامج الخليج العربي بظاهرة الفقر وإدراجها في مقدمة اهدافه واولوياته نابع من قناعة رسختها تجربته عن قرب طيلة أكثر من عقدين مع مشكلات التنمية ومعوقاتها، وهي ان الفقر يمثل شرخاً يتعمق في المجتمعات البشرية وأنه يشكل منعطفاً خطيراً يهدد الإنسان وحضارته. ولذلك يكرس البرنامج جهوده للتخفيف من حدة هذه الظاهرة وانعكاساتها السلبية على المجتمعات النامية، وبالتعاون والتنسيق مع منظمات الأمم المتحدة الانمائية، والمنظمات الدولية والإقليمية، والجمعيات الأهلية، والجهات الحكومية العربية، ساهم البرنامج في دعم وتمويل أكثر من 600 مشروع في 125 دولة في العالم النامي.

* عقد محاربة الفقر يعود انتشار الفقر واتساع دائرته في كثير من المجتمعات إلى تراكم اخطاء اجتماعية واقتصادية تظهر عواقبها ونتائجها على المدى الطويل، فتكون الحلول صعبة ومكلفة. ومن ابرز اسباب تزايد الفقر الحروب والنزاعات المسلحة التي تضطر الملايين من البشر إلى النزوح وفقدان الوظائف ومصادر الرزق والعيش في ظروف قاسية.

ومن الانعكاسات الخطيرة للفقر حرمان قطاعات عريضة من المجتمعات البشرية من التمتع بنتاج الحضارة الإنسانية ومزاياها، وعزلها عن حركة التاريخ. وتؤكد الدراسات أن ضعف الحالة المادية يقلل تركيز الناس على القضايا المهمة، فعندما يطغى نشدان الصحة والأمن الغذائي على التفكير تتراجع أمامه كل الاهتمامات..

إن محاصرة الفقر ومعالجة مسبباته ليست فقط حاجة إنسانية ملحة بل صمام أمان اجتماعي. وتطور الديمقراطية في مسارها الصحيح مرتبط بمحاربة الفقر، لأن اتساع رقعة الفقر من العوامل التي تهدد الديمقراطية، أو على الأقل تشوهها، وتقلق استقرار المجتمع. فلا يمكن فصل الديمقراطية عن مكافحة الفقر لأن الديمقراطية معنية بتحقيق المساواة وتكافؤ الفرص، وتجاهل هاتين الدعامتين أوتغييبهما هو من الأسباب الرئيسية للظاهرة في كثير من المجتمعات.

فالفقر آفة ينبغي أن تواجه بالآليات المناسبة، وأما إذا تركت تعالج نفسها بنفسها فلا ينتظر إلا المزيد من التدهور والمعاناة. ولذلك خصصت الأمم المتحدة عقداً للقضاء على الفقر بدأ عام 1997 وينتهي في العام 2006، وقد أقرت الجمعية العامة هذا العقد بهدف لفت أنظار العالم وانتباهه لظاهرة الفقر البالغة الخطورة على البشرية بكل أجناسها وأعراقها، ويوم 17 أكتوبر هو اليوم العالمي لمكافحة الفقر، الذي تستنفر فيه الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة والحكومات والمنظمات الأهلية العاملة في مجالات التنمية البشرية لتسليط الضوء على الفقر ومضاعفاته.

* لماذا بنوك الفقراء ويرى برنامج الخليج العربي لدعم منظمات الأمم المتحدة الائتمانية «اجفند» أن المقصود بالفقر الذي طرحت من أجل مكافحته عن فكرة بنك الفقراء هو الفقر في الدخل والثروة حيث يقال هناك ثراء فاحش وفقر مدقع للدلالة على الهوة التي تفصل بين الأغنياء والفقراء وقد اتسعت هذه الهوة مع تطور المجتمعات.

ويرى البرنامج أن محاربة الفقر ومعالجة مسبباته ليس فقط حاجة إنسانية ملحة بل صمام أمن اجتماعي لأن اتساع رقعة الفقر من العوامل التي تقلق استقرار المجتمع ولهذا وإن كان القضاء على الفقر حلماً عريضاً يراود البشرية إلا انه ليس حلماً بعيد المنال إذا ما توافرت الإرادة والحكمة والعمل الجاد الصادق على مكافحته.

ولقد باتت الحاجة ملحة لتأسيس بنوك الفقراء في الوطن العربي وذلك لعدة اسباب تتمثل في ضرورة تفرضها الظروف الاقتصادية والاجتماعية في الوطن العربي، كما أن هناك حاجة كبيرة للإقراض الصغير في الدول النامية بشكل عام، والدول العربية على وجه الخصوص، حيث اصبح الإقراض متناهي الصغر أداة قوية معترفاً بها في كافة انحاء العلام للتخفيف من حدة الفقر، ورفع مستوى المعيشة، وخلق فرص العمل، وحفز النمو الاقتصادي، كما يعتبر الإقراض متناهي الصغر أداة تنموية قوية يمكنها الوصول إلى افقر الفقراء، ورفع مستوياتهم المعيشية والإسهام في نمو الاقتصاد، ولعل من الأسباب الداعية إلى إنشاء بنوك للفقراء أن القطاع المالي الرسمي أهمل نصف سكان البلدان النامية، وكان ما قدمه إليهم من خدمات أقل من المطلوب. إضافة إلى تزايد اهتمام الجهات المانحة الدولية بالتمويل متناهي الصغر، حيث اصبحت الحاجة ماسة إلى فهم المميزات والمنافع المحتملة للتمويل متناهي الصغر، كما أن التحول نحو تنمية القطاع الخاص والقطاع المالي جاء استجابة لتقلص دور الحكومة في الأنشطة الاقتصادية ليجعل التمويل متناهي الصغر جزءاً من الاستراتيجية العامة لتنمية القطاع الخاص.