القضاء يستجوب رئيس «يوكوس» ثاني أكبر مجموعة نفطية في روسيا

انخفاض قيمة أسهم المجموعة بقيمة 1.5 مليار دولار بعد اعتقال مسؤولها

TT

مثل خودوكورفسكي امس رئيس «يوكوس» ثاني اكبر مجموعة نفطية في روسيا امام النيابة العامة للاستجواب في اطار قضية اختلاس اموال عامة تورط فيها نائبه بلاتون ليبيديف، وبالرغم من ان خودوكورفسكي أكد للصحافيين ان الاسئلة التي وجهت اليه لا علاقة لها بيوكوس، حسبما ذكرت وكالة الانباء الروسية انترفاكس.

الا انه رفض اعطاء تفاصيل عن عملية الاستجواب «لأسباب قانونية».

وقالت انترفاكس ايضا ان اعتقال احد كبار مسؤولي شركة «يوكوس» الروسية النفطية ادى الى انخفاض حاد في قيمة اسهمها في بورصة الاسهم. ونقلت الوكالة عن مصادر اقتصادية ان قيمة اسهم الشركة انخفضت خلال اليوم بمقدار 1.5 مليار دولار. كما استجوب ايضا ليونيد نيفزلين المسؤول السابق في يوكوس في اطار القضية نفسها، حسب انترفاكس.

وكانت النيابة قد وجهت مساء اول من امس الى ليبيديف ـ 43 عاما رئيس المجموعة المصرفية «ميناتيب» التي تملك 61% من اسهم يوكوس تهمة «الاختلاس على نطاق واسع» واستغلال الثقة وعدم تطبيق قرار قضائي.

وكانت الشرطة الروسية قد اعتقلت الملياردير الروسي والذي يأتي ترتيبه الثالث عشر في قائمة اثرياء روسيا حسب مجلة «فوربس» لرجال الاعمال يشتبه في انه اختلس في 1994 اسهما تشكل 20% من رأسمال شركة اباتيت الحكومية التي تنتج اسمدة، تبلغ قيمتها 283 مليون دولار.

وقد اثار اعتقال ليبيديف اضطرابا في الاوساط السياسية والاقتصادية في روسيا.

وفي نظر عدد من المحللين وشخصيات سياسية روسية فان ادانة ليبيديف في الحقيقة تحذير موجه من السلطة الى خودوكورفسكي، 40 عاما، الذي كشف مؤخرا طموحات سياسية.

واعلن انه يدعم اثنين من احزاب المعارضة الاصلاحية هما مجموعة يابلوكو واتحاد القوى اليميني قبل اقل من ستة اشهر من الانتخابات التشريعية المقررة مطلع ديسمبر (كانون الاول). وكانت السلطات الامنية الروسية قد اعتلقت المسؤول المالي في شركة يوكوس النفطية بافل ليبيديف بتهمة جنائية. وربط زعماء سياسيون وبرلمانيون بين اعتقال احد مسؤولي شركة يوكوس التي تعتبر من كبريات الشركات النفطية الروسية وبين الحملة الانتخابية التي بدأت فعليا في روسيا. وقال رئيس لجنة الامن القومي في مجلس الدوما فيكتور ايليوخين في تصريح صحافي ان اعتقال احد مسؤولي شركة يوكوس يشكل محاولة لممارسة الضغوط على رئيسها ميخائيل خودوركوفسكي الذي سبق ان عبر عن رغبته في الوصول الى قمة السلطة في روسيا. واوضح ايليوخين ان الكرملين اراد من وراء هذه الخطوة افهام خودوركوفسكي بعدم الاقتراب من السلطة السياسية وعدم تقديم الدعم للاحزاب التي لا تريد لها السلطة ان تحتل موقعا متقدما في البرلمان القادم. وبعكس عدد من الاثرياء الروس الذين اختاروا المنفى على البقاء في روسيا تحت سلطة بوتين، اعلن خودوركوفسكي في تصريح مماثل انه غير عازم على مغادرة روسيا في الوقت الحاضر وانه سيواصل العمل على توحيد شركتي يوكوس وسيب نفط. ويعتقد مراقبون سياسيون ان خودوركوفسكي الذي قرر التمرد على قواعد اللعبة السياسية في روسيا سيلاقي نفس المصير الذي سبق ان حل بزملائه المليارديين اليهوديين بوريس بيروزفسكي وفلاديمير جوسينسكي اللذين ينتميان الى ما يسمى بالسبعة الكبار كما يصفهم موقع البي بي سي الالكتروني، مضيفا انهم رجال الاعمال الذين اقاموا امبراطوريتهم على اطلال الاقتصاد السوفياتي الذي كان قويا في وقت سابق وذلك عن طريق السرقة والتسول والاقتراض. والاستفادة من شراء سندات حكومية اجبرت الظروف المعيشية حامليها على بيعها لهم بأبخس الاثمان واشترى رجال الاعمال هذه السندات وتراكمت لديهم كميات كبيرة منها استخدموها للحصول على ممتلكات للدولة في مزادات خاصة. وكان يتم تسوية المزادات عن طريق تحديد سعر ثابت بشكل سري لكن الحكومة رأت انه شر أهون مقارنة بالاعباء التي تتحملها ميزانية الدولية في دعم منشآت القطاع العام. وكان هناك بالطبع حديث على نطاق واسع عن الايادي الخفية للبيروقراطيين الذين اشرفوا على الصفقات. وكانت النتيجة هي سيطرة سبعة رجال اعمال على نحو نصف السندات المالية في روسيا. وكان من اوائل رجال الاعمال واكثرهم ثراء بوريس بيريزوفسكي الذي بدأ في تكوين امبراطورية اعماله بتوكيل ضمن من خلاله الانفراد بحقوق بيع سيارات لادا. وكان الذكاء الذي تميزت به الخطة يتمثل في ان المصنع المملوك للدولة كان لا يزال ينتج سيارات لادا بتكلفة مدعومة في الوقت الذي كان يبيع فيه التوكيل هذه السيارات باسعار السوق الباهظة وشجعه على ذلك زيادة الطلب. وكان الاغبياء فقط هم الذين يدفعون الضرائب في تلك الايام. وقال بيريزوفسكي بنفسه في وقت لاحق انه لم يكن هناك انذاك رجل اعمال في روسيا لم ينتهك القانون مرة واحدة على الاقل. واستطاع بيريزوفسكي ان يشق طريقه الى عائلة الرئيس يلتسين واصبح صديقا لابنته. وقدم بعد ذلك شريكه رامون ابراموفيتش الى قصر الكرملين. وكان ابراموفيتش الذي توفي والداه وهو في سن الرابعة وقام اقاربه بتربيته في بلدة بعيدة في شمال روسيا تاجر نفط ناجح بالفعل. وأدت اول صفقة قام بها في عام 1992 الى توجيه اتهامات جنائية له اسقطت في وقت لاحق. ووحد بيريزوفسكي وابراموفيتش جهودهما في الصراع من اجل شركة سيبنفت خامس اكبر شركة للنفط في روسيا. وعندما اتضح في عام 1996 ان الرئيس يلتسين في طريقه لخسارة السلطة في السباق الانتخابي امام الشيوعيين نحى مؤيديه خلافاتهم جانبا ومولوا حملته لاعادة انتخابه. وفي المقابل احكم رجال الاعمال قبضتهم على الكرملين. وصور بيريزوفسكي نفسه على انه صانع الملوك وهي الصورة التي سعى الى ترسيخها في عهد الرئيس بوتين ايضا. لكن سرعان ما سقطت هذه المجموعة وتعين على بيريزوفسكي الهرب الى منفاه في لندن. لكن ابراموفيتش لم يضطر لذلك. فقد سعى الى ترشيح نفسه وفاز بمنصب حاكم تشوكوتكا وهو اقليم فقير لكنه غني بالثروة المعدنية. وانفق ابراموفيتش اموالا كثيرة على البنية التحتية في الاقليم وخطب ود كثير من السكان المحليين. وابراموفيتش ليس اول رجل اعمال روسي ولن يكون بالطبع الاخير الذي يقيم قاعدة له في الغرب وخصوصا لندن. ويستثمر ابراموفيتش ملياراته العديدة التي يملكها عن طريق شركة مسجلة في بريطانيا شأنه في ذلك شأن عدة رجال اعمال آخرين. وقد يكون ذلك طريقة لحماية الاثرياء من البيروقراطية الروسية التي لا يمكن توقع نتائجها لكن يبدو ان ذلك يتماشى مع طموح الرئيس الروسي بوتين لان يرى للشركات الروسية دور راسخ على الساحة العالمية.