190 مليون دولار معدل إنفاق المصارف السعودية سنويا على تطوير بنيتها التقنية

تطوير البنية التقنية للقطاع هيأ المجال أمام البنوك إلى استحداث وابتكار العديد من البرامج والخدمات المصرفية

TT

شهد القطاع المصرفي السعودي خلال السنوات الأخيرة نقلة نوعية في حقل التقنية المصرفية، مستثمراً النمو المتراكم في صناعة الاتصـالات وتقنية المعلومات في تدشين بنيـة تقنية متقدمة، مكّنته من مواجهة التحديات الاقتصادية التي واجهتها أجـزاء متفرقة مـن العالـم.

ويمثل طرح البنوك السعودية لسلسلة واسعة من الخدمات المصرفية الإلكترونية التي توفر للعملاء فرصاً لإنجاز احتياجاتهم المصرفية بسرعة ودقة وأمان، انعكاساً لتلك البنية التقنية المتقدمة، ولحزمة الأنظمـة المصرفية التي تم اعتمادها خلال السنـوات الأخيرة لمواكبة التطور التقني الكبيـر للمصـارف العالمية.

وتشير الإحصاءات والتقارير إلى أن معدل إنفاق البنوك السعودية على تطوير بنيتها التقنية يبلغ 720 مليون ريال (190 مليون دولار) سنوياً تتـوزع على أنظمة الميكنة الأساسية، ومنتجات الدعم الفني، وخدمات الصيرفة الإلكترونية، وأمـن المعلومـات، والشبكات الداخلية والخارجية، وأجهزة الصرف الآلي ونقاط البيع، وتطوير البنية الإلكترونية وخدمات الإنترنت (الخارجية) والانترنت (الداخلية)، مما جعل القطاع المصرفي السعودي يحتل مكانة مرموقة بين أفضل القطاعات المصرفية العالمية، بفضل مواكبته الدائمة لأحدث التطورات على الصعيد المصرفي، التي مكنته من تحقيق معدلات أداء مطرّدة التفوق، وأهّلته لطرح العديد من البرامج الاستثمارية والمصرفية ذات العوائد المالية الجيدة، بنسب مخاطر متدنية، مما عزز من ثقة العملاء في قدرة البنوك المحلية على الاستجابة لاحتياجاتهم المصرفية والاستثمارية، وتوفير الحلول المبتكرة لمتطلباتهم.

وأشارت مصادر مصرفية سعودية إلى أن أبرز القطاعات المصرفية التي تخضع عادة لعمليات التطوير ولتحديث الأنظمة إنما تتمثل في قطاعات الخدمات المصرفية للأفراد والشركات، وقطاع الاستثمار والخدمات الخاصة، والمحافظ التمويلية، وتداول الأسهم المحلية والعالمية. وأوضحت تلك المصادر أن تطوير البنية التقنية للقطاع المصرفي السعودي، قد هيأ المجال أمام البنوك المحلية إلى استحداث وابتكار العديد من البرامج والخدمات المصرفية التي تمكن العملاء من تنفيذ عملياتهم المصرفية بسرعة عالية في بيئة آمنة، عبر القنوات الإلكترونية التي أتاحت للعملاء التعرف على حساباتهم المصرفية، وتتبع الحركات المالية لأرصدتهم، وإتمام عملياتهم المالية بمرونة، كما أسهمت في الوقت ذاته في توسيع مظلة الخدمات المصرفية للبنوك المحلية لتشمل جميع المناطق في المملكة، بفضل الأنظمة المعلوماتية وشبكة التقنية للمصارف التي تلبي الاحتياجات المصرفية للجميع مع الحفاظ على نسبة أمان عالية، مما أسهم بشكل مباشر في زيادة فاعلية القطاع المصرفي ودوره الحيوي في دعم الاقتصاد الوطني.

ولعل من أبرز الخطوات، التي اتسمت بها مسيرة القطاع المصرفي السعودي، في حقل التقنية المصرفية، تأسيس شبكة أجهزة صرف آلي بلغ تعدادها نحو 3500 جهاز صرف تغطي مناطق المملكة كافة، وتمكن العميل من تنفيذ العديد من العمليات المصرفية مثل خدمة التعرف على الرصيد، وسحب النقد، وتحويل الحسابات داخل البنك، وتسديد فواتير البطاقات الائتمانية، وفواتير الخدمات العامة من ماء وكهرباء واتصالات، وخدمة إيداع الشيكات، والإيداع النقدي. هذا إلى جانب ما استحدثته بعض البنوك مؤخراً من توفير خدمة التسديد النقدي للمخالفات المرورية عبر أجهزة الصرف الآلي.

وفضلاً عن ذلك، فقد حقق القطاع المصرفي السعودي إنجازاً كبيراً في مجال تطوير الخدمات المقدمة عبر أجهزة الصرف الآلي وذلك بتدشين خدمة الصرف الآلي الخاصة بالمكفوفيـن التي تتيح لتلك الفئة إمكانية إتمـام عملياتهم المصرفية بالتعرف على الأرصدة، وإجراء السحوبات النقدية، وتسديد فواتير الخدمات العامة بيسر وسهولة من خلال الصوت، باستخدام لغة «برايل» للمكفوفين.

وإلى جانب هذا، أسس القطاع المصرفي السعودي شبكة ضخمة متفاعلة لنقـاط البيع، غطت جميع مناطق المملكة، وشهدت نمواً متزايداً خلال السنوات الأخيرة ليصل مجموعها إلى 24291 جهازاً بنهاية عام 2002م بزيادة قدرت بنحو 12% عن العام السابـق. وقد أتاحت هذه الشبكة للعميل تقليص الاستخدام النقدي من خلال دفع قيمة المشتريات عبر الشبكة السعودية للمدفوعات. وقد أشارت التقارير المصرفية إلـى أن عـام 2002م شهد سحب حوالي 188 ألف مليون ريـال (50 ألف مليون دولار) من خلال أجهـزة الصرف الآلي ونقاط البيع بإجراء 166 مليـون عمليـة تم تنفيذها على مـدار عـام 2002م.

وتوالت إنجازات القطاع المصرفي في حقل التقنية تباعاً، ولعل خدمة الإنترنت تعد الأبرز على هذا الصعيد، حيث استطاع القطاع المصرفي السعودي تسخير الإنترنت لخدمة عملائه عن طريق توفير حزمة واسعة من الخدمات المصرفية والاستثمارية عبر الشبكة العنكبوتية. فقد تمكنت البنوك السعودية، عبر مواقعها الإلكترونية، من توفير معلومات شاملة لعملائها عن البنك وعن الخدمات والمنتجات المصرفية التي يوفرها، إلى جانب ما أتاحته تلك المواقع لعملاء البنوك من إمكانية التعامل الفوري مع حساباتهم، وتنفيذ العمليات المصرفية بصـورة فورية وآمنة، كتنفيذ الحـوالات المالية عبر نظام «سريع» وحـوالات نظام «سويفت» بالعملات الأجنبية، والتحويل بين الحسابات داخل البنك أو إلى أي حساب معروف لدى البنوك السعودية وحول العالم، فضلاً عن إمكانية تسديد فواتير الخدمات العامة، وتسديد أقساط البطاقات الائتمانية، والتعامل مع الودائع وصناديق الاستثمار، وخدمات التخطيط المالـي.

وكانت خدمة تداول الأسهم العالمية عبر الإنترنت من أحدث الإنجازات التي حققها القطاع المصرفي السعودي في حقل التقنية، حيث أتاحت تلك الخدمة لعملاء البنك إمكانية تنفيذ العمليات المالية المختلفة في جميع أسواق المال العالمية بمرونة تامة، مع إبرام صفقات البيع والشراء الفوري، والإطلاع على المحافظ الاستثمارية، والتعرف على تطورات أسواق الأسهم العالمية، والحصول على المشورة اللازمة حول أفضل معـدلات الأداء للأسهم العالمية، ضمن ضوابط محددة وسرية تامة.

وكان القطاع المصرفي السعودي قد أطلق خدمة "الهاتف المصرفي" منذ منتصف التسعينات. وقد لاقت هذه الخطوة استحساناً وإقبالاً من قبل قطاع كبير من العملاء، لما توفره هذه الخدمة من إمكانية الاستفسار عن أرصدة الحسابات وحركاتها، وطلب كشوف الحسابات، وسداد فواتير الخدمات العامة، والحوالات المالية بين حسابات العميل وطلب دفتر شيكات، وغيرها من الخدمات التي أضافت أبعاداً جديدة من السرعة في إنجاز العمليات المصرفية للعميل.

ولمواكبة الانتشار السريع لأجهزة الهاتف «الجوال» بين مختلف فئات الشرائح الاجتماعية، قام القطاع المصرفي السعودي بطرح خدمة الحصول على الخدمات المصرفية عبر الهاتف الجوال من خلال استخدام خاصية الـ(WAP)، التي تتيح للعملاء الاستفسار عن أرصدتهم الحسابية والحركات المالية للأرصدة، وسداد فواتير الخدمات العامة، فضلاً عما تم استحداثه مؤخراً من خدمة طرح أسعار الأسهم العالمية عبر الجوال، مما أتاح للعملاء فرصة متابعة أسعار الأسهم العالمية في أي وقت وفي أي مكان.

ومن جهة أخرى، اهتم القطاع المصرفي السعودي بتهيئة العناصر البشرية ورفع مستويات كفاءتها وتنويع خبراتها مما يكفل لها القدرة على التعامل مع الأنظمة التقنية والارتقاء بمستوى الخدمات المصرفية المقدمة للعملاء. وقد عكفت البنوك المحلية على استقطاب الكـوادر البشرية السعودية وألحقتها بالعديد من البرامج التدريبية والتأهيلية المتنوعة المستويات، اشتملت على الدورات الداخلية، والدورات التي تعقد بالتعاون مع عدد من المؤسسات المالية العالمية والمحلية كالمعهد المصرفي التابع لمؤسسة النقد العربي السعودي، ومعهد الإدارة العامة وغيرهم.

وقد أسفرت تلك السياسات التدريبية عن تحقيق قفزات نوعية في نسب السعودة بين منسوبي القطاع المصرفي السعودي، وذلك خلال السنوات الأخيرة حيث بلغت نسبتها 77% تقريباًَ مع نهاية عام 2003م، بالنسبة للرجال و99% بالنسبة للنساء.

ويعكف القطاع المصرفي السعودي، في الوقت الراهن، على رسم الخطط التطويرية المستقبلية، بغية مواصلة تحسين الخدمات المصرفية المقدمة للعملاء وتطوير المنتجات والبنى التحتية للتجارة الإلكترونية في المملكة، وإيجاد نظام بديل يحل محل نظام الصرف الآلي القائم ووسائل الدفع الإلكتروني من خلال طرح بطاقات إلكترونية ذكية «سمارت كارد»، التي من المتوقع أن يحد وجودها من عمليات الاحتيال والتزوير والسرقة، نظراً لصعوبة التعرف على المعلومات المشفرة على البطاقة، وفي الوقت ذاته، فإن البطاقة الذكية تمكن العملاء من دفع قيمة مشترياتهم وإتمام عملياتهم المصرفية بسرعة وسهولة تامة. وقد بدأت بعض البنوك مؤخراً في اعتماد هذه البطاقات بالفعل في السوق السعودية، ومن المؤمل أن يعم استخدام البطاقة الذكية في البنوك المحلية كافة خلال العامين القادمين بعد إتمام تجهيزاتها التقنية والفنية الخاصة بها.

كما سيتم قريباً تقديم خدمة «سداد» وهي خدمة إلكترونية تتيح للمواطنين سهولة تسديد فواتير الهاتف والكهرباء والمياه عبر القنوات الهاتفية والإلكترونية بكل سهولة ويسر وبموثوقية عالية.